ووفقاً لميثاق الأممالمتحدة, يمتلك كل من هؤلاء الأعضاء الخمس الدائمين حق الاعتراض على اي قرار او تحرك لا توافق عليه احدى هذه الدول او لاتراه يتفق مع مصالحها او مصالح حلفائها. ولايوجد اي احتمال ان الدول الخمس الكبرى سوف تقلع عن استخدام حق الفيتو او ان تمنح هذه الميزة الى دول اخرى مثل المانيا, او اليابان او الهند او ربما البرازيل. هذه الخطوة سوف تعوق صناعة القرار وتحول الأممالمتحدة الى نسخة جديدة من عصبة الأمم صاحبة السمعة السيئة, التي فشلت في اتخاذ موقف فاعل في وجه العدوان الألماني والإيطالي او الياباني في الثلاثينيات. في الواقع ان ما تحتاجه الأممالمتحدة اليوم هو العودة الى جذورها وتقوية موقفها , بدلاً من اضعاف موقفها ودور الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. عندما تأسست الأممالمتحدة في عام 1945, كانت عبارة عن منظمة للدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. وكانت تعتمد اسسها على التحالف الكبير في وقت الحرب بين كل من بريطانيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. هذا الاسم مشتق من اعلان للأمم المتحدة تم توقيعه في واشنطن في يناير 1942, والذي وضع اهداف الحرب والسلام للتحالف الكبير. كانت النقاشات قد بدأت داخل التحالف الكبير في 1942 حول انشاء منظمة جديدة للأمن الدولي عندما اقترح الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ان القوى العظمى لابد وان تؤسس لنفسها شرطة دولية وان تستخدم قوتها العسكرية المشتركة لتفرض النظام على الشؤون الدولية. وقد تبنى الدكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين مبادرة انشاء شرطة دولية في عالم ما بعد الحرب بكل حماسة, لدرجة انه اصر على ان هذه الترتيبات لن تتم بدون اتحاد الثلاث الدول الكبرى. وكان التعبير التنظيمي لهذه الوحدة ونظام الفيتو يعني ان الدول العظمى لايمكن ان تستخدم الأممالمتحدة ضد بعضها البعض ولايمكنهم ان يتخذوا اي موقف امني جماعي الا على اساس موافقة جميع الأطراف. تأسست الأممالمتحدة في مؤتمر حضرته خمسون دولة من دول التحالف في سان فرانسيسكو في يونيو من عام 1945, ولكن كل القرارات الهامة حول هيكل ودور المنظمة الجديدة قد اتخذتها الدول الثلاث الكبرى. والميثاق قد تم صياغته في مؤتمر جمع ممثلين عن كل من اميركا, و بريطانيا والإتحاد السوفيتي في دومبارتون اوكس في اغسطس عام .1944. وفي فبراير عام 1945 وافق كل من تشرشل وستالين وروزفلت على نظام الفيتو(حق الاعتراض). وبعد ذلك قررت الدول الثلاث الكبرى مَن مِن الدول سيتم دعوتها ليصبحوا اعضاءا مؤسسين. ومن بين هذه الدول كانت تلك الدول التي حاربت الى جانب قوات التحالف خلال الحرب. ولم يتم استبعاد كل الدول المعادية فقط ولكن ايضاً الدول المحايدة مثل ايرلندا والسويد والبرتغال واسبانيا. واصبحت بعد ذلك كل من فرنسا والصين اعضاءاً في مجلس الأمن تحت وصاية الدول الثلاث الكبرى. وفي سان فرانسيسكو توالت الشكاوى من تزايد قوة الدول الثلاث وتزايدت الطلبات من اجل انشاء منظمة اكثر مساواة. والعديد من هذه الشكاوى اتت من دول مثل استراليا وكندا التي لعبتا دوراً هاماً في جهود التحالف خلال الحرب. ولكن الحقيقة القاسية انه بدون هذه الدول الثلاث الكبرى ماكانت سترى الأممالمتحدة النور وكان هذا يعني انه لابد من القبول بهذه الألية الجديدة وهي الفيتو لكي تتمكن القوى العظمى من حماية مصالحها الفردية والجماعية. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية, وعندما انهار التحالف الكبير, اصبحت الأممالمتحدة ارضاً للمعارك بين الإتحاد السوفيتي والغرب خلال فترة الحرب الباردة. وفي هذا السياق لم تكن الأممالمتحدة قادرة على العمل كما كان مقررا لها في البداية, كإطار للدول الثلاث الكبرى لتجميع مواردها العسكرية والموافقة على التحرك ضد اي دولة معادية. وبدلاً من ذلك حدثت داخل الأممالمتحدة تحالفات متعددة بدأت تؤكد على الخاصية والطبيعة العالمية التي تتسم بها المنظمة ودورها كمدافعة عن حقوق الدول ومواطنيها. اصبحت الأممالمتحدة الأن منظمة مختلفة تماماً عما كانت عليه حين تأسست على يد الدول الثلاث الكبرى. حيث ان بها العديد من الأعضاء, كما يوجد بها تعددية كبيرة, اضافة الى اشتراكها في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وكذلك القضايا الأمنية لدول العالم. ولكن فحواها وهويتها الأصلية لازالت تعرف من خلال التعاون وصراع المصالح بين الدول الكبرى داخل مجلس الأمن. وبعد مرور ستين عاماً على انشاء الأممالمتحدة , لابد من الإعتراف بزيادة نفوذ وسلطة الدول العظمى في اطار هذه المنظمة. والأن وبعد انتهاء الحرب الباردة, فقد حان الوقت للعودة الى الرؤية الواقعية للظروف والتي لابد للأمم المتحدة من تدبرها لكي تساهم بدور كبير في السلام والأمن الدوليين. \r\n \r\n \r\n جيوفري روبرتس \r\n استاذ التاريخ بجامعة كورك بأيرلندا وكاتب في خدمة الأخبار التاريخية