ارتفاع صاروخي لأسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    استهداف مجمع ستافرولين للبتروكيماويات في روسيا بمسيرات أوكرانية    الرئيس الفنزويلي: الطاقة يجب ألا تتحول إلى سلاح حرب    عمر مرموش يؤكد: فوز منتخب الفراعنة على زيمبابوي أهم من أي إنجاز فردي    أحمد التهامي يحتفل بفوز منتخب الفراعنة ويُوجه رسالة ل محمد صلاح    محدود دون إصابات.. التحقيقات تكشف تفاصيل حريق قاعة أفراح بأبو النمرس    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    إنعام محمد علي: التحضير لمسلسل أم كلثوم استغرق عامين.. واختيار صابرين كان مفاجأة للكل    أمم أفريقيا 2025| بهذه الطريقة احتفل محمد صلاح ومرموش بالفوز على زيمبابوي    صندوق النقد يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة    حددها القانون الجديد.. أماكن الحصول على شهادة قياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة الحرفة    اليوم، بدء إعادة جثامين 14 مصريا ضحايا غرق مركب هجرة غير شرعية باليونان    حبس وغرامة ضخمة لهؤلاء.. سر المادة 70 من تعديلات قانون الكهرباء    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    هاني ميلاد: 70% زيادة في أسعار الذهب منذ بداية 2025.. والاضطرابات العالمية السبب    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    أجواء شديدة البرودة والصغرى 12 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بعد ارتدائها البدلة الحمراء.. محامي ضحية ابنتها ببورسعيد يكشف موعد تنفيذ حكم الإعدام في المتهمة (خاص)    استشاري تغذية علاجية بالفيوم ل"أهل مصر": دودة الطماطم خطر صحي وآفة زراعية.. ولا علاقة لها بالقيمة الغذائية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    حين تضطر أم لعرض أطفالها للتنازل: ماذا فعلت سياسات السيسي بالمصريين؟    مشروع قومى للغة العربية    نقابة أطباء الأسنان: أعداد الخريجين ارتفعت من 45 إلى 115 ألفا في 12 عاما فقط    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    رئيس هيئة المستشفيات التعليمية يُكرّم مساعد وزير الصحة للمبادرات الرئاسية    استكمال الاختبار التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي على منصة كيريو في محافظات الجمهورية يوم 23 ديسمبر    المؤبد والمشدد 15 سنة ل 16 متهماً ب «خلية الهيكل الإدارى بالهرم»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    بالانتشار الميداني والربط الرقمي.. بورسعيد تنجح في إدارة انتخابات النواب    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    فلسطين.. إصابة ثلاثة مواطنين في هجوم للمستعمرين جنوب الخليل    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    وزير الدفاع الإيطالي: روما مستمرة في دعم استقرار لبنان وتعزيز قدرات جيشه    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    جامعة قناة السويس تعتلي قمة الجامعات المصرية في التحول الرقمي لعام 2025    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ثروت بدوي : تقسيم مصر..مستحيل
نشر في الوفد يوم 20 - 10 - 2011

د، ثروت بدوي الفقيه الدستوري الكبير.. شاهد عيان علي أحداث ماسبيرو المؤسفة.. أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وراء تلك الأحداث التخريبية التي تغلغلت في الشأن المصري عن طريق المعونة الأمريكية واصفاً المشهد المصري بالمخيف وينذر بأسوأ العواقب طالما أنه مليء بالتردد والتباطؤ والتناقض في القرارات.
مشيراً الي عدم تحرك الجيش والشرطة في أحداث ماسبيرو فعمت الفوضي وتحول الكورنيش الي ساحة للمتظاهرين لدرجة عدم ظهور أية سيارة إطفاء في الموقع طوال 40 دقيقة، وعدم استخدام القنابل المسيلة للدموع الا بعد انفجار الموقف.. ويطالب بمساءلة رجال الكنيسة من القساوسة، وفلول الحزب الوطني، وفلول الاخوان، وكل من يثبت تحريضه علي أحداث ماسبيرو، مؤكداً أن قانون دور العبادة في غاية التعقيد لأن كل كنيسة لها مطالب تختلف عن الكنيسة الاخري والي نص الحوار:
كيف تري المشهد المصري الآن؟
- مشهد مخيف وينذر بأسوأ العواقب من حيث غياب الأمن غياباً كاملاً، ومخيف من حيث تردد وتباطؤ وتناقض القرارات والاجراءات المختلفة التي صدرت عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وعن حكومة د. عصام شرف طوال 8 شهور الماضية، وهذا التردد والتضارب والترقب وصل الي أبعد الحدود ولا يمكن تخيله، وهذا دليل علي عدم القدرة أو العجز الكامل عن إدارة شئون البلاد.
