فى ظاهرة اعلامية لا تتكرر كثيراً عرضت قناة التلفزيون الهولندى "VPRO " فى برنامج " تحت الضوء " مواقف زعماء وقادة أوروبا تجاه ثورات الربيع العربى ، كشفت فيه مدى الصمت والنفاق الأوروبى تجاه الشعوب العربية الغاضبه على أنظمتها الفاسدة ، وكيف فضلوا مصالح أوروبا على تحديث الدول التى استعمرتها لسنوات طويلة . واوضحت القناة كيف أغفل زعماء أوروبا تعطش الشعوب للديمقراطية ومُمارسة حق حُرية إبداء الرأى ، وطرح بعض نماذج من تعاون وشراكة بين رجالات سياسة وقادة اوروبيين مع كل من حسنى مبارك والقذافى . وطرح البرنامج عدد من القضايا جاء فيها " نراهم كل يوم في وسائل الاعلام : انهم قادتنا رؤساء وزعماء دول الاتحاد الاوروبي ، وبلهجة استنكارية قال مقدم البرنامج : انهم سُعداء بما يحدُث بالثورات والغضب الشعبى فى مناطق شمال افريقيا ، ولا تخلو تعبيراتهم السياسية من الفخر بسقوط رموز الديكتاتورية ، وتصدى الشعوب العربية للفساد ، وانتفاضتهم ضد أنظمة الحُكم هناك ، وفرحة زعماء اوروبا واضحة بصعود جماعات وطوائف شعبية متناحرة فى دول الربيع العربى ، ونظراتهم تفضح مآربهم فى الخروج من أحداث الشارع العربى بفوائد وتحقيق مصالح ، ولكن هناك اسئلة كثيرة لابد من طرحها ، لأنها تفرض نفسها فى هذه المرحلة التاريخية من المُتغيرات التى تطرأ على الدول العربية : ما هو حجم التجاهل المُتعمد من الطرف الأوروبى؟ الذى يدعى الحيادية مرة وأخرى وكأن ما يحدُث فى الصحراء العربية الأفريقية أمر لا يعنيه بالمرة ! . . وما هى حقيقة احتياج واعتماد اوروبا على أنظمة سياسية تمتلك مصادر جيدة للنفط الخام والغاز الطبيعى ؟ وما هو الموقف السياسى الأوروبى ؟ وكم من المواقف والمرات التى تحكمت فى مواقف اوروبا وتصرفاتها بسبب مخاوفها من صعود انظمة عربية سياسية جديدة ذات ميول وطابع اسلامى تخشى من خطورتها على المصالح الأوروبية ؟ ومن كان يستفيد ويحقق مصالحه على حساب هذه الشعوب ويُصادق أنظمة ديكتاتوريه فاسدة ؟ ناهيك عن مآرب الولاياتالمتحدة الأمريكة واسرائيل فى المنطقه العربية . وهل اوروبا راضية بالفعل عن الأوضاع العربية الراهنة فى دول الثورات ؟ وهل كانت تتحالف مع الشيطان فى سبيل مصالحها ؟ وتحقق مبدأ ال " وين وين سيتواشين " ذلك التعبير الذى يعنى تبادل المصالح وتحقيق المكاسب لكل طرف ، كما ان اوروبا عقدت كثيرمن الصفقات مع أنظمة فاسدة ، وتساءل البرنامج هل سعت اوروبا لوحدة تجمع بين ضفتى البحر المتوسط ؟ . . يؤكد الواقع ان منطقة شمال افريقيا بالنسبة لأوروبا هى مصدر انتاج للنفط والغاز ، وسوق جيد لبيع السلاح ، كما ان اوروبا هى بمثابة حضانة لتربية تطرف الاسلام السياسى الذى يُعاد تصديره للدول الاسلامية ، وفى ذات الوقت تفتح أحضانها لكثير ممن يطلب اللجوء والعيش على أراضيها ، وان الدول الاستعمارية الأوروبية لم تساهم فى تحديث وتطوير مستعمراتها السابقة فى المغرب وتونس وليبيا ومصر والجزائر . وأضاف البرنامج: مع اهتزاز مراكز الطغاة القدامى بشدة ، تتكشف حقائق كيف كانت اوروبا تساعد هؤلاء على البقاء فى مناصبهم ، كيف كان يتعاون القذافى مع بيرلسكونى بشراكة نفطية فى شركتى ENI و NOC؟ وعلاقة رئيس وزراء بريطانيا الاسبق " تونى بلير " مع العقيد معمر فى مشروع كلية لندن للعلوم الاقتصادية ، وكيف كانت علاقة رئيس مصر المخلوع " حسنى مبارك " بالفرنسى " نيكولا ساركوزى " فى شركة "الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط " ؟ ، وكيف يُعبر رئيس وزراء هولندا " مارك روتا عن سخطه مما يحدُث فى الوقت الذى ارسل فيه وفد من كبار رجال الأعمال الهولنديين فى جولة للبلاد العربية لأخذ نصيب من الكعكه.