ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا اعتمد بوش الحرب الوقائية؟، الانعزالية تضرب جذورها في البدايات الأميركية وا
نشر في التغيير يوم 15 - 01 - 2005


\r\n
والكتاب الذي نناقشه هنا، والذي يحمل عنوان «الحرب ومؤسسة الرئاسة الاميركية» لمؤلفه آرثر شليزنجر، الكاتب والمؤرخ الاميركي المرموق الذي حصل مرتين على جائزة بوليتزر.
\r\n
\r\n
وقدم العديد من الكتب أبرزها كتاباه عن جاكسون وكنيدي يحاول من خلال استعراض التجارب السياسية الاميركية، على مدى سنوات الحربين العالميتين الاولى والثانية والحرب الباردة ثم حرب الخليج الاولى واخيراً الحرب ضد الارهاب، الاجابة على التساؤلات التي لاتزال تطرح هنا وهناك في محاولة لتفسير ما حدث ويحدث.
\r\n
\r\n
\r\n
يركز شليزنجر في كتابه، الذي صدر اخيراً على البعد التاريخي في توصيفه لطبيعة الحرب ضد العراق، وهو البعد الذي يهمله العديد من الكتاب والباحثين، إلا انه يؤكد بوصفه واحداً من المؤرخين المرموقين على أهمية هذا البعد في فهم الأزمات الحالية وإلقاء المزيد من الضوء عند توضيح الخيارات التي يلجأ اليها صانعو القرارات.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف ان تجارب الماضي هي التي تملي ردود افعالنا تجاه الاوضاع الراهنة. فليس هناك شعب من الشعوب بدون ذاكرة، فالاميركيون تشكل الافكار والاحداث القديمة معظم ردود أفعالهم على الازمات التي يواجهونها في الوقت الحاضر، فتجارب الرؤساء الاميركيين السابقين وطرق علاجهم للازمات التي واجهوها لاتزال تمثل اساساَ قوياً للفكر السياسي الاميركي والمعاصر.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المولف في كتابه، الذي يقع في 160 صفحة من القطع المتوسط، والصادر عن دار «نورتون» الاميركية للنشر، ان السياسة التي نطلق عليها الآن «السياسة أحادية الجانب» هي سياسة قديمة قدم الولايات المتحدة نفسها.
\r\n
\r\n
\r\n
فقد أرسى دعائمها جورج واشنطن وتوماس جيفرسون، وكانت السياسة التي اهتدى بها صانعو القرارات الاميركيون على مدى أكثر من قرن، ولاتزال ضمن مكونات الحامض النووي لفكر الكثير من الاميركيين، إلا انه مع تغير الظروف العالمية وزيادة المخاطر التي تعرضت لها الولايات المتحدة رأى ودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت ان المصالح الاميركية تستدعى اتخاذ اجراءات وانشاء مؤسسات تحقق الأمن الجماعي.
\r\n
\r\n
\r\n
عالم تتهدده المخاطر
\r\n
\r\n
\r\n
لم يفكر أحد في انه يتعين على الولايات المتحدة ان تحيل أمنها القومي لهيئات متعددة الجنسية، إلا انه بدا ان الامن الجماعي هو الاسلوب الامثل، في مواجهة عالم تتهدده المخاطر من كل جانب.
\r\n
\r\n
\r\n
فعلى سبيل المثال، رأى الرئيس جورج بوش الأب ان التعددية هي اسلوب جيد، وتجسد ذلك في سياسته خلال حرب الخليج الاولى، ومع ذلك فقد عاد الرئيس جورج بوش الابن الى رفع لافتة السياسة الاحادية التاريخية. لكنه لوى عنق هذه السياسة بشكل غير مسبوق.
\r\n
\r\n
فقد اعتمدت «عقيدة بوش» سياسة الحرب الوقائية كأساس للسياسة الخارجية، الاميركية، وتخلى عن استراتيجية الاحتواء والردع، التي كان لها الدور المهم في تحقيق الانتصار في الحرب الباردة.