والأخطر في الأمر وجود قوي خارجية رهيبة علي رأسها أمريكا واسرائيل، والغرب الذين اتفقوا جميعاً علي تخريب المنطقة تخريبباً كاملاً، وهذا المخطط مرسوم منذ ما يقرب من نصف قرن بل قبل إنشاء إسرائيل، وانشاؤها كان أخطر المخططات لهذا التخريب وأحد عناصره.
وكيف بدأ سيناريو التخريب؟
- منذ قدوم «السادات» الي السلطة وبدأ هذا المخطط الرهيب، وكانت خطيئة «السادات» هي ارتماؤه في أحضان امريكا رغم أنه كان من الذكاء والدهاء والمعرفة وله من التجارب والخبرة ما كان يعرفه أن أمريكا تخطط لتمكين إسرائيل من الهيمنة الكاملة علي المنطقة وأنها ضغطت عليه بكل الوسائل، ومنها إثارة أقباط المهجر ضده في كل زيارة كان يقوم بها، وأيضاً في زيارات «مبارك» من بعده.
نتحدث عن التخريب في الداخل؟
- بدأ هذا التخريب في الأزمات الطائفية بالخانكة 1972 وماتلاها من أقاويل وشائعات عن عدد الأقباط في مصر، و«كارتر» كان وراء ذلك، هو الذي كان يحرك أقباط المهجر ويستخدمهم وسيلة ضغط علي «السادات» لقبول اتفاقية «كامب ديفيد» رغم أن الكثيرين نبهوا علي أن بنود الاتفاقية كان بها الكثير مما يمس سيادة مصر، ومما يقضي علي القضية الفلسطينية تماماً، والقضاء علي كل أمل في اتحاد عربي أو وحدة تستطيع أن تدافع عن قضايا المنطقة.
لكن ثورات الربيع العربي بها من الأمل ما يعيد الاتحاد العربي أو هذه الوحدة؟
- من هنا أقول إن الولايات المتحدة كانت في غاية الانزعاج والقلق من ثورة 25 يناير حتي 11 فبراير وكان «أوباما» يجتمع بمستشاريه يومياً وعدة مرات لبحث ما يجري من مصر، وما يمكن عمله لمواجهة ثورة مصر.. وما أزعجهم بشدة أن المسلمين والمسيحيين بكافة طبقاتهم وفئاتهم كانوا جميعاً وحدة، و25 يناير كانت محل إجماع شعبي وعلي الرغم من وجود عدد لا يتجاوز نصف في المائة المستفيدين من النظام الفاسد إلا أننا وجدنا بعض أعضاء الحزب الوطني بدأو يتفهمون الثورة وشاركوا فيها.. ولكن بعد نجاح الثورة في اقصاء «مبارك» وفي غمرة الفرحة أراد شباب الثورة أن يستريح وترك الأمر الي أن انقض من يريد الاستيلاء علي السلطة وازهاق الثورة، والانقضاض عليها.. وهنا ظهرت الشراذم المختلفة، ممن يدعون أنهم من رجال الثورة وهم أبعد ما يكونون عن الفكر الثوري الوطني الحقيقي.
من هؤلاء الذين يريدون الانقضاض علي الثورة؟
- بعد أن أعطينا أمريكا ثقة كبيرة وبدأنا نرسل البعثات إليها من قيادات الجيش والشرطة ورجال القضاء واساتذة الجامعات، ومن جميع الوزارات والهيئات.. استخداماً لما يسمي بالمعونة الامريكية وهذه الوفود كانت تسافر علي نفقة المعونة، والموفد كان يتقاضي مثلاً 10 آلاف دولار، والذين يقومون علي سفره يحصلون علي 20 ألف دولار والمستقبلون له يحصلون علي 30 وهكذا، وكان يحدث هذا علي أمل من أمريكا أن تستعين بهم في تحصيل ما يريدونه من معلومات عن كل مرافق الدولة، إذاً فالمعونة الأمريكية أحد الأسباب الرئيسية التي أدت الي هذا التوغل الأمريكي الشرس في شئون مصر، بل أيضا تمكنوا من غسيل مخ الكثيرين، ونجحت أجهزة الاعلام في تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام خلال الحقب الماضية.. وبعد إزاحة «مبارك» بدأ اندساس الكثير من الطامعين الراغبين في الحكم في الانقضاض علي مغانم الثورة، وبدأ الصراع أو التحالف وجدنا حلفاء من اتجاهات مختلفة، وجدنا أعداء من نفس الاتجاه واليوم بعدما كان السلفيون ضد الاخوان المسلمين أصبحوا في تحالف وكل يوم يوجد تغيير جديد.
