ياصاحب السعادة لقد اقتحمنا ابواب البرلمان وها أنا ذا أكلمك من مكتبك ومعي أكثر من ألف امرأة يطالبن بحقوقهن السياسية استنادا إلي تفسيرك أنت للمادة3 من الدستور والتي تنص علي أن كل المصريين متساوون في الحقوق المدنية والسياسية.. ولقد أعلنت انت نفسك ان كلمة مصريين تنسحب علي النساء والرجال وليس في الدستور مايمنع ذلك. ونحن علي ثقة انك لن تناقض ما أعلنت.. هذه الكلمات قالتها درية شفيق لزكي باشا العرابي رئيس البرلمان عبر الهاتف ومن مكتبه في فبراير سنة1951 عندما قادت مظاهرة نسائية مكونة من أكثر من ألف سيدة خرجن من أمام الجامعة الأمريكية وتوجهن إلي البرلمان واستمرت المظاهرة أربع ساعات.. بعد ذلك بست سنوات أي في عام1957 دخلت المرأة المصرية لأول مرة البرلمان بفوز سيدتين في الانتخابات هما راوية عطية شمس الدين عن قسم ثان محافظة الجيزة, وأمينة أبو العز شكري عن باب شرق بمحافظة الاسكندرية. والآن وبعد مرور خمسين سنة من جلوس المرأة المصرية تحت قبة البرلمان, هل كان أداؤها علي نفس مستوي معركتها التي استخدمت فيها المؤتمرات والمظاهرات والإضراب عن الطعام والاحتجاجات كوسائل للتعبير عن إصرارها علي نيل حقوقها السياسية ؟! وهل162 نائبة منهن22 بالتعيين والباقي بالانتخاب تكفي لتمثيل حواء في البرلمان عبر نصف قرن من الزمان أم أن القضية ليست عدد النائبات ولكن قدرتهن علي ممارسة دورهن النيابي؟.. وهل تبنت المرأة قضايا المرأة كما يجب, أم تاهت قضيتها تحت القبة وأصبحت تبحث عنها تحت قباب أخري؟.. وماهي سبل تعزيز المشاركة السياسية للمرأة والتي أشار إليها سيادة الرئيس محمد حسني مبارك في خطابه في العيد القومي للمرأة في مارس2005 حينما قال برغم ماكفله الدستور والتشريعات للمرأة من جميع حقوق المشاركة وأولها حق الترشيح والانتخاب, إلا أن علينا أن نعترف بأن الوضع الراهن لمشاركة المرأة في فعاليات الحياة السياسية لايزال أضعف حلقات تمكينها, ويمثل ذلك واقعا غير منصف وغير مقبول, يتعين السعي الجاد للتعامل معه, باعتباره قضية قومية لاتخص المرأة فحسب وإنما تخص المجتمع برمته. وبمناسبة مرور50 عاما علي دخول المرأة البرلمان أقام المجلس القومي للمرأة برئاسة السيدة الفاضلة سوزان مبارك احتفالا كبيرا ألقت فيه قرينة الرئيس كلمة أشارت فيها الي المشروع الذي بدأه المجلس لدعم القدرات البرلمانية للمرأة تشريعيا ورقابيا تحت اسم نحو اداء برلماني متميز للانتقال بها من مرحلة التمثيل في البرلمان إلي مرحلة التأثير فيه. واعربت د. فرخندة حسن أمين عام المجلس عن فخر نساء مصر بمساندة الرئيس مبارك لهن واقتناعه بدورهن في التنمية. د. محبات ابو عميرة أمينة المرأة في الحزب الوطني عن العاصمة تقول انه برغم تضاعف اعداد النساء المقيدات في الجداول الانتخابية إلا أن نسبة عضوية المرأة في مجلس الشعب تعتبر نسبة ضئيلة جدا حيث تبلغ الآن1.2%. وبرغم ذلك وكما تؤكد أمينة المرأة بالحزب الوطني بالقاهرة هذه القلة اثبتت كفاءتها في الاداء البرلماني المشرف حيث تشارك العضوات في تقويم الموازنة العامة للدولة وايضا يشاركن في تقديم الاستجوابات وطلب الإحاطة وابداء الرأي في الاتفاقيات الدولية فالعبرة ليست بقلة العدد ولكن بقدرتهن علي ممارسة دورهن البرلماني. وتطالب د. محبات بأن يكون هناك40 مقعدا بما يعادل10% من الأعضاء تخصص للمرأة حتي يحقق عدد العضوات العدالة الاجتماعية علي حد تعبيرها وتقول مطلوب في المرحلة القادمة ان نبدأ بانتخابات المحليات بتطبيق نظام القائمة ثم نصل بالمحليات إلي المستوي الأعلي وعلي الأحزاب السياسية وأمانات المرأة تشجيع النساء والفتيات في الريف والحضر علي خوض المجال