\r\n
\r\n
\r\n
ففي الوقت الذي نعطي فيه لانفسنا فقط حق شن حرب وقائية، فإننا نتجاهل تحذيرات وزير الخارجية الاميركي جون كونيسي آدمز من الذهاب الى الخارج «بحثاً عن أشرار لتدميرهم». فقد قال آدمز ان مثل هذا التصرف سيجعل الولايات المتحدة دولة تفرض ديكتاتوريتها على العالم ولن تصبح مبادئها مثلاً يحتذى به.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي ضوء اندفاع ادارة بوش نحو فرض هيمنتها على العالم، ما كان آدمز سيندهش كثيراً من الاعمال المستفزة التي ارتكبها الاميركيون في سجن ابو غريب.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف اننا عندما نقرر شن الحرب بشكل منفرد وأحادي، فإننا نجعل من الولايات المتحدة القاضي وهيئة المحلفين وسلطة تنفيذ الحكم في العالم. والنتيجة المباشرة لمثل هذا التصرف هي ان بقية دولة العالم باتت تخشى الولايات المتحدة، وتكرهها بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الاميركي.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى الكاتب ان عقيدة بوش القائلة بشن حرب وقائية تتطلب معلومات استخباراتية دقيقة وموثوقة بشأن نوايا العدو وقدراته. إلا ان تجربة العراق اظهرت ان امام وكالات الاستخبارات الاميركية طريقاً طويلاً قبل ان تتوصل الى مثل هذه المعلومات الدقيقة.
\r\n
\r\n
\r\n
وتجعل فجوة الثقة التي نتجت عن عدم التوصل الى أسلحة دمار شامل في العراق من عقيدة بوش خياراً لا يمكن تكراره مرة اخرى، اذ اننا ذهبنا الى الحرب بناء على معلومات استخباراتية غير دقيقة وملفقة.
\r\n
\r\n
\r\n
الا ان الحرب اعطت مؤسسة الرئاسة الاميركية صلاحيات غير عادية لتولد من جديد مؤسسة الرئاسة الامبريالية، التي تفرض قيوداً عديدة ضد الحرية الفردية، واصبحت هناك تجاوزات لقانون الوطنية، ويتم سجن الارهابيين المشتبه بهم في غوانتانامو لسنوات من دون محاكمة ومن دون ان يتمكن محاموهم وافراد اسرهم من الاتصال بهم.
\r\n
\r\n
\r\n
بالاضافة الى اللامبالاة لتقارير الصليب الاحمر عن الاعمال الوحشية التي يتعرض لها المعتقلون في العراق. وتثير الحرب في العراق علامات استفهام اخرى. فهل هناك التزام اخلاقي بأن يقف الشعب الاميركي الحر وراء الرئيس في زمن الحرب من دون ان يوجه له اي انتقادات؟
\r\n
\r\n
\r\n
وحتى اذا كان هذا المبدأ قائماً، فقد تم انتهاكه في كل الحروب، على مدار التاريخ الاميركي. فقد اكد الرئيس الأسبق تيودور روزفلت والسيناتور روبرت تافت على حق الشعب في انتقاد الرؤساء في زمن الحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذه القضية تفتح الباب امام تساؤلات اكبر حول الديمقراطية وآفاقها المستقبلية، خاصة وأن الرئيس جورج بوش الابن لم ينجح في الانتخابات من خلال تصويت شعبي مباشر. وهناك قلة من الاميركيين يفهمون العمليات الإجرائية المعقدة للكلية الانتخابية، اذن هل للديمقراطية مستقبل؟
\r\n
\r\n
\r\n
لقد استمر العالم من دون ديمقراطية حتى قبل قرنين من الآن، وثمة دليل ضعيف يشير الى احتمال انتصار المؤسسات الديمقراطية خلال قرن من الآن. لقد ادى فشل الديمقراطية في القرن الماضي الى تسليم المبادرة لأنظمة شمولية علمانية، منها الشيوعية، الفاشية، والنازية. وهذه الانظمة راهنت على التاريخ، لكن التاريخ ذاته هو الذي اسقطها.
\r\n
\r\n
\r\n
ووجدت الديمقراطية نفسها في مطلع القرن الحادي والعشرين في مواجهة تحد جديد من المتشددين واصبح البحث عن بديل ديمقراطي امراً ملحاً، وفي الواقع فإن الحكومات الديمقراطية تكون دائماً في امس الحاجة لقيادات عظيمة.
\r\n
\r\n
\r\n
الانعزالية كمبدأ ثابت
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان الولايات المتحدة قامت منذ تأسيسها على نظام «الانعزالية» السياسية، على الرغم من انها لم تطبق هذا النظام على التجارة والثقافة. ومع ذلك فإنه عندما يتعرض الامن القومي الاميركي لتهديدات خارجية تضطر الى الدخول في تحالفات مؤقتة والمشاركة في حروب خارجية.