ولماذا التغيير بعدما كان الشعب وحدة واحدة في 25 يناير؟
- الخطيئة الكبري أننا لم نبدأ من حيث يجب أن نبدأ، وهو الاتفاق علي ما يمكن الاتفاق عليه من مبادئ عامة يستحيل ان يعترض عليها انسان في مصر، وهي مبادئ المساواة والديمقراطية والحرية وكفالتها لجميع المواطنين دون اختلاف اجناسهم او ديانتهم أو افكارهم السياسية أو اوضاعهم الاجتماعية.. مثل استقلال القضاء الذي يحكم بين الحاكم والمحكوم ويوقفهما عند حدهما، ويضع الحدود بين السلطات.. ويجب أن يكون هذا القضاء مستقلاً أي هو الذي يستقل بتعيين اعضائه وترقيتهم وتأديبهم دون تدخل من السلطة التنفيذية.. وما كان علي السلطة التشريعية أن تضع القوانين المؤكدة للمبادئ التي يضعها الدستور بشأن استقلال السلطة القضائية ثم الغاء كل النصوص التي تجعل من رئيس الدولة الحاكم المطلق المستبد الذي يجمع بين يده جميع السلطات.
هذا معناه أن مؤسسات الدولة كانت شكلية؟
- هذا صحيح لأن البرلمان كان يشكل بإرادة «مبارك» وحده، حتي أحزاب المعارضة كان لا يتم الموافقة عليها الا بارادة الحزب الحاكم ولجنة شئون الاحزاب المشكلة من قيادات الحزب الوطني.. فأصبح التعدد الحزبي تعدداً مزعوماً ليس له علاقة بالحقيقة التي تعيشها مصر.. وهي أننا لم نحكم بنظام الحزب الواحد، بل بنظام الرجل الواحد، ولذلك لم يكن غريباً او عجيباً أن يقول «مبارك» لأعضاء الحزب الوطني في مجلس الشعب عام 1984 عندما طرح اسم «رفعت المحجوب» رئيساً لمجلس الشعب واعترض بعضهم بحجة أنه من ال «10» المعينين فقال مبارك: كلكم معينون.. وهذه حقيقة خاصة أنهم كانوا معينين بالقائمة أي ليس لهم دور في الانتخابات فالحزب اختارهم وقام بإنجاحهم.
هذه المقولة كانت في بداية حكم مبارك وقالها ولم يخش شيئا؟
- هذه المقولة تؤكد أن «مبارك» كان ذكياً وصعباً ولم يكن بسيطاً كما كان يتصور الكثيرون، بل تثبت انه حاضر البديهة، ولديه ردود سريعة وقوية ولم يكن أبله كما كان يراه البعض أو كما كان يقال: البقرة الضحوك.. بل كان من الدهاء الذي استطاع به أن يستمر 30 سنة رئيسا للجمهورية و6 سنوات نائباً.. فكان نظامه نظاماً فرديا ديكتاتورياً بوليسياً استبدادياً ظالماً فاسداً الي أبعد الحدود.
هذه أدوات حكم باطشة لا تستمر 30 سنة دون انفجار.. ألم يملك أدوات أخري؟
- لا، كان لديه الكثير، فمن صور قدراته علي الهيمنة التي لم تكن لدي «عبد الناصر» أو «السادات» أن «مبارك» استطاع تركيع وتسجيد جميع القيادات في مصر بما منحه لهم من امتيازات غير مشروعة وبلا قانون، وجعلهم يرتعون في المال العام ويتقاضون من المكافآت والبدلات ما يتجاوز المليون جنيه في الشهر تحت مسميات مختلفة وبلا شرعية، ومن ثم لم يكن من الممكن لأي فرد فيهم إلا أن يركع ولا يعمل إلا بما يأمر به «مبارك» ولذلك وجدنا الجميع في كل عمل يعملوه لابد أن يقولوا «بناء علي توجيهات وتعليمات السيد الرئيس» ثم بعد ذلك أتت السيدة الفاضلة وظهرت في الصورة.