السياسي وقد كلفت أمينات المرأة في الأقسام في محافظة القاهرة بأن يقيدن السيدات والفتيات في الجداول الانتخابية ودق أبواب المنازل لمخاطبة ربات البيوت ورفع وعي النساء بأهمية الصوت الانتخابي للمرأة. وتأمل أمينة المرأة بالحزب الوطني بالقاهرة أن يتيح تعديل المادة62 للمرأة حدا أدني من المقاعد في مجلسي الشعب والشوري في الانتخابات القادمة وتري أن الجمع بين نظامي الفردي والقائمة هو الحل الأفضل لتعزيز تمثيل المرأة. أما د. عواطف سراج الدين إحدي المهتمات بالعمل العام ورئيسة جمعية حياتي فتري أن المرأة تحت قبة البرلمان ليست مؤثرة وأداءها ضعيف وتطالب بنوعية مختلفة من النائبات يستطعن المناقشة والمواجهة فالبرلمان يختلف عن المحليات التي تهتم بأمور الصرف الصحي علي حد تعبيرها وتقول لابد للأحزاب أن تضع المرأة علي رأس القائمة إذا أصبح الانتخاب بنظام القوائم. وتبدي د. إيمان بيبرس الخبيرة في قضايا المرأة والمستشارة في قضايا التنمية الاجتماعية دهشتها من نسبة تمثيل المرأة المتدنة في البرلمان والتي بدأت منذ50 سنة بنصف في المائة ووصلت الآن الي1.2 في المائة برغم كل القوانين التي تم تغييرها في سبيل تعزيز تمثيلها في البرلمان ودعم القيادة العليا لقضاياها بوجه عام, وتقول آن الأوان لأن تتراجع الأحزاب عن موقفها بعدم ترشيح سيدات في قوائمها لأن الشارع المصري لايفرق بين رجل وامرأة في العمل العام وذلك من منطلق تجربتي الشخصية والاحتكاك بالمواطنين من جميع شرائح المجتمع. وتلقي د. ماجدة باجيند أستاذة الإعلام بالجامعة الأمريكية بالمسئولية علي الإعلام نفسه وتقول أن إسلوب التوعية بحقوق المرأة السياسية في وسائل الإعلام ليس هو الأسلوب الأمثل فالتوعية ينبغي أن تكون جذابة ومشوقة للمشاهد والمستمع مع القاء الضوء علي النماذج المشرفة تحت القبة وان كنت اري ان صورة المرأة تحت قبة البرلمان غير مؤثرة. وتدين أستاذة الإعلام أيضا المرأة نفسها وتقول رغم نهضة المرأة منذ نحو قرن إلاأنها تتراجع لدرجة أنها تعين في البرلمان ولاتنتخب إلا قليلا رغم أن الدولة لاتقف ضدها بل تساعدها وتساندها في كل المواقع.. وتقترح د. ماجدة إنشاء جمعية أهلية تختص بتربية جيل جديد من النساء حتي يصبح لدينا30% علي الأقل من السيدات تحت قبة البرلمان.. وتتسائل استاذة الإعلام قائلة لماذا لانستغل وسائل الإعلام والسماوات المفتوحة وثورة المعلومات والاتصالات الهائلة في صحوة المرأة ؟! اللواء مصطفي عبدالقادر وزير التنمية المحلية الأسبق والذي تم خلال فترة توليه الوزارة ولأول مرة تعيين ثلاث سيدات كرئيسات مدن يقول إن هناك إقبالا شديدا بالفعل من المرأة علي الانتخابات البرلمانية سواء بترشيح نفسها أو بالإدلاء بصوتها ولكن العدد الذي يفوز بمقاعد في البرلمان قليل جدا ولايضاهي إطلاقا هذا الاقبال ويري أن سبب ذلك أن المرأة المرشحة لم تكن مؤهلة سياسيا أو لم تشارك في مواقف تاريخية أو في حركة التنمية ولتدارك هذا الأمر كما يقول وزير التنمية المحلية الأسبق ينبغي علي المرأة الطموح سياسيا أن تنخرط في المجتمع المدني بحيث يكون لها دور مؤثر في خدمة المواطنين بصفة عامة أو لأبناء الحي أو المنطقة التي تسكن فيها مما سيعود عليها بمردود سياسي شعبي.. و يطالب كل الأحزاب بتهيئة المرأة سياسيا وإعطائها دورا داخل الحزب وتقديمها للجماهير في بعض الدوائر الانتخابية.. بينما يوضح ممدوح قناوي عضو مجلس الشوري ورئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر الذي انشئ في الرابع والعشرين من نوفمبر سنة2004 أنهم في الحزب لايستطيعون ترشيح الرجال حتي يرشحوا النساء علي حد تعبيره. ويقول نعاني في حزبنا من