\r\n لكن اللافت للنظر في تحركات أورتيجا هذه هو أنه علي أتم استعداد للمجازفة بقدر كبير من رأس المال السياسي ليس فقط بطرد ليوتيس من الحزب بل أيضاً بإلغاء ترخيص خصمه الذي كان يسمح له بعقد الاجتماعات السياسية، ومنعه من استخدام الرموز الخاصة بحزب ساندينيستا. ولكن علي الرغم من كل هذا فما زال علي أورتيجا أن يقلل من قدرة ليوتيس علي حشد الجماهير. ومن هنا فإن استعراض القوة الغاشمة علي هذا النحو من قِبَل أورتيجا لا يذكرنا إلا بأساليبه الاستبدادية. \r\n \r\n ستكون هذه المحاولة الخامسة لأورتيجا في خوض المعركة الانتخابية علي الرئاسة، وهي تأتي بعد أن خسر المحاولات الثلاث السابقة. وهو ما اتخذته إدارة بوش ذريعة لكي تدعو قدامي المحاربين في حرب الكونترا التي شُنت ضد ساندينيستا في ثمانينيات القرن العشرين للعودة إلي مراكزهم، بما فيهم إليوت أبرامز، وجون نيجروبونتي، وروجر نورييجا، ودان فيسك، وأوتو ريتش. وفي تذكرة بتلك المواجهة اتهم أورتيجا أعداءه القدامي في الولاياتالمتحدة بتدبير خطة لاغتياله. ولقد رد روجر نروييجا السكرتير الثاني لخارجية الولاياتالمتحدة لشئون أمريكا اللاتينية بوصف أورتيجا بأنه قاطع طريق سفاح . \r\n \r\n يراهن أورتيجا بمهاجمة بوش علي الصدي الذي سيخلفه ذلك لدي مناصري حركة ساندينيستا فيحرضهم علي توحيد الصفوف استعداداً للمواجهة، وبهذا يتمكن من خنق المعارضة داخل الحزب. ولكن في هذا البيئة المستقطبة بالفعل، فإن اللجوء إلي معادلة التوازن بين أورتيجا وبوش لا يزيد عن كونه نبوءة لا يقود تحققها إلا إلي الشعور بالرضا عن الذات. \r\n \r\n وفي دفاعه عن ترشيحه لنفسه يريد أورتيجا أن يقنع مناصريه بأن حملته الانتخابية تأتي كجزء من موجة الانتصارات الأخيرة التي سجلها جناح اليسار في أمريكا اللاتينية. لكن هذا ليس سوي نصف الحقيقة فقط. \r\n \r\n هناك يسار جديد ينمو في أمريكا اللاتينية، لكن أورتيجا ليس جزءاً منه. وفي سياق اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية، فإن أورتيجا يشبه تقليداً رديئاً لفيدل كاسترو ولكن بدون الثروة النفطية لدي هوجو شافيز. \r\n \r\n إن ليوتيس هو الحامل الرسمي للواء اليسار في نيكاراجوا. ومثله كمثل فازكويز، ولاجوس، وكيرشنر، ولولا في بلدان أخري من المنطقة، فإن ليوتيس يقدم إمكانية إقامة نظام يساري ديمقراطي معاصر، يلتزم بالجوانب الاجتماعية وقادر في ذات الوقت علي إيجاد الحلول الوطنية والاعتراف بالخلافات العميقة مع الولاياتالمتحدة وصندوق النقد الدولي والدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلي حلول لهذه الخلافات. \r\n \r\n يسعي قادة اليسار الجديد إلي التعامل مع الولاياتالمتحدة بأسلوب يحرص علي تجنب تنفير هذه القوة العظمي والتسبب في عزل بلدانهم. أما في نظر أورتيجا فإن هذا الموقف ينضح بالخيانة، وانحرافات الديمقراطية الاجتماعية، والميول الاستعمارية. \r\n \r\n لكن علي الرغم من سياسة أورتيجا المنطوية علي مفارقة تاريخية، فما زالت لديه فرصة كبيرة للفوز في انتخابات نوفمبر 2006. وليس عليه إلا أن يحافظ علي وحدة صفوف حزبه وأن يواصل مخططات التفريق بين أصحاب الأصوات المناهضة لساندينيستا. ومن