مع تغلغل هذه القيادات، وهذا الفساد كيف يتم بناء نظام جديد؟
- الفساد استشري في جميع مرافق الدولة بما يؤدي الي صعوبة بناء نظام جديد قبل اقتلاع جذور الفساد، وتنظيف التربة لتكون صالحة للنظام القادم.. وهذا لم يتم، فظهر الكثيرون الذين يطالبون باسم الاستقرار قائلين: من الصعب عزل هؤلاء جميعاً مرة واحدة حتي تسير الأمور، فأصبحت النتيجة في تخبط مستمر مع أنه يوجد قيادات في «طرة» لكن لازال غيرهم يرتعون في الخارج.. بما جعل بعضهم يظهر علنا بعد بدء الانتخابات ويهددون الحكومة صراحة اذا حاولت المساس بهم أو عزلهم بما يسمي بقانون الغدر، أو بأي طريقة من الطرق التي تجتث جذور الفساد في مصر.
بما أنك كنت شاهد عيان علي أحداث ماسبيرو فماذا شاهدت؟
- كنت شاهد عيان لأني بالصدفة استدعيت الي قناة «العربية» لحديث الساعة السادسة مساء يوم أحداث ماسبيرو.. واستقللت السيارة التي أرسلتها القناة في الخامسة وربع وعند وصولنا إلي مبني الحزب الوطني المحترق تعذر سير السيارة بسبب تكدس السيارات وغلق طريق الكورنيش واستغرقت المسافة أكثر من 20 دقيقة إلي أن اقتربنا من المبني الذي تقع فيه قناة «العربية» واستأذنني السائق لنمشي المائة متر الباقية، ووصلت الي الاستديو، وبالصدفة أشرت في حواري الي المخطط «الامريكي - الاسرائيلي» في منع قيام أي نظام ديمقراطي في مصر لأن هذا معناه أن الشعب سيصبح صاحب الكلمة والقرار، وسيرفض الشعب استمرار الهيمنة الامريكية - الاسرائيلية علي شئون البلاد، ويبدو أن كلامي هذا لم يعجب القائمين علي البرنامج، فلم تمهلني المذيعة أكثر من 12 دقيقة والتفتت عني وأصبحت هي المتحدثة، ثم أشير الي بأن انصرف.. فخرجت من الاستديو للانصراف واصطحبني المرافق لي للخروج فوجدنا باب العمارة مغلقاً والأحداث كانت قد بدأت، فصعدنا للدور الثاني بدلاً من السادس الذي به الاستوديو ووجدت مصوري قناة «العربية» يلتقطون صوراً للأحداث.. وظللت أشاهد الأحداث وهم يحاولون جذبي للداخل بحجة عدم إصابتي بأي مكروه، مع أنه لم يكن يوجد شيء قد يعرضنا للإصابة.
وماذا شاهدت في الدور الثاني لمبني قناة العربية؟
- رأيت بعيني كيف انقض بعض المتظاهرين علي بعض الجنود، وقاموا بضربهم وإلقائهم علي الأرض وظلوا يركلونهم بالأيدي والأرجل وبكل الوسائل المتاحة، ولا أعرف ما آل إليه مصير هؤلاء المضروبين.. ورأيت اثنين من الجنود المضروبين وأحدهما يجري منهم وذهب الي زملائه العساكر الذين كانوا واقفين، ولم يتحرك أحداً منهم لانقاذ زملائهم الذين يتعرضون للضرب.. وأيضاً شاهدت مدرعتين بدأتا في محاولة تفريق المتظاهرين، وكانتا يتخطيان الرصيف الي الاتجاه الآخر، وهذا تكرر عدة مرت ولم يكن يحدث دهس.. فتأكد المتظاهرون أن المدرعتين ليس بهما أية أسلحة، فبدأوا يهاجمون هاتان المدرعتين.. فرأيت اثنين من المتظاهرين ما من الامام، وثلاثة صدموا من الجانب ولكن لا أعتقد حدوث دهس لأن المدرعتين كانتا تحاولان ارهاب المتظاهرين فقط فبدأ التجرؤ علي المدرعتين باحراق احداهما، وأيضاً تم احراق اتوبيس عند بداية مطلع الكوبري.. وأيضاً تم احراق الشجر.. ورأيت انسحاب الجنود في اتجاه مبني التليفزيون في الشارع الجانبي واستمعت الي طلقات رصاص قد تكون فشنك لأن صوتها كان مرتفعاً جداً.