الفقر حيث نحصل علي مائة ألف جنيه كإعانة من الدولة في السنة ندفع منها40 ألف جنيه لوزارة المالية كإيجار لمقر الحزب وهذا هو حال معظم الأحزاب في مصر ولذا فالأمل ضعيف في المساهمة الحزبية في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة ويضيف أن المرأة مازالت مغلوبة علي أمرها في ظل مجتمع ذكوري والسبيل الأمثل لتفعيل مشاركتها السياسية هو تغيير قانون الانتخابات من النظام الفردي إلي القائمة النسبية مع تخصيص كوتة معينة لمقاعد المرأة. بينما يرفض تماما د. جهاد عودة استاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان تخصيص كوتة للنساء في الانتخابات ولكنه من أنصار ماحدث في انتخابات الحزب الوطني الأخيرة والتي ادخلت المرأة في كل الدوائر والأقسام و أصبح هناك تمثيل للمرأة من القاعدة وهذه هي البداية الحقيقية لتصعيد دور المرأة في البرلمان ويري أن تصدي المرأة في الدفاع عن قضاياها تحت قبة البرلمان يعتبر ضعيفا معللا ذلك بوجود بعض القوي السياسية داخل البرلمان والتي لاتؤمن بالحقوق السياسية والاجتماعية للمرأة مما يعطل إصدار تشريعات مستنيرة من أجل الدفاع عن حقوقها. ويقول ان قضايا المرأة يجب التعامل معها علي أساس انها قضايا مجتمعية. ويقيم د. ابراهيم درويش استاذ القانون الدستوري والرقابة الدستورية بجامعة القاهرة تجربة المرأة المصرية في البرلمان قائلا: انه جهد فردي وغير مميز وغير متميز وإن كنت أعتبر جورجيت قليني نائبة نشيطة ولديها خبرة في مناقشة الموضوعات وتشريعات القوانين رغم أنها معينة ومن قبلها كانت د.فوزية عبد الستار ويضيف برغم أن المرأة المصرية اثبتت جدارة في الصحافة والمحاماة والطب والأدب وفي الجامعة ولكن في البرلمان صفر. ويرفض بشدة استاذ القانون الدستوري نظام الكوتةويقول أنا مع المرأة حتي تصل إلي رئاسة الجمهورية ولكن بجهدها ونضالها ومسيرة قاسم أمين لابد أن تستمر. موعد مع الرئيس إيمانا منه بأهمية دور المرأة تحت قبة البرلمان انتج د. عادل حسني فيلم موعد مع الرئيس عام1996 وهو الفيلم الذي استطاع أن يعبر بشكل واقعي عن آداء المرأة في البرلمان المصري حيث أصرت بطلة الفيلم النائبة الهام شاهين علي أن يصل صوتها إلي الرئيس لتكشف له عن حقائق تستخدم ضد المواطن العادي وتنجح في تحقيق هدفها.. ويقول المنتج السينمائي ان من أسباب ضعف تمثيل المرأة في البرلمان قلة الأفلام السينمائية التي تبرز دورها المهم تحت القبة حيث لم تتناول الأفلام المصرية هذا النموذج من النساء. والآن ماذا يقول علم النفس؟ يوضح د. فتحي الشرقاوي استاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس ان الديمقراطية الحقيقية لاتستقيم في ظل التعنت الحقيقي للذكور.. والذكور الذين يمارسون العمل السياسي يرفعون عادة شعارات ان مشاركة المرأة السياسية أمر مهم إلا أن أفعالهم تغاير تماما ممارساتهم الفعلية مما يجعلهم أقرب إلي الشخصيات المزدوجة وتتساوي في ذلك جميع الأحزاب السياسية في مصر, وعموما فإن إحساس المرأة بعدم وجود من يقف وراءها في التمثيل البرلماني يدفعها بمرور الوقت إلي الإحساس بالتهميش وعدم تقدير الذات وفي النهاية إلي عدم المشاركة أو التفكير فيها.. والناخبات السيدات لا ينتخبن إلا من ينتخبهم أزواجهن وأقاربهن, إذن المرأة هنا تابع لأن كل القوانين التي توضع في العالم الثالث لمصلحة الذكور أكثر من النساء. ** تري.. هل يخاف الرجال من دخول النساء باعداد كبيرة في البرلمان بعد الواقعة التي شهدها برلمان تشيكوسلوفاكيا عام1926 حين قامت احدي النائبات بضرب زميلها خلال جلسة استمرت30 ساعة عندما احتد النقاش حول الرسوم التي تؤخذ عن توريد القمح؟!