أصدر ستة من كبار صحفيي جريدة "الشعب" من أعضاء اللجنة التنفيذية بحزب "العمل" بيانًا أدانوا فيه بشدى إقدام مجدي أحمد حسين الأمين العام للحزب على إصدار مطبوعة باسم "الشعب" – وصفوها ب "النشرة الهزلية"- دون أن يكون من بين أعضاء هيئة تحريرها أي من صحفييها الذين صنعوا اسمها كجريدة خاضت العديد من المعارك ضد النظام السابق واستطاعت أن تحظى باحترام جموع المصريين. وتبرأ الصحفيون مما وصفوها ب "العملية التخريبية للحزب والجريدة" في ضوء قرارات حسين الفردية التي يتخذها بعيدًا عن مؤسسة الحزب، وطلبوا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يمسك بزمام البلاد حاليًا، وكذلك الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للصحافة. واتهم بيان الصحفيين الذي حصلت "المصريون" على نسخة منه، مجدي حسين باللجوء إلى "النزعة التسلطية والفردية والشخصانية، التي حاولت بكل الطرق والأساليب، هدم الكيان المؤسسي وتغليب نزعات الفردية، وفقا لنظرية تقليد الضحية للجلاد". ووقع على البيان كل من خالد يوسف عضو اللجنة التنفيذية للحزب رئيس تحرير الجريدة الالكترونية، وحسين أحمد حسين عضو اللجنة التنفيذية مدير تحرير الجريدة الالكترونية، وكمال السعيد حبيب عضو اللجنة التنفيذية، وطلعت رميح عضو اللجنة التنفيذية رئيس تحرير الجريدة السابق، وعامر عبد المنعم رئيس التحرير السابق عضو اللجنة التنفيذية، وصلاح بديوى عضو اللجنة التنفيذية. ويأتي ذلك بعد يومين من صدور بيان عن المكتب السياسي لحزب "العمل"، برئاسة الدكتور صلاح عبد المتعال طعنًا على إعلان حسين ترشيح من قبل اللجنة العليا للحزب لمنصب الرئاسة اعتبر فيه أن هذا الإعلان "غير صحيح ولم يتم بشكل لائحي ويتنافي مع الشورى والتقاليد الديمقراطية التي يتبعها الحزب في التعاطي مع الشأن العام". وتطرق الصحفيون في بيانهم إلى خلافات سابقة مع مجدي حسين خلال الفترة التي تم فيها تجميد الحزب وجريدة "الشعب" واستمرت لأكثر من عشر سنوات، حيث شهد الحزب خلافا حقيقيا متوسعا حول دوره وممارساته طوال مرحلة ما بعد تجميد الحزب خاصة - امتدادا لخلافات سابقة لم تصل إلى منتهاها لوجود الأمين العام السابق المفكر عادل حسين - غير أن الكادر القيادي فى الحزب آثر عدم إقصاء حسين عن موقعه رغم إجماع الرأي على هذا، لأسباب تتعلق بظروف تجميد الحزب وافتقاد أداة إعلامية فى تلك المرحلة، ولعدم الإضرار بالأوضاع القانونية المتعلقة بالقضايا المرفوعة أمام الهيئات القضائية لعودة الحزب والجريدة، وكم كان الكادر الرئيسي يعتصر قلبه الألم حين كان يتابع استغلال البعض لذلك الموقف المبدأ الحريص على سمعة الحزب ومستقبله لدعم التسلط الفردي. وتفجرت عدة أزمات فى الحزب بين تيارين خلال فترة التجميد امتدادا لما كان قبلها، في الحزب والجريدة، بين دعاة للمؤسسية سعوا ويسعون للحفاظ على حزب العمل وجريدة "الشعب"، للإبقاء على رمزية الحزب المعبرة عن تلاحم قيادات ذات أصول فكرية متعددة الإتجاهات، جمعها النضال الجاد والعمل