"التجاهل والاستعلاء والتهميش" .. كان العنوان الأبرز للعلاقات المصرية الإفريقية طوال العقود الثلاثة الماضية التي حكم فيها المخلوع، كجزء من الضعف الذي اتسم به الدور المصري بوجه عام إقليميا وعالميا. ولم تسع القاهرة للتواصل مع الامتداد الجنوبي للبلاد الا على استحياء من خلال أنشطة دبلوماسية تقليدية ودورات ودية في كرة القدم تحت مسمى دورة وادي النيل. وعلى الرغم من امتداد نهر النيل في عمق القارة الإفريقية، ووجود المنبع الرئيسي له كشريان للحياة في مصر في عدد من دول القارة السمراء، الإ أن ذلك لم يدفع مبارك للتكرم والتنازل للتقرب من هذه الدول الفقيرة، خاصة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في اثيوبيا في عام 1995، ما دفع الكيان الصهيوني للتوغل في هذه القارة من خلال عدد من المشروعات أبرزها ما يعرف بسد النهضة الذي تصر أديس أبابا على إقامته. وطوال سنوات طويلة لم يسمع المصريون عن الكثير من دول افريقيا إلا من خلال مشاركات الأندية والمنتخبات المصرية في بطولات القارة. وصل الود بعد سنوات عجاف منذ تولي الرئيس مرسي بدأت الدبلوماسية المصرية محاولات جادة للتواصل مع القارة السمراء، من خلال اتصالات مكثفة على كافة المستويات الدبلوماسية حتى جاء الإعلان عن زيارة الرئيس مرسي إلى أوغندا ولقائه مع ستة رؤساء دول افريقية من بينها زامبيا وجنوب افريقيا والصومال، وذلك بعد نحو شهر من زيارة رئيس الوزراء هشام قنديل إلى أثيوبيا لتقديم واجب العزاء في وفاة رئيس الوزراء الاثيوبي ميلس زيناوي. كما حظي الملف السوداني باهتمام كبير من القيادة المصرية؛ لكون السودان يمثل عمقا استراتيجيا لمصر، وأن ما يحدث فيه يكون له جل الأثر علي الأمن والمصلحة القومية المصرية، وأن أمن مصر من ناحية العمق الإفريقي مرهون بأمن السودان واستقراره، فضلا عما تملكه السودان من ثروات طبيعية وما يمكن تحقيقه من التكامل الاقتصادي بين قطبي وادي النيل. علاقات اقتصادية واعدة يتوقع الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والقارة الافريقية مزيدا من الصعود مع صعود الدكتور مرسي إلى سدة الرئاسة ومحاولاته للتواصل الاقتصادي مع مختلف دول العالم. كما أعلنت الحكومة المصرية عن قرب افتتاح الطريق البري بين مصر والسودان بطول 27 كيلو متراً في شهر يناير 2013، كما كشفت الحكومة السودانية عن توقيع عدد من البروتكولات بين البلدين لخدمة المصالح المشتركة. وقد بلغت صادرات مصر الى 8 دول تقع على حوض النيل هى السودان وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وإريتريا وكينيا وروندا وبوروندي خلال عام 2011 نحو 07ر1085 مليون دولار في حين بلغت الواردات المصرية من نفس الدول نحو 23ر609 مليون دولار ليصل حجم التبادل التجاري معها في نفس العام الى 3ر1694 مليون دولار. ويؤكد الخبراء أن أسواق هذه الدول يمكن أن تستوعب أضعاف أرقام الصادرات المصرية اليها. تعاون عسكري البعد الأمني والعسكري لم يغب عن ملف العلاقات المصرية الافريقية، وهو ما ظهر في حضور الفريق أول عبد الفتاح السيسي حلقة البحث الرئيسي الذي نظمته هيئة البحوث العسكرية تحت عنوان "الأسلوب الأمثل لتنمية العلاقات المصرية الإفريقية في إطار المصالح المشتركة بين مصر ودول القارة الإفريقية وإثرها على الأمن القومي المصري". وتناول البحث الأهمية الإستراتيجية للقارة الإفريقية وأثرها على العلاقات المصرية الإفريقية وتطور العلاقات والمصالح المشتركة بين مصر ودول القارة وتأثيرها على الأمن القومي المصري سياسيا واقتصاديا وامنيا، وتضمن البحث المتغيرات والتحديات الإقليمية والعالمية وأثرها على مستقبل القارة الإفريقية والإستراتيجية المصرية المقترحة لتنمية العلاقات المصرية الإفريقية في كافة المجالات وخاصة في المجال العسكري والأدنى لتعزيز أمن مصر القومي.