"الجمعية الوطنية".. باب جديد طرقته قيادات جماعة الإخوان الإرهابية في الخارج، بعدما تقطعت أمامهم كل سُبل العودة أو المشاركة في الحياة السياسية بالداخل، في محاولة منهم لدرء الفشل والانقسام الذي لحق بها خلال الثلاث سنوات الماضية. التمرد الذي يدب كل فترة في جسد الجماعة، يدفع المنشقين عنها إلى التجمع والتحالف في كيان جديد، حتى بات لدى الجماعة حصيلة لا بأس بها من الكيانات والجمعيات، التي تختلف فقط في مُسمياتها وتتفق في أهدافها المزعومة. تمثل الانشقاق الأخير لجماعة الإخوان، في إعلان عدد كبير من قياداتها المنشقين عنها، وممن دب الخلاف بينهم وبين إدارة الجماعة، عن تدشين كيان جديد للمنشقين والقوى الموالية لهم، تحت اسم: «الجمعية الوطنية للشعب المصري»، بزعم أنها تستلهم تجربة الحملة المصرية ضد التوريث. وفجر الإعلان عن هذا الكيان الجديد، خلاف كبير داخل جماعة الإخوان، ونتج عنه تراشق الإتهامات بين قيادات الجماعة، خاصةً مع تخوف البعض منه وسط اتهامات له بالمخابراتية. أعلن إبراهيم منير، نائب المرشد، أنه من غير المناسب إنشاء كيانات جديدة في الوقت الراهن، متهمًا أجهزة مخابراتية بالوقوف خلف هذه الجمعية، في الوقت الذي أكد فيه قيادات أخرى بالجماعة تمسكها بفكرة الكيان الجديد. ورأى خبراء الإسلام السياسي أن تدشين الكيان محاولة من الإخوان لدرء الفشل الذي لحق بالكيانات الأخرى وتحديدًا دعم الشرعية، والتمسك بالظهور في المشهد الحالي، مؤكدين أن مصير هذه الجمعية هو الفشل واللاحق بما سبقها من كيانات وجمعيات، وسيكون بمثابة محطة جديدة لانقسام الجماعة. سامح عيد، الباحث في الشؤون الإسلامية، أكد أن بعض تيارات جماعة الإخوان لاسيما الشباب منهم، لازال لديهم الأمل في العودة إلى المشهد من خلال تدشين الكيانات، وإنشاء الجمعيات التي تختلف سوى في مُسمياتها فقط. ولفت إلى أنها دعوة خرجت من بعض الشباب وليس من التنظيم ككل؛ لأن أغلبية تيارات وقيادات الجماعة أصابها اليأس والإحباط من الاعتماد على الكيانات، بعدما فقدت قدرتها على أرض الواقع، وتكبدت خسائر بشرية ومادية فادحة. وأكد أنها محاولة أيضًا لاخفاء واستيعاب الانشقاقات، فالجماعة تسعى للسيطرة على هذه الانشقاقات بانشاء كيانات جديدة تحوي المنشقين وتحتوى توجهاتهم الجديدة، لكن تظل هذه المعالجات سطحية ومجرد ترقيع لا أكثر؛ للخروج من أزمة الجماعة التي تحتاج لمعالجة منهجية شاملة. ورأى هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، أن عنوان الجمعية التي تسعى الجماعة إلى إنشائها محاولة لاحتكار الوطنية والحرية، لوصم من خارج هذه الجمعية بعكس هذه الصفات، مشيرًا إلى أن الهدف من هذه الجمعية هو طي صفحة ما كان يُعرف بتحالف دعم الشرعية. وأوضح أنها محاولة لتجاوز مرحلته وعدم التعرض لمساءلة بشأن اخفاقاته وكوارثه ومحاكمة من قاموا بانشائه وتأسيسه والاستمرار فيه رغم الفشل والكوارث التى سببها، لافتًا إلى أنهم يقومون بتغيير عناوين الكيانات والجميعات لطي مرحلة الفشل والهزائم السابقة بدون مساءلة؛ ولكي يستمروا في المشهد من خلال هذه العناوين الجديدة. وأشار إلى أن الجماعة تسعى لمباشرة أي نشاط يتعلق بالشأن العام دون ترتيب أو حساب، واستعجالهم للعودة إلى المشهد بنفس الطريقة والترتيبات يعني الوقوع في فشل جديد، ولن يختلف كثيرًا عن الكيانات السابقة التي كانت مجرد إثبات وهمي لتواجد الجماعة.