\r\n وقد جاءت المهمة، التي اعتبرت في أوساط كثيرة تراجعاً عن سياسة عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة التي تعتمدها أستراليا، استجابة لطلب المساعدة الذي تقدم به عدد من الزعماء في جزر السولومون. كما جاء في ظل مخاوف \"كانبيرا\" من أن تتحول الجزر المفتقدة إلى حكم القانون إلى تربة خصبة لأنشطة الإرهاب العالمي. \r\n المهمة كللت بالنجاح السريع، حيث تمكنت القوات الأسترالية من مصادرة أطنان من الأسلحة غير القانونية، ووجهت تهم القتل إلى المئات ممن تورطوا في هذه الأعمال، كما نجحت في إقناع \"هارولد كيكي\"، الذي يُعد أشهر زعماء الحرب في الجزيرة الرئيسية \"غوادالكنال\"، بالاستسلام. وبعد عودة السلام إلى البلاد، قامت أستراليا بسحب العديد من قواتها المرابطة هناك لتشرع في التركيز على التنمية الاقتصادية. \r\n ولكن العديد من تلك القوات أعيد في الأسبوع المنصرم إلى جزر السولومون من أجل إخماد أعمال الشغب التي اندلعت عقب الانتخابات، مما دفع المحللين الأستراليين إلى اعتبار أن حفظ السلام في جزر السولومون سيتطلب جهوداً أطول وأكثر تعقيداً من قبل أستراليا من أجل تطوير مؤسسات سياسية دائمة بالبلاد. ويقول \"مايكل فوليلوف\"، المحلل السياسي بمعهد \"لاوي\"، وهو مؤسسة بحثية في سيدني: \"في 2003، اخترنا تحمل هذه المسؤولية، كما اخترنا ألا نحيل القضية إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة تفادياً للبيروقراطية، وبالتالي فمن واجبنا اليوم إتمامها\". \r\n ويوم الاثنين الماضي أدى رئيس الوزراء المنتخب الجديد لجزر السولومون اليمين الدستورية وسط إجراءات أمنية احترازية. وقد دفع انتخاب \"سنيدار ريني\"، في الخامس من أبريل الجاري المحتجين إلى القيام بأعمال تخريب ونهب في \"المدينة الصينية\" (Chinatown) بالعاصمة \"هونيارا\"، حيث رأى المتظاهرون في \"ريني\" استمراراً للنظام السابق الذي كانوا يعتبرونه فاسداً. وقالت المعارضة إن \"ريني\"، الذي انتخب من قبل 27 من أصل أعضاء البرلمان الجديد الخمسين، فاز بفعل الأموال التي دُفعت إلى أعضاء البرلمان من قبل بعض رجال الأعمال الصينيين. كما كانت ثمة في الوقت نفسه ادعاءاتٌ بأن الحكومة التايوانية دفعت المال من أجل انتخاب \"ريني\". \r\n ومما يجدر ذكره أن صورة النظام السابق تضررت كثيراً بعدما أفاد عدد من التقارير بأن رئيس الوزراء وقتها تلقى مبالغ مالية كبيرة بفعل ديون تايوانية ميسرة بهدف الاحتفاظ بالوضع الدبلوماسي مع جزر السولومون. ومما يُذكر في هذا السياق أن كلا من الصين وتايوان تقوم باستثمارات في الجزر في مسعى منهما للحصول على امتياز جيوسياسي بالمنطقة. \r\n ويقول المتحدث باسم الجالية الصينية في \"هونيارا\"، \"باتريك ليونغ\"، الذي قدم إلى جزر السولومون منذ أربعين عاما، \"نحن –الصينيين- أصبحنا هدفاً سهلا لسكان الجزر لأننا كسبنا المال\". وقد فقد \"ليونغ\" هذا نادياً ليلياً وشقة وكازينو وفندقاً في أعمال الشغب، غير أنه لا يعتزم العودة إلى الصين. وفي هذا السياق، يقول ليونغ: \"كلا، هذا هو مكاني، وهذا ما قلته لكل الصينيين الذين غادروا على متن رحلات \"تشارتر\" خلال اليومين الماضيين –لا تذهبوا فالأمور ستتحسن\". \r\n هذا وقد اضطر ما يزيد على 600 صيني إلى النزوح بسبب أعمال العنف، فيما عاد نحو نصف هذا العدد إلى الصين. والواقع أنه في حين قد يكون لرجال الأعمال الأغنياء تأثير في السياسة هناك، لا يثق الفقراء كثيراً في تحسن الأوضاع. ومن المتوقع أن يتقدم بعض اللاجئين الصينيين بطلب اللجوء في أستراليا. هذا وبالرغم من الاضطرابات الأخيرة، إلا أن مراسيم أداء أعضاء البرلمان الجديد للقسم مرت في هدوء تام. كما أعلن \"ريني\" أن النظام والقانون عادا إلى البلاد، وأن أولئك الضالعين في أعمال عنف سيتم إيقافهم، قائلا: \"لا يوجد أحد فوق القانون في هذا البلد\". \r\n وفي حين منح حفل التنصيب الأرخبيل فرصة لالتقاط أنفاسه، لا يخفي عدد من المراقبين قلقهم إزاء قدرة \"كانبيرا\" على التعاطي مع المهمة التي تنتظرها. ذلك أن جزر السولومون كانت محمية بريطانية إلى سنة 1978، وفيها ما لا يقل عن 100 لغة وتعاني العديد من الصراعات العرقية. وفي هذا الإطار، يتساءل \"سينكلير دينان\"، الخبير في شؤون المنطقة بالجامعة الوطنية الأسترالية بكانبيرا: \"كيف لك أن تنشئ دولة في مجتمع قبلي حيث يعيش 80 في المئة من السكان في القرى، وحيث لا يوجد مفهوم حديث للمواطَنة؟\". وأضاف قائلاً: \"في نصف الحالات، يُنتخب الناس هناك إما لنسبهم أو لتمتعهم بوضع في المجتمع لا نعرفه\". \r\n والواقع أن الضغوط الرامية إلى اعتماد المعايير الديمقراطية قد تنفر بعضاً من السكان. وحول هذا الموضوع يقول دينان: \"لقد كانت ثمة مستويات كبيرة من التأييد للحضور الأسترالي هناك، لكن ثمة احتمالاً لأن يتم فقدان ذلك المستوى من التأييد. فالخطر يكمن في أنه في حال كان الناس ينظرون إلى رئيس الوزراء باعتباره مجرماً، فحينها ستتضرر صورة القوات الأسترالية لأنها بصدد توفير الحماية له\". \r\n \r\n جاناكي كريمار \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في سيدني \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n