وفى قمة الناتو عام 2002 التي عقدت في براغ، وبالرغم من أن قيادة الحلف لم توجه دعوة إلى كوتشما إلا انه توجه إلى العاصمة التشيكية، وشارك في اجتماع مجلس الشراكة الأوروبي الأطلسي. وقد شغل انضمام أوكرانيا إلى عضوية الناتو حيزاً أساسياً في سياسة أوكرانيا الخارجية خلال رئاسة كوتشما للبلاد، باعتبار أنها ستتمكن من الالتحاق بالبيت الأوروبي، \r\n \r\n \r\n والحصول على مساعدات لإخراجها من أزماتها وقد سعت كييف بحماس للانضواء تحت اللواء الأميركي والناتو حتى أن البرلمان الأوكراني صادق في وقت سابق على قرار يتيح لقوات حلف شمال الأطلسي باستخدام الأراضي الأوكرانية وقت الضرورة. \r\n \r\n \r\n كما شاركت القوات الأوكرانية في العديد من التدريبات والمناورات التي نظمها الناتو. ومنذ عدة أيام أعلن الرئيس الحالي فيكتور يوشينكو عن ثبات نهج القيادة الأوكرانية بالسير على طريق التكامل الأوروبي والأورأطلسي، مشيراً إلى ضرورة التفكير في كيفية الحصول على العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. \r\n \r\n \r\n وكان يوشينكو قد وجه رسالة وقعت عليها رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو ورئيس البرلمان ارسيني ياتسينيوك إلى الأمين العام للناتو دي هوب شيفر أعربوا فيها عن أملهم في أن تنضم أوكرانيا إلى خطة العمل لنيل العضوية في حلف شمال الأطلسي خلال قمة الحلف في بوخارست في أبريل المقبل. \r\n \r\n \r\n وقد أثارت هذه الرسالة ردود فعل حادة في الأوساط السياسية والشعبية الأوكرانية، حيث قام نواب حزب الأقاليم والحزب الشيوعي بتجميد عمل البرلمان إلى أن يستجيب رئيس المجلس النيابي لطلبهم بسحب توقيعه من رسالة يوشينكو إلى سكرتير حلف الناتو، والتي طالب فيها بالإسراع بضم أوكرانيا إلى عضوية الناتو. \r\n \r\n \r\n واعتبر المعارضون لانضمام أوكرانيا إلى الناتو أن قرار المشاركة في خطة العمل لعضوية الناتو لا يمكن أن يتم إلا وفق نتائج استفتاء عام. وقد بدأت المعارضة بتنظيم اعتصامات أمام مباني البرلمان ومجلس الوزراء ومقر الرئاسة. \r\n \r\n \r\n وقد كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة «المبادرات الديمقراطية» الأوكرانية أن أكثر من 50 بالمئة من المواطنين الأوكرانيين ضد انضمام بلادهم إلى الناتو. وأظهرت نتائج الاستطلاع أنه في حال أجري الاستفتاء حول الانضمام إلى الناتو في وقت قريب \r\n \r\n \r\n فإن حوالي 53 بالمئة من مواطني أوكرانيا سيرفضون انضمام بلادهم إلى الحلف، في حين سيؤيد 32 بالمئة حصول أوكرانيا على عضوية الناتو. واعتبر 9,51 بالمئة من المواطنين أن الناتو هو حلف إمبريالي عدواني سيجر أوكرانيا في عملياته العسكرية، بينما أعرب 6,49 بالمئة عن قلقهم من أن يؤدي انضمام أوكرانيا إلى الناتو إفساد العلاقات مع روسيا. \r\n \r\n \r\n ولم تقتصر ردود الفعل على الشارع الأوكراني، وإنما تجاوزتها إلى موسكو، حيث أعلنت وزارة الخارجية أن روسيا ستضطر لاتخاذ «خطوات جوابية مناسبة» في حال انضمام أوكرانيا إلى الناتو. \r\n \r\n \r\n وأكدت أن هذا القرار سيؤثر سلباً على العلاقات بين البلدين، واعتبرت الخارجية الروسية أن التوسع الجديد لحلف شمال الأطلسي سيؤدي إلى إحداث متغيرات عسكرية سياسية خطيرة ستمس أمن روسيا وستنعكس سلباً على الأمن الأوروبي. \r\n \r\n \r\n وفي رد