\r\n
\r\n
\r\n
ورأت الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ان سيطرة دولة واحدة قوية على اوروبا وفرض الهيمنة العسكرية عليها يمثل تهديداً لها. الا ان اميركا ظلت تنأى بنفسها بعيداً عن المشكلات التي يواجهها العالم حتى قبل قرن مضى عندما تصاعدت القوة الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
فمنذ ما يزيد عن القرن بقليل كانت الحرب الاسبانية الاميركية بمثابة البداية لدخول الولايات المتحدة في حسابات القوى العظمى. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى ومعها المخاوف الاميركية من هيمنة قوة اخرى على القارة الاوروبية، فدخلت واشنطن الحرب دفاعاً عن مصالحها القومية.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن الرئيس وودرو ويلسون رأى ان حماية المصالح القومية ليس مبرراً كافياً لتبرير التضحية وأهوال الحرب. لذلك فقد اقترح قيام عصبة الامم لتحل محل نظام التحالف الذي تغذيهالحرب ومحل توازن القوى القديم. وعلى الرغم من انه رأى في قيام العصبة مستقبلاً يسوده السلام الا انه توقع في سبتمبر 1919 نشوب حرب عالمية اخرى خلال جيل اخر.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعد ويلسون واحداً من أعظم دعاة السلام في العالم.
\r\n
\r\n
\r\n
فقد فرضت المادة الخامسة من احكام العصبة «التزاماً» على الدول الأعضاء بعدم القيام بأي عدوان خارجي واحترام وحدة أراضي والاستقلال السياسي للدول الاخرى الاعضاء. كان هذا يعني، او بدأ انه يعني، ان القوات الاميركية سوف يتم ارسالها الى ساحات القتال ليس دفاعاً عن المصالح الأميركية، بل دفاعاً عن النظام العالمي.
\r\n
\r\n
\r\n
الا ان اميركا عادت بعد عامين من توجه ويلسون الدولي الى سياستها التقليدية المريحة، وهي الانعزالية. ففي عام 1920 اعلن وارين هاردينج، خليفة ويلسون في البيت الابيض، العودة الى العقيدة القديمة.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال هاردينج في خطابه الاول لدى توليه الحكم «انه في خلال المنافسات الساخنة بشأن حدوث تحول في التوجه السياسي حيث يسبق التوجه الدولي الطابع القومي لسياستنا، فقد لجأنا الى استفتاء الشعب الاميركي، وكانت النتيجة لصالح التوجه القومي. لقد أرسى الآباء المؤسسون دعائم السياسة الاميركية، ولا يمكن ان تكون طرفاً في اي تحالف عسكري دائم.
\r\n
\r\n
\r\n
ولا يمكن ان تدخل في اية التزامات سياسية او تضطلع بأية التزامات اقتصادية تجعل قراراتنا تحت تصرف سلطة غير سلطتنا. ونحن على ثقة في قدرتنا على العمل لتحديد مصيرنا بنفسنا وفي قدرتنا على حماية حقنا في القيام بذلك. ولن نقبل أية مسؤولية سوى تلك التي يمليها علينا ضميرنا وحكمنا».
\r\n
\r\n
\r\n
وفضلاً عن ذلك فقد صور مؤرخون اصلاحيون دخول اميركا في الحرب العالمية الأولى على انه خطأ كارثي، ساهمت فيه قوى شريرة رجال المصارف الدولية، صانعو الزخيرة والدعاية البريطانية بالاضافة الى تصورات ويلسون وأوهامه واكد دخول العالم في فترة الكساد الكبير عملية التراجع الأميركي للسياسة الانعزالية.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا ان خلال الفترة بين الحربين العالميتين تصاعدت الأصوات الداعية إلى التفاعل مع الأحداث الدولية، ومن بين هذه الأصوات فرانكلين روزفلت الذي كتب، بوصفه المتحدث باسم السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي، مقالاً نشرته مجلة «فورين أخيرز» في عام 1928 قال فيه «انه بامكان الولايات المتحدة استعادة ثقة وصداقة العالم فقط من خلال تعزيز تعاونها على الصعيد الدولي.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن روزفلت لم يستطع التصدي لدعاة الانعزالية خاصة داخل الكونغرس الأميركي الذي رفض ان تكون أميركا عضواً في المحكمة العالمية كما مرر تشريعاً حيادياً حرم الرئيس من سلطة التمييز بين المعتدي والضحية ولغى الدور الأميركي في كبح جماح العدوان. باختصار فقد جمد الكونغرس السياسة الخارجية الأميركية خلال السنوات العصيبة التي سبقت الحرب العالمية الثانية.