هل تستطيع أن تؤكد مَن الذي بدأ بالحرش؟
- أستطيع أن أقطع أنه حسب ما رأيت أن المتظاهرين هم الذين بدأوا التحرش، وكانوا مشحونين بطريقة خرافية، ولم أشاهد ذلك من شرفة قناة «العربية» ولكن شاهدته حينما نزلت الي الشارع، وكان المشهد مخيفاً والسائق الذي كان يتبعني قال: شيئان متناقضان بما إنه كان ينتظرني في الشارع.. أولاً: كان يتهم الجيش بالضرب، وفي ذات الوقت قال: ان المتظاهرين لو رأوا أي مسلم كانوا يعتدون عليه.. ولاحظت أن المتظاهرين كانت لديهم جرأة غير عادية في الهجوم علي المدرعتين وعلي السيارات التي أحرقوها بالشعل التي كانت معهم.. واللافت للنظر إنه خلال 40 دقيقة لم نر تحركاً لأي سيارة اطفاء واحدة، بل الشرطة والجيش لم يتحركوا وكأنهم غير متواجدين فأصبح الكورنيش ساحة للمتظاهرين فقط وعمت الفوضي.. وبعد أن هدأت الأمور لم نستمع إلي ضرب أو تحطيم بل إلي هتافات شديدة جداً.
ومتي تم استخدام القنابل المسيلة للدموع؟
- لم تستخدم قنابل المسيلة للدموع إلا بعد انفجار الموقف لأكثر من ساعة.. وكنت أري موقفاً سلبياً من الجنود وقياداتهم.. والجندي الذي كان يتهور ويتقدم إلي المتظاهرين كانوا يخلصون عليه!!
لكن كان يوجد قتلي بين المتظاهرين؟
- طبعاً لأن كان فيه دهس ورأيت 3 صدموا من جانب المدرعة، و2 صدموا من الأمام، ولا أستطيع أن أحدد هل القتل كان بسبب الدهس أم بشيء آخر، لأن المدرعة كانت عندما تقترب من المتظارين تتخطي الرصيف الي الجانب الآخر.
حدث تضارب بين تصريحات المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبين تصريحات المتظاهرين؟
- بناء علي ما رأيت فإنني أتفق تماما مع كل ما أعلنه المؤتمر الصحفي العسكري عن أحداث ماسبيرو الذي قالوا فيه: إن المظاهرة لم تكن سلمية.. وأن الجيش لم يتدخل، بل أقول ما لم يعلنوه بأن المدرعات كانت ضرورية لانقاذ الجنود المتواجدين لأنه لم يكن معهم حتي عصي ليدافعوا عن أنفسهم، ولا أعرف عساكر بدون سلاح!! وأيضاً أتفق مع المجلس العسكري في عدم اعلانه عن عدم المعاينة، أو عدد الشهداء من جنود القوات المسلحة، وأيضاً في عدم ذكر القوي الخارجية التي كانت وراء الاحداث، بل أقول إنه يستحيل علي المجلس الأعلي كما كان مستحيلاً علي «مبارك» و«السادات» من قبله أن يشير الي المؤامرات الأمريكية والصهيونية التي دبرت هذه الأحداث.
هل لديك أدلة علي ذلك؟
- نعم بل أؤكد أنه يحدث منذ سنوات طويلة منذ حادثة الأقصر، وحادثة فندق «أوروبا» بالهرم كانتا من تدبير الموساد الاسرائيلي، ولم تكن من تدبير أية جهة إسلامية، ولكن الحكومة لم تكن قادرة علي اذاعة هذه الحقيقة لأنها لا تستطيع أن تواجه أمريكا واسرائيل.
