بين الحين والآخر يطفو مقترح مد الفترة الرئاسية على المشهد السياسي، الأمر الذي يثير جدلًا واسعًا حول إمكانية تنفيذه، خاصة في ظل ما ينص عليه الدستور في مادته 226، بأنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات. وتنص المادة 140 الخاصة بمدة حكم الرئيس في الدستور الحالي على أن يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وبالأمس، أعلن النائب إسماعيل نصر الدين، عن تقدمه بطلب تعديل بعض مواد الدستور، خاصة بباب "نظام الحكم"، وفترة حكم الرئاسة، مؤكدًا أن الدساتير عمل بشرى وليست عملاً إلهياً معصوماً من الخطأ.. ويحتمل النقد والتعديل". وقال إنه يسعى أيضًا لتعديل المادة الخاصة باختصاصات مجلس الدولة، وطريقة تكليف رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، وأنه استحدث مواد جديدة لإنشاء مجلس "شيوخ" لمعاونة مجلس النواب فى التشريع، لكى يتفرغ المجلس للرقابة والموازنة. وسبق وأن طُرحت الفكرة نفسها في أكثر من مناسبة، ففي أغسطس الماضي، انطلقت حملة سميت ب"مدّ فترة رئاسة السيسي"، كانت تهدف إلى جمع 40 مليون توقيع لمد الفترة الرئاسية للرئيس السيسي ل8 سنوات، وأعلنت وقتها عن جمعها ل 120 ألف توقيع. وكان قد طالب بها أيضًا توفيق عكاشة، بعد انتخابه في البرلما قبل اقالته، وقال وقتها أنه يسعى إلى تعديل 12 مادة من الدستور، في مقدمتها مد الفترة الرئاسية لرئيس الجمهورية لتكون 6 سنوات وليس أربعة، وغيره آخرون. وفي هذا السياق، رأى جمال أسعد، المفكر السياسي، وعضو البرلمان السابق، أن مثل هذه المقترحات لا تعي أهمية وقدر الدستور، كما أنها لا تعي فكرة أن الالتزام بالدستور بمثابة التزام بالديمقراطية الحقيقية وكيان الدولة، خاصة في ظل التحديات الصعبة التي يعيشها الوطن. وقال في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، إنها تحمل في طياتها حالة من حالات المجاملة التي تصل إلى حد النفاق، خاصة في ظل تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، باحترام الدستور والقانون. وأكد أسعد أن هذه المقترحات تقودنا إلى الخلف وتسقط كل المكاسب البسيطة التي حققناها بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو، معتبرًا أن طرحها من فترة لأخرى بمثابة بالونات اختبار لمعرفة مدى التجاوب معها من عدمه. واستبعد تجاوب الرأي العام مع مقترح مد الفترة الرئاسية في ظل التحديات الحالية، مشيرًا إلى أن هناك أمورا أخرى تستوجب اهتمام البرلمان أكثر من هذا الموضوع، وتطرق أحد النواب إليه يعني أنهم لا علاقة لمجلس النواب بالجماهير. وذكر الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، أن التعديل في مدة حكم الرئيس، غير مفيد سياسيًا ولا يصب في مصلحة الوطن،فضلًا عن أن ذلك لا يجوز من الناحية الدستورية. وشدد في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، على ضرورة احترام مواد الدستور والالتزام بها، موضحًا أنه لا يفهم وجهة النظر من طرح فكرة تعديل الفترة الرئاسية من حين لأخر. ومن جانبه، أكد الدكتور إبراهيم أحمد، أستاذ القانون الدولي، أنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية طالما ظل الدستور الحالي قائمًا، لأن ذلك جاء في نص صريح في الأحكام الانتقالية. وتابع أحمد قائلا في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، إنه يحظر تعديلها سواء عن طريق البرلمان أو حتى إجراء استفتاء شعبي، مضيفًا أنه لا يجوز لنائب برلماني أن يقدم اقتراحا مخالفا لمواد الدستور، والأولى به قراءة الدستور وأحكامه قبل التفوه بمثل هذا الكلام.