مصير أسطول البحر الأسود الروسي فلاديمير سادافوي جاءت تصريحات نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي ايفانوف التي لم تستبعد مغادرة أسطول البحر الأسود الروسي قاعدته في ميناء سيفاستوبول الأوكراني عام 2017، بهدف تهدئة التوتر المتصاعد، خاصة في ظل إصرار الرئيس فيكتور يوشينكو على إجلاء القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
ايفانوف أعلن أن بلاده تسعى لتجديد عقد إيجار قاعدتها البحرية في شبه جزيرة القرم، ولكنها ستخليها إذا فشلت في ذلك. وأضاف أن موسكو تتمسك بتسوية الخلافات عبر الحوار، وترفض اللجوء لأسلوب الإنذارات مسبقة أو خطوات أحادية الجانب، مؤكدا استعداد بلاده لإعادة النظر في مختلف شروط استمرار تواجد أسطول البحر الأسود الروسي في المياه الإقليمية الأوكرانية، بما في ذلك قيمة إيجار القاعدة.
من المعروف أن روسيا تريد بقاء أسطولها في سيفاستوبول حتى بعد عام 2017، ليس فقط لأن هذا المكان يعد مكانا طبيعيا وتاريخيا لمرابطة أسطول البحر الأسود. وإنما لأن البحر الأسود يشكل أحد أهم مناطق النفوذ الاستراتيجي. وعلى ضوء التوتر الحاصل لن تخرج روسيا من البحر الأسود، وإنما ستغادر فقط ميناء سيفاستوبول.
حيث وضعت قيادة البحرية الروسية خطة جديدة لنشر الأسطول الروسي تعتمد على تعدد قواعد أسطول البحر الأسود لتتوزع وحدات الأسطول بين القواعد، التي يمكن أن تقع في نوفوروسيسك وتيمروك وتاغانروغ (روسيا) واوتشامتشيرا (أبخازيا) وفي ميناء طرطوس في سورية، على أن تتمركز قيادة الأسطول في مدينة روستوف في جنوبروسيا.
وقد أثارت التصريحات الروسية حول إمكانية سحب أسطول البحر السود الروسى من ميناء سيفاستوبول ردود فعل مختلفة. حيث أكدت وزارة الخارجية الأوكرانية على رفض كييف لتمديد فترة تواجد أسطول البحر الأسود في قاعدته في سيفاستوبول، وأعربت عن قناعتها بأن سحب أسطول البحر الأسود الروسي من الأراضي الأوكرانية الذي يجب أن ينجز في عام 2017، وتهيئة البنية التحتية المطلوبة في الأراضي الروسية، سيستغرقان ما يقارب 6 سنوات.
فيما دعا زعيم حزب الأقاليم الأوكراني المعارض فيكتور يانوكوفيتش إلى «ضرورة زيادة قيمة الإيجار الذي تدفعه روسيا لأوكرانيا مقابل مرابطة أسطول البحر الأسود الروسي في القرم. ويعتبر هذا الحل جيدا ويحقق مصالح أوكرانيا ليس لأنه يزيد من عائدات ميناء سيفاستوبول، وإنما لأن تواجد أسطول البحر الأسود الروسى حقق حالة من الاستقرار والأمن للمياه الإقليمية الأوكرانية».
ما يسعى إليه الرئيس يوشينكو هو إخراج الأسطول الروسي من المياه الأوكرانية، وإدخال أساطيل حلف الناتو، وباعتبار أن الأسطول الروسى لن يغادر البحر الأسود، فإن خطة يوشينكو تستهدف وضع الأطراف التي تشهد علاقاتها حالة توتر في مجابهة، ما يعنى أن الرئيس الأوكراني قرر أن يلعب الدور الأساسي في إزاحة روسيا من مناطق نفوذها التقليدية، وان يضفى أجواء التوتر والصدام على مناطق أمنة مستقرة منذ عشرات السنين.
ويبدو الخلاف واضحا بين يوشينكو ويانيكوفيتش زعيم حزب الأقاليم حول مسألة تواجد الأسطول الروسي في ميناء سيفاستوبول، لأن هذا مرتبط باختلاف منطلقاتهم. فزعيم حزب الأقاليم، ايضا يرحب بسياسة الالتحاق بالبيت الأوروبي، والانضمام للناتو.
ولكن استنادا لكون هذه التوجهات تحقق مصالح أوكرانيا، لذا يسعى في هذا السياق إلى علاقات تعاون متميزة مع روسيا، استنادا لخبرة أوكرانيا في أهمية هذه العلاقات لتحقيق مصالحها، وإحلال الاستقرار والأمن. أما الرئيس يوشينكو فينفذ سياسة تخدم مصالح واشنطن التي عمليا تهدد أمن واستقرار البلاد، وتتعارض مع مصالح أوكرانيا.
إن إيجاد حالة مواجهة في مياه البحر الأسود بالتأكيد لا تخدم أمن أوكرانيا، ولا تحقق لها آية مكاسب، لذا ليس مفهوما على الإطلاق إصرار يوشينكو على إخراج روسيا من ميناء سيفاستوبول، واستبدال الأسطول الروسي بالأسطول الأميركي، لأن روسيا لن تغادر البحر الأسود لتنفرد به الولاياتالمتحدة. عن صحيفة البيان الاماراتية 30/10/2008