كشفت النتائج النهائية لإنتخابات مجلس الشعب الجديد (2012- 2017) عن تدني عدد السيدات اللاتي دخلن برلمان الثورة.. ووصل عددهم إلي 9 نائبات فقط بالإنتخاب من 498 .. بالاضافة إلى ثلات نائبات معينات. وأصبح السؤال المهم : هل دخول المرأة المصرية للبرلمان بهذا العدد القليل تتحمل مسئوليته المرأة وحدها فقط ؟ .. أم أن الشارع السياسي المصري لايفضل إنتخاب المرأة ؟ ولماذا تتخلي الأحزاب دائما عن الوقوف بجانبها ودعمها من أجل أن يكون لها تمثيل مشرف تحت القبة؟ هذه الأسئلة وعشرات غيرها تحاول الدراسة البرلمانية " نائبات الأمة تحت القبة " .. التي صدرت حديثاً الإجابة عنها . ترصد الدراسة ،التي أعدها محمد المصري – المحرر البرلماني لمجلة أكتوبر - ،قصة كفاح المرأة المصرية لدخول البرلمان، والمعارك السياسية التي خاضتها على مدى 80 عاما حتى تكون نائبة فيه. بداية المعركة فى البداية يشير المؤلف إلي أن أولي المعارك الحقيقية التى خاضتها المرأة من أجل حقوقها السياسية بدأت مع وضع أول دستور مصري عام 1923، والذي أغفل حق المرأة في الترشح للإنتخابات والتصويت في البرلمان أو "دار الإنابة" كما كانوا يطلقون عليه أولا . وقد أصدرت السيدات فى ذلك الوقت بيانا شديد اللهجة وقعته السيدة إحسان أحمد تهاجم فيه الدستور نفسه لأنه يقيد حرية المرأة ولم ينص على حقوقها السياسية. وبرز خلال هذه المعارك الضارية العديد من السيدات الفضليات اللاتي دافعن بكل قوة عن حقهن في التمثيل في البرلمان حتى تحققت مطالبهن.. وكانت علي رأسهن صفية زغلول وهدي شعراوي والمحامية منيرة ثابت والكاتبة الصحفية أماني فريد وغيرهن . ويستعرض المؤلف قصة كفاح المرأة المصرية لدخول البرلمان حتي قيام ثورة يوليو 1952، وشهد أول مجلس أمة في مصر 1957 دخول أول سيدتين هما راوية عطية وأمينة شكري . تمثيل أكبر وقد أشارت الداراسة إلى أن الفصليين التشرييعن الثالث والرابع شهدا أكبر تمثيل للمرأة تحت القبة، عندما أصدر الرئيس السادات قانوناً عام 1979 بتخصيص 30 مقعداً علي الأقل في مجلس الشعب، حيث دخل في الفصل التشريعي الثالث 35 نائبة والرابع 36 . ويضيف المؤلف أنه رغم أن تجربة دخول المرأة بكل هذا العدد الكبير إلي البرلمان كانت تجربة جديدة لم يعرفها البرلمان من قبل لكن الأرقام تشير إلي أن النسبة كانت متدنية للغاية بالمقارنة ببعض الدول العربية، فقد وصل عدد النائبات فى المدة 1957 -2010 ( 162 ) نائبة فقط ، بينما في تونس تصل نسبة تمثيل المرأة فى برلمانها 22% وفى موريتانيا 18% والسودان 14,7% ". ولهذا كان الحل لزيادة مقاعد المرأة فى البرلمان هو صدورالقانون رقم 149 لسنة 2009، والذي عرف بكوتة المرأة، لتشهد إنتخابات مجلس الشعب لعام 2010 دخول 64 نائبة بهذا النظام، حتي تم إلغائه بعد قيام ثورة 25 يناير . وتشير الدراسة إلي أن مضابط مجلس الشعب تقول أن راوية عطية وأمينة شكري كانتا أول سيدتين تدخلان مجلس الأمة، وأن أمال عثمان أول وكيلة للمجلس وفوزية عبد الستار أول رئيسة للجنة التشريعية، وهدي رزقانة أول سيدة تُرفع عنها الحصانة في تاريخ البرلمان المصري بسبب قضايا مالية مع بعض الخصوم، وأن أول زواج برلماني كان بين النائبة