\r\n وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمة، اقدم رئيس وزراء البوسنة وهو صربي على تقديم استقالته، ويهدد السياسيون الصرب الآخرون بالانسحاب من المؤسسات التي اقيمت من أجل الابقاء على البوسنة كبلد واحد حسبما تم التوصل اليه في اتفاقية دايتون للسلام التي انهت حرباً ضروساً استمرت لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام. \r\n \r\n الأزمة الحالية أحدثت الكثير من الهزات المتتالية في العواصم الأوروبية لأن الموضوع له علاقة بقضية كوسوفا وتصميم الغالبية الالبانية على الانفصال عن صربيا واعلان الاستقلال، الحقيقية أن الوضع ليس بذلك السوء الذي قد يظنه البعض وكما توحي الأجواء بذلك، وبالتالي ليست هناك امكانية لاشتعال حرب اخرى في هذا البلد، فالبعض يحاول الحصول على مكاسب سياسية ليس في البوسنة وانما في مكان آخر. \r\n \r\n باختصار تحاول صربيا من خلال مناوراتها هذه ردع الدول الغربية عن الاعتراف باستقلال كوسوفا. \r\n \r\n القادة الصرب في الجمهورية الصربية في البوسنة غاضبون على ميروسلاف لاجاك، وهو دبلوماسي سلافي وأعلى مسؤول دولي هناك، ويملك حق سن القوانين واقالة المسؤولين الحكوميين. \r\n \r\n في أكتوبر غير لاجاك قوانين الانتخاب داخل البرلمان البوسني ومجلس الوزراء من أجل تسريع عملية اتخاذ القرارات ومنع الجماعات العرقية الأساسية وهي الإسلامية والصربية والكرواتية من استغلال القوانين وتسخيرها لصالح البعض على حساب الآخرين. \r\n \r\n يحاول المسؤولون الدوليون الانطلاق بسرعة على طريق الاصلاح وسط تنامي العداء بين السياسيين المسلمين والصرب. وتبادل حارس سيلادتش زعيم أكبر حزب إسلامي وميلوراد دوديك رئيس وزراء الجمهورية الصربية التهديدات الساخنة، وقد دعا سيلادتش إلى الغاء الجمهورية الصربية في الوقت الذي هدد دوديك بإعلان الاستقلال عن البوسنة. \r\n \r\n الخطير في الأمر ان صربيا تحاول ربط مصير كوسوفا بالبوسنة حيث وضعت هاتين القضيتين ضمن أولوياتها القومية وتشبه هذه السياسة ما سبق ان قام به سلوبودان ميلوسوفيتش من اعلان عزمه على حماية الصرب اينما كانوا داخل يوغسلافيا، وهي سياسة أدت في النهاية إلى احداث الكثير من التشعبات والتوترات وفتحت بالتالي الباب أمام انطلاق الحروب الدامية التي شهدها البلقان لاحقاً. \r\n \r\n دوديك يستخدم الآن نفس النغمة ويقول إنه إذا ما اعترفت الأسرة الدولية باستقلال كوسوفا، فإن الجزء الصربي من البوسنة سيعيد التفكير بالشيء الذي يخصه ويعنيه، وهناك احتمال كبير ان يعلن كوسوفا الاستقلال بعد العاشر من ديسمبر الذي حدد كتاريخ نهائي للتوصل إلى اتفاق بين الصرب والألبان، وطغيان هذا الشعور بدأ يعمق الأزمة بين الأطراف المختلفة. \r\n \r\n الكثير من السياسيين والمحللين لا يعتقدون ان الوضع السياسي سيئ إلى هذا الحد وينبئ بعواقب وخيمة، فإذا ما نظرنا إلى ما يحدث على الأرض، نجد ان هناك القليل من التوترات داخل البوسنة وشوارعها حيث سجلت حوادث قليلة للغاية ذات علاقة بالبعد العرقي، ويؤكد بعض السياسيين والمحللين ان البوسنة لا تواجه أي مخاطر بالتفكك في الوقت الذي اصبحت فيه على بعد خطوات من عضوية الاتحاد الأوروبي، ويقولون ان البوسنة حققت انجازات ضخمة خلال السنوات الثلاث الماضية وان الأزمة الحالية هي أزمة سياسية وليست أزمة عرقية. \r\n \r\n يقول جيرالد كيناوس مدير مبادرة الاستقرار الأوروبية «تتمتع البوسنة بدرجة عالية من الثقة في النفس حيث تراجعت مستويات الجريمة فيها إلى ذلك المستوى الموجود في الاتحاد الأوروبي، كذلك دمجت الجيوش التي تقاتلت خلال الحرب والعائدة للقوميات الثلاث الرئيسية في جيش واحد، كذلك اقيم خلال السنوات الخمس الماضية جهاز موحد للجمارك وهناك قانون واحد يحكم الضرائب والشرطة الفيدرالية وقد اقتربت البوسنة كثيراً من التوقيع على اتفاق الاستقرار وهي الخطوة الأولى على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n يقول تانيا توبيك المحلل السياسي المقيم في بانيا لوكا وهو صربي «لا اعتقد أن هناك أزمة، وكل ما هو حاصل ان الوضع في البوسنة يجري استغلاله من قبل السياسيين في صربيا لتقوية موقفهم، في الوقت الذي يستخدم ايضا من قبل السياسيين الصرب المحليين في البوسنة لخدمة اهدافهم السياسية، ويضيف توبيك «لا اعتقد بوجود نوايا جدية لإعلان الاستقلال لأن ذلك لن يحسن وضع الصرب في البوسنة. \r\n