هناك أناس متسلطون بطبيعتهم لا يطيقون أن يحترموا آراء الآخرين فضلًا عن تبنيها، فإذا تسلَّم أحدهم أي منصب قياديّ في إدارة أو مؤسسة أو شركة أو دولة فإنَّه يكون شغله الشاغل كيف يتحايل على الشورى أو الديمقراطيَّة؛ ليعود إلى تحكيم رأيه. من النكات المتداولة بين رؤساء مجالس إدارة الشركات الكبرى: أنَّ رئيس مجلس الإدارة القوي المستعد للممارسة الدكتاتوريَّة حين يجتمع بمجلس الإدارة ويتصدره يقول بلسان المقال أو بلسان الحال: القرارات جاهزة، فهل تحبون التوقيع عليها قبل بدء الجلسة والتداول أو بعد ذلك؟. ولقد شهدت مؤسسات كثيرة يتشدق قادتها بأنَّهم ديمقراطيُّون وشورويُّون، لكنَّهم جميعًا من ذلك النوع الذي يُخفي في طيَّات نفسه نزعات التسلُّط، ويضع عليها غُلالات رقيقة زائفة من الرغبة في التشاور، أو الأخذ بالأساليب الديمقراطيَّة كما يقولون، وهؤلاء كلّهم مشاريع لصناعات الدكتاتور، ينبغي أن يُحذروا، وأن يُتنبه لأساليبهم، فلطالما دمَّر هؤلاء حكومات، ودول، ومؤسسات، وأحزاب، وفئآت باستبدادهم. وحين كان يشكوا إليَّ بعض العراقيّين من استبداد صدَّام وتحكمه؛ كنت أقول لهم نعم هو مستبد ودكتاتور، لكنّني أرى في طيَّات أنفسكم، وكوامن مشاعركم مشاريع لصدَّام، تجعل كلًا منكم مستعدًا لأن يكون صدَّام لو وضع في موضعه، وقد حدث. فالشورى من غير مُتَّقين تتحول إلى صورة وشكل، وكذلك الديمقراطيَّة، ولكل شيء صورة وحقيقة، فابحثوا عن الحقائق ولا تخدعنكم الصور.