\r\n
\r\n
\r\n
خلال ذلك، بدأ روزفلت حملة تثقيف شعبية لتنبيه الأميركيين للمخاطر الدولية، وأدى نشوب الحرب في أوروبا عام 1939 إلى دعم حملة روزفلت، لكنها لم تدمر الانعزالية.
\r\n
\r\n
\r\n
وشهدت الولايات المتحدة خلال عامي 1940 1941 مناقشات ملتهبة بين انصار التدخل الدولي والانعزاليين أدت إلى حدوث الانقسام بين العائلات والأصدقاء والكنائس والجامعات والأحزاب السياسية وبحلول أغسطس 1941 وافق مجلس النواب على مشروع قرار بالتدخل الدولي وذلك خلال عملية اقتراع صعبة كان الفرق فيها صوتاً واحداً.
\r\n
\r\n
\r\n
بيرل هاربور تغيير محوري
\r\n
\r\n
\r\n
وجاء الهجوم على بيرل هاربور ليحسم المناقشة لصالح التوجه الدولي إلا أنه لم يتم التخلي عن الانعزالية ورموزها. ففي الانتخابات العامة سقط خمسة فقط من بين 115 عضواً بالكونغرس من أصحاب السجلات الانعزالية.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالنسبة للرئيس روزفلت فقد كانت المهمة الصعبة له في 1943 1945 فضلاً عن الانتصار في الحرب، هي ضلوع الولايات المتحدة في الهياكل الدولية بعد الحرب قبل ان يؤدي السلام إلى عودة أميركا لعادتها الانعزالية القديمة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي حفل عشاء أقامته رابطة السياسة الخارجية الأميركية في أكتوبر 1944 قال روزفلت. ان استتباب السلام في العالم لن يتحقق ما لم تكن الولايات المتحدة على استعداد للتعاون من أجل تحقيقه والحفاظ عليه.
\r\n
\r\n
\r\n
وقام روزفلت بخطوات عديدة لتعزيز التوجه الدولي للولايات المتحدة حتى قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد قام بتنظيم سلسلة من المؤتمرات تضع أسس الآليات الدولية للتعامل مع مشاكل السلام، وعقدت هذه المؤتمرات بمبادرات أميركية ووفقاً لجداول أعمال أميركية وتوصلت إلى مشروعات لتنظيم الشؤون المالية والتجارية العالمية بعد الحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
كما رأى روزفلت في قيام هيئة الأمم المتحدة الوسيلة الوحيدة التي تحول دون عودة الولايات المتحدة مرة أخرى لسياسة الانعزالية. كان مصمماً على بدء أنشطة المنظمة الدولية أثناء الحرب حتى يستغل الشعور الدولي للشعب الأميركي.وقد عقد المؤتمر التأسيسي للأمم المتحدة في سان فرانسيسكو بعد وفاة روزفلت ولكن قبل الانتصار في الحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
تساؤلات أميركية
\r\n
\r\n
\r\n
مرة أخرى عادت التساؤلات الأميركية تثار من جديد. هل سيكون من صلاحية الهيئة الدولية الجديدة اصدار الأوامر للقوات الأميركية بالدخول في حرب دفاعاً عن النظام والسلام العالميين؟
\r\n
\r\n
\r\n
إلا ان حق واشنطن في الاعتراض «الفيتو» داخل مجلس الأمن اعطى للولايات المتحدة الضمان بعدم ارسال قوات أميركية للحرب بدون موافقة واشنطن، ولكن في حالة موافقة رئيس أميركي على مشاركة قوات أميركية ضمن عمل أمني جماعي للأمم المتحدة، فهل يتعين عليه ان يطلب من الكونغرس الحصول على تفويض معين؟ أم ان ميثاق الأمم المتحدة يتجاوز الدستور الأميركي؟
\r\n
\r\n
\r\n
وقد توصل قانون المشاركة بالأمم المتحدة في عام 1945 لحل مثالي لهذه المشكلة. فقد فوض القانون الولايات المتحدة بالالتزام بعدد محدود من القوات من خلال اتفاقيات خاصة يوافق عليها.