شاهيناز النجار وأمين تنظيم الحزب الوطني المنحل أحمد عز، وأن شاهيناز سجلت أول إستقالة نسائية في تاريخ البرلمان المصري . أفضل نائبات الشوري أما قضية دخول المرأة إلي مجلس الشوري ،فقد بدأت كما جاء في الدراسة، مع تعديل دستور 1971في عام 1980 ، حيث تم تعيين خمس نائبات بالإضافة إلي نجاح إثنين بالإنتخاب هما شفيقة ناصر والدكتورة نبيلة الإبراشي عن محافظتي القاهرة والجيزة. وتقول دراسات مركز المعلومات بمجلس الشعب أن اللاتي حصلن علي عضوية المجلس منذ بدايته عام 1980 حتي تجديد يونيو 2010 بلغ 53 سيدة منهن 49 بالتعيين وأربعة سيدات بالإنتخاب . ويقول المؤلف إن الكاتبة سكينة فؤاد من أفضل النائبات المعارضات تحت القبة ، حيث ساهمت فى إلقاء الضوء على قضايا تناقص الأراضى الزراعية وانخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية خاصة محصول القمح، وتصدرت بكل شجاعة لسياسة الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق فى زراعة الفراولة والكنتالوب واستخدام المبيدات المسرطنة! كما تصدت بكل جرأة لوزير الثقافة فاروق حسنى حول قضايا الإهمال والتدهور وسرقة الآثار المصرية، وحقيقة البعثات الأثرية التى تعمل فى ترميم آثارنا وأن الكفاءات المصرية لا تعمل فى الترميم ولا تتم الاستعانة بها، وأن المياه الجوفية تتراكم فى معبدى الأقصر والكرنك! و يوضح الكاتب إن المرأة تحت قبة مجلس الشوري تساهم بكل هدوء في المناقشات التي تجري في المجلس بعيدا عن الإلتزام الحزبي الذي يقيد بعضهن في مجلس الشعب .
غير مقبولة سياسيا وفي نهاية الدراسة يؤكد الباحث علي أن المرأة خلال مسيرتها فى مجلسى الأمة والشعب والتى تعدت النصف قرن .. وفى مجلس الشورى التى تعدت الثلاثين سنة أنها إستخدمت حقها التشريعى والرقابى الذى كفله الدستور للنائب تحت القبة .. وتقدمت بالأسئلة وطلبات الإحاطة والبيانات العاجلة وطلبات المناقشة للوزراء فى الحكومات المتعاقبة وأشتركت فى مناقشات بيانات الحكومات.. وفجرت بعض القضايا الخاصة بالمرأة العاملة والأحوال الشخصية وحماية الطفولة . وأضاف أنه مازلت الأحزاب عازفة عن ترشيح المرأة على قوائمها أو حتى الوقوف بجانبها فى نظام الإنتخابات الفردية، وذلك على الرغم أن عددها قد وصل إلى 24 حزبا كان آخرها حزب الجبهة الوطنية حتي عام 2010. وخير دليل على ذلك أن الحزب الوطنى المنحل رشح على قوائمه فى انتخابات 1987 ( 11 ) سيدة فقط ، وحزب الوفد ( 3 ) سيدات، أما حزباالتحالف " العمل والأحرار " فقد رشحا سيدة واحدة .. وفى عام 1990 رشح الحزب الوطنى المنحل ( 4 ) سيدات وحزب الأمة سيدتين وحزب مصر الفتاه سيدة واحدة .. وفى عام 2000 رشح الحزب الوطنى المنحل ( 6 ) سيدات والوفد ( 3 ) والعمل والأمة سيدتين من أصل 112 مرشحة .. والناصرى لم يرشح أحدا رغم كل ما يقولونه عن تشجيعهم للمرأة . وكانت الحجج التى يرددها المسئولون فى هذه الأحزاب أن المرأة لا تستطيع الصمود فى العملية الإنتخابية بما فيها من تجاوزات ..وإن الأحزاب لا تفضل ترشيح سيدات لأنها لاتريد أن تخسر مقاعدها فى البرلمان لأن المرأة أقل قبولا من الرجل عند الناخبين .. رغم أن الواقع يدل على غير غير ذلك !.