البعض يخشي من تكرار هذه الأحداث التي قد تؤدي الي تقسيم مصر؟
- علينا أن نعلم جميعاً إننا في مركب واحد وأن الأقباط مهما كان لهم دعم أمريكي أو حتي اسرائيلي لن يقدروا علي 95٪ من الشعب، ولا يمكن لا لأمريكا ولا غيرها أن يفرقونا.. لأن مصلحة الجميع مسلمين ومسيحيين واحدة، وأن المؤامرات التي تدبر لمصر في دول منابع النيل ستضر بالمسيحيين كما ستضر بالمسلمين، وأيضاً ضرب الاقتصاد المصري لن يفرق بين مسلم أو مسيحي، وأن فكرة التقسيم يستحيل تطبيقها لأن المسيحيين مندمجون في ربوع مصر بالكامل ولهذا لن تجدهم أغلبية في أي قرية، ولا يمثلون 10٪ في اماكن بالجمهورية، فكيف يمكن أن نقتطع أي مكان في الجمهورية يكونون يمثلون فيه 10٪ فهذا مستحيل.. وإنما امكانية الفتنة والضرب والاضطرابات وأن كله يضرب في كله فهذا متاح جداً.
هل المسئولية الكاملة تلقيها علي أمريكا واسرائيل مع عدم وجود أياد في الداخل تلعب في هذا الملف؟
- لا، لأن الشحن الذي تم في هذه المظاهرة يجب أن يُسأل عنه رجال الكنيسة من القساوسة وفلول الحزب الوطني، وفلول الاخوان، وكل من ثبت اشتراكه بالتحريض في هذا الحادث ولكن هذا يتطلب حكومة قوية، لأن حكومتنا في غاية الضعف والتضارب في القرارات.
تأخير قانون دور العبادة الموحد أحد أسباب الاضطرابات؟
- مسألة قانون دور العبادة في غاية التعقيد، لأن كل كنيسة من الكنائس لها مطالب مختلفة عن الكنيسة الاخري «ارثودكس، كاثوليك، انجيلية، بروتستانت».. ثم كيف نوحد بين قواعد بناء الكنائس، وقواعد بناء المساجد التي خصصت لها أموال وأوقفت عليها منذ مئات السنين لبناء المساجد وصيانتها.
وكيف تحل مشكلة بناء الكنائس؟
- طالما فيه قصور من جانب الدولة في منح تراخيص بناء الكنائس، فالقضاء موجود اما ان يقوموا ببناء الكنائس فوق المباني الخاصة من مساكن أو دور الضيافة فهذا يشعل المواقف ولابد من احترام القانون من الجميع، لأن كثيراً من المسلمين أيضاً يبنون المساجد علي الأراضي الزراعية، ثم يبنون فوق هذه المساجد مساكن وهذا أيضاً مخالف للقانون ويجب ازالته، وهدم المسجد.. فهدم المسجد أو الكنيسة جائز شرعاً، فإذا كان يتم هدم الكنائس غير المرخص لها، فيجب أيضاً هدم المساجد التي اقيمت بدون تراخيص، والمساواة يجب أن تكون كاملة وبين جميع الطوائف، حتي لا يتم إثارة الحساسيات، المهم ان يحترم الجميع القانون، وإذا اقيم هذا الاحترام فالقانون هو الذي سيحكم، ولن توجد مشاكل.
كيف تري ادارة المجلس الاعلي للقوات المسلحة للبلاد؟
- ادارة فاشلة، متناقضة، وتدل علي عدم الخبرة والدراية بما يجري!! ويجب علي المجلس العسكري أن يعلم ان الجيش مهمته الدفاع عن البلاد وليس له أية صلاحيات في الادارة أو الحكم الذي يحتاج الي قدرات قانونية وسياسية وادارية وفنية وخبرات لذلك الحكام يتعددون وتتوزع المهام بين الوزارات وكل وزارة لها متخصصون.. اما أن يكون رجال الجيش هم الذين يحكمون في الاقتصاد والقانون والتشريع وهذا صعب.
هذه فترة انتقالية فرضتها الظروف عليهم وعلينا؟
- الظروف لم تكن تسمح لهم بانتخاب مجلس رئاسي مشكل من افراد لهم دراية بشئون الحكم وهذا يتم في 3 أيام ولدينا الدساتير التي تصلح فيها بعض النصوص، ومنها دستور 54 فهو مثالي، ولكن يبدو أن مشكلته ان به نظاماً ديمقراطياً حقيقياً وبه مبدأ الفصل بين السلطات ولكن هم يريدون الاستئثار بكل السلطات كما كان يفعل «مبارك» لابد من توزيع السلطات، وأن تصبح كل سلطة حارسة علي شئونها أمينة علي اختصاصها، وتمنع المحكومين لديها من الاعتداء علي هذه الشئون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.