\r\n
\r\n
\r\n
الكونغرس كما هو وارد في المادة 43 بميثاق الأمم المتحدة، وليس بمقدور الرؤساء الدخول في مثل هذه الاتفاقيات من تلقاء أنفسهم، وإذا ما تطلب الأمر قوات أكبر مما تحدده الاتفاقية، فإن على الرئيس ان يعود إلى الكونغرس للحصول على تفويض آخر، وكانت هذه الصيغة بمثابة حل وسط مقنع بين ميثاق الأمم المتحدة والدستور الأميركي.
\r\n
\r\n
لكن مثل هذا الاتفاق لم يعمل به كثيراً. إذ عندما أرسل هاري ترومان قوات إلى كوريا بعد ذلك بخمس سنوات لم يسع للالتزام بالمادة 43 أو بالحصول على قرار مشترك من الكونغرس. ليضع بذلك سابقة أغرت العديد من الرؤساء من بعده على اتخاذ قرار الذهاب إلى الحرب عندما يرغبون في ذلك.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان العودة إلى سياسة العزلة بعد انتهاء الحرب، وهو ما كان يخشاه كثيراً روزفلت وجيله، لم تحدث، أو بالأصح لم تحدث في الحال.
\r\n
\r\n
\r\n
فبعد أعوام قليلة من انتهاء الحرب ربطت عقيدة ترومان ومشروع مارشال وحلف شمال الأطلسي «الناتو» ومعاهدات أمنية أخرى مع عمليات انتشار عسكري وبحري وجوي عديدة، ربطت الولايات المتحدة بالعالم الخارجي بطريقة لم يكن يتصور حدوثها مناصرو السياسة الانعزالية حتى في أحلك لحظات تشاؤمهم.
\r\n
\r\n
\r\n
وخلال حربين ساخنتين في شرق آسيا ابان سنوات الحرب الباردة فقدت الولايات المتحدة نحو مئة ألف شخص. وانضم الحزب الجمهوري المعروف بتوجهاته الانعزالية التقليدية لمؤيدي العمل الجماعي. وبدأ في نهاية المطاف ان الاميركيين قد احدثوا تغيراً جذرياً في توجهاتهم، ووافقوا بصورة نهائية على تحمل المسؤوليات الدولية لتنطوي صفحة السياسة الانعزالية الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن لابد هنا من الاشارة الى ان انغماس الولايات المتحدة في الشؤون الدولية خلال الحرب الباردة كان بمثابة رد فعل على ما اعتبرته تهديدا سوفييتيا مباشرا لأمنها، وهو رد فعل ناتج عن الخوف من ان تسيطر على اوروبا قوة واحدة تفرض هيمنتها العسكرية عليها.
\r\n
\r\n
\r\n
مع تلاشي التهديد السوفييتي، تلاشت ايضا الحوافز الاميركية لتعزيز التعاون الدولي، واعطت سيطرة الجمهوريين على الكونغرس في عام 1994 السياسة احادية الجانب قوة دفع جديدة، واتهم رئيس مجلس النواب نيوت جينجريتش كلينتون باعتناق رؤية تقود إلى تفضيل المؤسسات الدولية والتقليل من دور الولايات المتحدة في مقابل الامم المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
بل ان احد الجمهوريين المعتدلين مثل بوب دول الذي رشحه الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة في عام 1996، اشار الى ان «المنظمات الدولية عادة ما تعكس رؤية جماعية تتعارض مع المصالح الاميركية او لا تعكس المباديء والافكار الاميركية». وقد اعرب السير نيكولاس هندرسون السفير البريطاني الاسبق المرموق في واشنطن عن اسفه ل « لرفض الجمهوريين للتوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية الاميركية على مدى الخمسين عاماً الماضية».
\r\n
\r\n
\r\n
حملة ضد الامم المتحدة
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان ذروة السياسة احادية الجانب التي عادت للظهور من جديد تتجسد في الحملة الشرسة ضد الامم المتحدة. ورغم ان الامم المتحدة كانت في الاصل فكرة اميركية وخرجت الى النور نتيجة لجهود رئيسين اميركيين، فانها اليوم تتعرض لهجوم عنيف من جانب مؤسسيها ويعرب الكونجرس الاميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون عن استيائهم للامم المتحدة .