المجموع المؤسسي، فى مرحلة تاريخية من نضال الشعب المصري، والحفاظ على انسياب روح الحرية والصدام مع الباطل التي مثلتها كتيبة فرسان جريدة الشعب برمزياتهم التي خاضت حملات مشهودة ضد الظلم والفساد. فيما قال الصحفيون إن التيار الآخر مثله "فرد مجدي حسين وزمرة نفعية، عملت ما استطاعت لتحويل الحزب إلى ملكية خاضعة لتسلط الفرد إنفاذا لمصالحهم ولبقائهم فى مراكز حزبية، حتى صار الكثيرون يتندرون بكوننا نرفض توريث الحكم لمبارك ونمارسه فى حزبنا، وأننا نرفض ديكتاتورية مبارك ونوافق على إلغاء المؤسسية واستمرار أشخاص فى مواقعهم وانفرادهم بإصدار القرارات، وها نحن نصل الآن إلى مفارقة مرعبة". وأضافوا: لقد أوقف الديكتاتور حسنى مبارك "جريدة الشعب" وشن حربا تجويعية على صحفييها الأبطال وإدارتيها الذين لعبوا دورًا مهما فى مساندة صدور الجريدة حتى اضطرت نخبة منهم للإضراب عن الطعام لعشرة أيام لإجبار النظام على صرف الأجور عبر المجلس الأعلى للصحافة، وها هو مجدي حسين ذهب ليصدر جريدة الشعب بعد الثورة مستبعدا كل صحفييها هو الآخر بحجة أنهم أضربوا عن الطعام ضد النظام القمعى ووصلوا إلى إتفاق لحماية استقرار أسرهم. وكانت نقطة الفصل فى الصراع حين طلب دعاة المؤسسية ضرورة وضع هيكل مالي ومسئوليات محددة للموارد والمصرفات، فرفض حسين ومن معه وأصر على الإنفراد بالأمور المالية وصار يفصل قيادات الحزب، باعتبار أن مسألة مالية الحزب هي أهم أدوات صناعته للأتباع والنفعيين من خارج كوادر الحزب، وأحد مصادر قدرته على إصدار بيانات ومطبوعات باسمه دون إشراف الحزب، وبعدها جرى تعطيل مؤسسات الحزب القيادية وصناعة أشكال مزيفة، بل وصل الأمر حد التصرف بالإساءة إلى رئيس الحزب الأستاذ الكبير/ المستشار محفوظ عزام. وقد ظهر الخلاف واضحا بين حسين وصحفيي "الشعب" حين أدان إضرابهم الأخير عن الطعام. لقد لجأ الصحفيون للمرة الثانية لاستخدام سلاح الإضراب بعد عشر سنوات على إستخدامهم الأول له، حين اكتشفوا شطب أسماؤهم من التأمينات الاجتماعية، ولأجل الحفاظ على مستقبلهم المهني، ووصلوا لاتفاق مع نقيب الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والحكومة ممثلة فى رئيس مجلس الشورى.. رئيس المجلس الأعلى للصحافة، ووزارة المالية، لإصلاح هذا الخلل الخطير على مستقبل أبنائهم، فما كان من مجدي حسين إلا أن هاجمهم وأدانهم فى بيان باسمه وبعض من زمرته، ومن ثم هو قرر فصلهم جميعا عند إصداره لما أسماه "بالجريدة" فى صورة النشرة فى الأيام الأخيرة بشكلها المهين سياسيا ومهنيا. واتهم الصحفيون مجدي حسين بأنه أصدر نشرة باسم "جريدة الشعب" لخدمة ذاته، بعيدا عن كل مؤسسات الحزب والجريدة ونصب نفسه رئيسا لتحريرها، بما شكل خروجا على الحزب ومؤسساته وإضرارا بمستقبل الصحفيين ودورهم من حزبيين وغير حزبيين إرضاء لذاته ورغباته وتسلطه. كما أعلن عن ترشيح نفسه للرئاسة بغير علم مؤسسات الحزب، وكان هذا الترشح الذي يسعى إليه، هو السبب فى إصدار تلك النشرة الهزلية، على حد تعبيرهم.