مفارقات القدر أن يكون حليفه الرئيسي في هذه المغامرة عدوه القديم الرئيس السابق أرنولدو أليمان، الذي يخضع الآن للإقامة الجبرية في منزله بتهمة الفساد. ويسيطر الزعيمان علي 90% من البرلمان، والمحكمة العليا، واللجنة الانتخابية. ومعاً يستطيع الزعيمان العمل علي إبقاء رئيس نيكارجوا الحالي تحت سيطرتهما إلي ما لا نهاية. \r\n \r\n أليمان أيضاً يواجه تمرداً في حزبه الدستوري الليبرالي PLC، والذي يتولي زعامته وزير الخزانة السابق إدواردو مونتياليجري، وهو رجل شعبي من الجناح الليبرالي بالحزب ويحدوه الأمل في الفوز بمنصب الرئاسة. وإذا نجح أليمان في منع مونتياليجري من ترشيح نفسه عن الحزب الدستوري الليبرالي ودفعه إلي تكوين حزب سياسي آخر، فهذا يعني ارتفاع احتمالات فوز أورتيجا بمنصب الرئيس إلي حد كبير. ويواجه أصحاب المصالح التجارية الذين يمولون الحملات السياسية معضلة عصيبة: هل يجدر بهم أن ينحازوا إلي الحزب الدستوري الليبرالي الذي يهيمن عليه أليمان الفاسد، أو يبادرون إلي تأييد قوة ديمقراطية جديدة، الأمر الذي يعني المجازفة بمساعدة أورتيجا علي الفوز؟. \r\n \r\n علي الرغم من أن التكهن بنتيجة هذا السباق الثلاثي يُعَد محض تخمين بالغيب في الوقت الحاضر، إلا أنه من الواضح أنه يقدم إلي أورتيجا أفضل الفرص الانتخابية. ومن الأرجح أن يساعد أورتيجا في رد الاعتبار إلي أرنولدو أليمان، حيث يراهن علي أن إطلاق سراحه من شأنه أن يخدم مصالحه السياسية. لكن الخلل الرئيسي في هذا السيناريو هو ليوتيس. \r\n \r\n تؤكد نتائج استطلاعات الرأي أن الأغلبية العظمي من ناخبي ساندينيستا يفضلون عمدة ماناجوا السابق 72% في مقابل 18% لأورتيجا. وإذا ما نجح ليوتيس في تنظيم الصفوف علي المستوي الوطني، وكان حريصاً علي التواجد في الشارع، فقد يصبح مرشحاً غير قابل للهزيمة في وقت لا يذكر. ولقد أظهر استطلاع للرأي جري في شهر يناير الماضي أن ليوتيس قد يحقق المركز الأول إذا ما كانت المنافسة بين أربعة مرشحين، ثم يليه مونتياليجري. ولن يكون من نصيب أورتيجا إلا المركز الثالث. أما أليمان، أو مرشحه، فإن المركز الرابع والأخير سيكون في انتظاره. \r\n \r\n إذا ما استمر الناخبون في الميل تجاه ليوتيس ومونتياليجري فسيصبح بوسع هذين المرشحين الفوز بعدد من المقاعد في الجمعية الوطنية يفوق ما قد يفوز به حزب ساندينيستا والحزب الدستوري الليبرالي مجتمعين. ومثل هذه النتيجة ستكون محل ترحيب كنهاية لهيمنة أليمان وأورتيجا اللذين اتسمت خدماتهما لشعب نيكاراجوا بالرداءة الشديدة. \r\n \r\n مع أنه من السابق للأوان أن نخرج بتوقعات حاسمة، إلا أن تمرد ليوتيس ومونتياليجري قد حقق خلال ثمانية أسابيع ما عجز عن تحقيقه أي تحرك آخر خلال العامين الأخيرين فيما يتصل بتغيير التوجهات السياسية للبلاد. ونتيجة لهذا فقد يأتي اختيار الرئيس القادم وفقاً لرغبة شعب نيكاراجوا وليس بإملاء من زعمائها الأقوياء. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n كارلوس تشامورو \r\n \r\n مدير برنامج هذا الأسبوع في تلفزيون نيكاراجوا، وهو رئيس تحرير جريدة كونفدنشيال الأسبوعية والمدير السابق لجريدة ساندينيستا باريكادا . \r\n