له على تحذير وزارة الخارجية الروسية أفاد الرئيس يوشينكو بأن القيادة الأوكرانية تبقى مستعدة لبحث كل ما تعتبره روسيا خطراً على أمنها. كما أعلن فيكتور نيدوباس نائب مدير دائرة حلف الناتو في وزارة الخارجية الأوكرانية أن كييف مستعدة للحوار مع موسكو حول القضايا المتعلقة بانضمام أوكرانيا المحتمل إلى حلف شمال الأطلسي، بهدف إزالة القلق موسكو، مؤكداً حرص بلاده على العلاقات مع روسيا. \r\n \r\n \r\n ويبدو أن الجانب الأوكراني لا يرى في انضمامه إلى الناتو، وما قد يعنيه من انتشار القوات الأميركية على الحدود الروسية خطراً يهدد الأمن القومي لروسيا، ناهيك عن تهديد الأمن القومي الأوكراني. \r\n \r\n \r\n ولا يقتصر على تجاهل مصالح البلاد القومية وتجاهل أمن الدول المجاورة، وإنما تستمر الحكومة الأوكرانية في سياساتها التي تضرب بعرض الحائط بإرادة الشعب الأوكراني، فلم يكن استطلاع الرأي هو المؤشر الوحيد الذي يعكس رفض الأوكرانيين لانضمام بلادهم إلى عضوية الناتو، \r\n \r\n \r\n \r\n وإنما تكشف أحداث القرم التي وقعت منذ عام ونصف، عندما دخلت بارجة أميركية ميناء «فيدوسيا» الأوكراني في إطار إعداد الموقع للمناورات المشتركة بين أوكرانيا والناتو، وقد أسفرت تحركات سكان القرم الاحتجاجية والتي استمرت لعدة أسابيع لتراجع السلطات عن إجراء هذه المناورات وخروج السفينة الأميركية من المياه الإقليمية الأوكرانية. \r\n \r\n \r\n لا شك أن هذه الأحداث تكشف عن أن دخول انتشار قوات الناتو في أوكرانيا لن يكون أمراً سهلاً، وربما صعب التحقيق. ان التطورات الجارية في سياق مساعي الناتو لتوسيع نفوذه بدأت تشكل تهديداً حقيقياً للأمن الدولي، ليس لأنها تدفع روسيا للتحرك عسكرياً لحماية أمنها، \r\n \r\n \r\n وإنما لأنه لا يوجد مبرر لهذه التحركات سوى فرض حصار على روسيا وتفجير علاقاتها مع الدول المجاورة، ما يوفر للناتو مبرراً لوجوده كمنظمة عسكرية تأسست لمواجهة موسكو منذ منتصف القرن الماضي. \r\n \r\n \r\n بل أن موسكو قد تعلن عن انسحابها بشكل نهائي من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في أوروبا. كما يمكن لروسيا أن تلغى معاهدة الصداقة مع أوكرانيا وتنسحب من التعاون العسكري الفني مع أوكرانيا في خطوة ستؤدي بالضرورة إلى تدهور الوضع الاقتصادي في أوكرانيا. \r\n \r\n \r\n ما سيؤدي إلى أن تفقد أوكرانيا أسواقاً أساسية لمنتجاتها الغذائية. ان قرار البرتقاليين في أوكرانيا بالتقرب من الغرب لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية الأوكرانية، لأن الغرب لن يقدم أية مساعدات أو معونات مجانية لأوكرانيا. \r\n \r\n \r\n ولعل تجربة صربيا التي وافقت على شروط الناتو، بل وقامت بتسليم الرئيس السابق سلوبدان ميلوسيفيتش إلى محكمة لاهاي التي فشلت في إثبات الاتهام الموجه له، لعل هذه التجربة تكشف كيف أن الغرب سينبذ أوكرانيا بعد أن ينشر قواته فيها وسيتراجع عن وعوده بدعم اقتصادها. \r\n \r\n \r\n الأهم من هذا وذاك هو أن أوكرانيا لا تحتاج لمساعدات الغرب، إذا ما تمت إدارة اقتصادها بما يخدم المصالح الوطنية وأقامت علاقاتها على أساس تبادل المنفعة، واحترام دول الجوار. ليس فقط لمجرد الجوار وإنما بسبب وجود مصالح مشتركة تعود على الشعبين بالخيرات. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n