خرجت في الأيام الأخيرة بعض الأحزاب تطالب بتعديل المادة 161 من الدستور الخاص بإمكانية عزل الرئيس من قِبَل البرلمان؛ خوفًا على الإطاحة ب "السيسي" حال حدوث أي خلافات مستقبلية بين الطرفين. ويبدو أن نفس هؤلاء الأشخاص نسوا أن تلك المادة تحتوى على فقرة تهدد البرلمان بالحل إذا جاء استفتاء الشعب على إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة بالرفض. وعلى الجانب الآخر لدى الرئيس هو الآخر مادة تمكنه من حل البرلمان، وهي 137 من الدستور، دون تحمله أي تكلفة حال فشل الاستفتاء. كما أن طلبه لا يحتاج لتوقيعات سوى خط يده بعكس المادة 161 التي تشترط موافقة ثلثي الأعضاء. تنص المادة 161 على أنه "يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، واجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثي أعضائه. ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة، وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة، يُعفَى رئيس الجمهورية من منصبه، ويُعد منصب رئيس الجمهورية خالياً، وتجري الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء. وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض، عُد مجلس النواب منحلاًّ، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد للنواب خلال ثلاثين يومآ من تاريخ الحل. فيما تنص المادة 137 على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، ولمدة واحدة خلال فترته الرئاسية، وبقرار مسبب، وبعد موافقة الشعب في استفتاء عام، ولا يجوز حل المجلس الجديد لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق. ويصدر رئيس الجمهورية قرارًا بوقف جلسات المجلس، وإجراء الاستفتاء على الحل خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، فإذا وافق المشاركون فى الاستفتاء بأغلبية الأصوات الصحيحة، أصدر رئيس الجمهورية قرار الحل، ودعا إلى انتخابات جديدة خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ صدور القرار. ويجتمع المجلس الجديد خلال الأيام العشرة التالية لإعلان النتيجة النهائية". وقال الدكتور داوود الباز، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الأزهر، وعضو الجمعية التأسيسية السابق، إن علاقة الرئيس والبرلمان يحكمها الدستور، ومجلس الشعب جاء وفق انتخابات شارك فيها الشعب، إذ هو يعبر عن إرادة الشارع، ونفس الأمر مع رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب. وأوضح أن اشتراط إجراء استفتاء لكي يعزل أو يحل أي منهما الآخر أمر غريب؛ نظرًا لأنهما من المفترض أن يكونا قد جاءا على مناصبهما وكراسيهما من خلال انتخابات شارك فيها الشعب، فكيف أعيد استخدام الشعب لحسم مقترح صادر ممن يمثلونه، خاصة في ظل ثقافة دستورية ووعي سياسي يتمتع به الشارع؟! وعن سبب تفضيل رئيس الجمهورية في المادة 137 من الدستور بطلب حل البرلمان دون اشتراط عزله إذا رفض الشعب اقتراحه من خلال استفتاء شعبي، أرجع "الباوز" ذلك إلى التوقيت والفترة الزمنية اللذين صدر فيهما هذا الدستور، حيث تؤثران فيما تضمنته المواد من أفكار وليدة نفسها. وتوقع "الباز" قيام تيار الأغلبية في البرلمان القادم بمحاولات لتعديل تلك المواد من الدستور. فيما أكد وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ما يشاع من تقليص سلطات رئيس الجمهورية وتوسيع صلاحيات البرلمان أمر مبالغ فيه، مشيرًا إلى أن الحديث عن إمكانية عزل مجلس الشعب للرئيس يدخل ضمن باب الحكايات والأساطير. وأوضح "عبد المجيد" أن البرلمان القادم ليس في استطاعته عزل الرئيس بشكل مباشر كما يتصور البعض، وأن كل ما في يده هو مجرد الدعوة لإجراء استفتاء لعقد انتخابات رئاسية مبكرة، وذلك بعد الحصول على موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على سحب الثقة من الرئيس. ولفت إلى أن أعضاء البرلمان سيفكرون مليون مرة قبل الإقدام على تلك الخطوة، نظرًا لما قد تسببه من حل للبرلمان حسب الشق الثاني من نفس المادة، في حال رفض الشعب إجراء الانتخابات المبكرة. بينما رئيس الجمهورية له الحق الكامل في طلب حل البرلمان عن طريق إجراء استفتاء شعبي دون تحمل أي تكلفة إذا جاءت النتيجة بالرفض، حيث خلت المادة 137 من نفس القيود التي ألزمتها على البرلمان في المادة 166. وكشف "عبد المجيد" عن أنه "في حال إن شعر الرئيس ببوادر من قِبَل البرلمان لسحب الثقة منه وإجراء انتخابات مبكرة، سيسعى هو من خلال المادة 137 من الدستور لحل البرلمان، ولن يخسر أي شيء إذا فشل طلبه، بعكس البرلمان الذي ستكون يده مرتعشة خوفًا من الحل". وتابع "كما أن عملية سحب الثقة من الرئيس تحتاج إلى أيام، لمحاولة الحصول على توقيعات ثلثي أعضائه على طلب الانتخابات الرئاسية المبكرة، بعكس الرئيس الذي لا تستغرق إجراءات طلب حله للبرلمان سوى بضع دقائق".