\r\n
\r\n
\r\n
ويصفونها بأنها هيئة عاصية غير مطيعة وتتسم بالغرور، ودأب الكونغرس على تأخير سداد الحصة الاميركية بهدف اصابة انشطة المنظمة الدولية بالشلل، بل تم طرح مشروعات قوانين في الكونغرس تدعو الى انسحاب الولايات المتحدة من الامم المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
وعلاوة على ذلك فإن حتى المتعاطفين مع الأمم المتحدة يتراجعون في آرائهم عند التفكير بإرسال قوات الى الخارج ليتعرضوا للقتل والموت في ظل غياب تهديد مباشر ومحسوس للمصالح الحيوية الأميركية. فكيف يمكن اقناع امرأة تقيم في أوهايو ان زوجها أو شقيقها أو ابنها سوف يموت في البوسنة أو الصومال أو في أي مكان آخر بعيد لا يهدد المصالح الأميركية الحيوية؟
\r\n
\r\n
\r\n
وكم عدد أعضاء مجلس العلاقات الخارجية من انصار التوجه الدولي الذين يوافقون على إرسال أبنائهم ليموتوا في العراق؟
\r\n
\r\n
\r\n
ليس هناك شك في ان للسياسة أحادية الجانب نفوذاً سياسياً قوياً، خاصة مع وضع أميركا في اعقاب الحرب الباردة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة على وجه الأرض.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد تصاعدت حدة هذه السياسة في عقيدة بوش مع الحصول على حق شن حرب وقائية، وهو الحق الذي تتمتع به الولايات المتحدة دون غيرها من دول العالم. ومع ذلك فإن للسياسة أحادية الجانب حدودها، فعندما غرق الأميركيون في المستنقع العراقي، حاولت ادارة بوش تحميل ما فعلته بنفسها على الأمم المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان ما يقال من أن مناصري التوجه الدولي يقترحون اضطلاع الأمم المتحدة بالعلاقات الخارجية للولايات المتحدة هو قول سخيف، بطبيعة الحال.
\r\n
\r\n
\r\n
فوجود المنظمة الدولية لا يلغي الآليات الأساسية للسياسة الدولية والمصالح القومية وعملية البحث عن توازنات مستقرة للقوى. فلا الولايات المتحدة ولا الدول الأخرى سوف تتخلى عن حريتها لحماية مصالحها الحيوية، ان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تقدم المنابر التي يمكن من فوقها احتواء التصادمات بين المصالح والقوى وجعلها تتناغم فيما بينها.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعرب المؤلف عن اقتناعه بأن الولايات المتحدة، في سعيها لتطوير مصالحها القومية، سوف تكتشف بصورة متزايدة ان التحرك المشترك هو الوسيلة المثلى لحماية مثل هذه المصالح. ان القرن الحادي والعشرين سوف يكون قرناً مفعماً بالاضطرابات والفوضى .
\r\n
\r\n
\r\n
حيث ستتزايد رقعة الفقر مع تزايد السكان وتسود فيه عدم المساواة وتحدث خلاله المزيد من الهجرات الجماعية، ويتواصل فيه تدفق السلاح، وتتزايد فيه المنافسة الشرسة على مصادر الثروات وتتحلل فيه البنى والهياكل التقليدية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عالم مثل هذا لن تستطيع دولة بمفردها او حتى شراكة بين دولتين او ثلاث دول ان تضطلع بدور القاضي او الشرطي العالمي، حتى اذا ما افترضنا ان الدول الاخرى ستقبل ذلك، وهو افتراض من غير المرجح ان يتحقق. وبالتالي فإنه يجب دعم الأمم المتحدة لتصل الى مستوى النضج وتضطلع بهذه المهمة.
\r\n
\r\n
\r\n
واضافة الى ذلك فإن الأمم المتحدة هي الوسيلة المفيدة لتجميع المعارف والمشاركة في الاعباء وتوزيع اللوم. ورغم كل جوانب القصور فإن عالماً بدون الأمم المتحدة سيكون عالماً يعاني المزيد من الاضطرابات والفوضى.
\r\n
\r\n
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو مستقبل التفكير الاميركي احادي الجانب؟ يقول المؤلف إن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم على الاصعدة العسكرية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافي، ولكن هذا لا يعني ان قادتها يتمتعون بسلطات مطلقة غير محدودة وبمعرفة لا نهائية. فالقوة العسكرية لا تلغي الاصدقاء والحلفاء .
\r\n
\r\n
\r\n
وليست هي بديلة للحكمة، انها تؤدي الى الزهو والخيلاء الذي لن يفضي الى شيء سوى الى هزيمة انفسنا بأنفسنا. ومن ناحية اخرى فإن فشل السياسة احادية الجانب سوف تجعلنا نتعلم مواجهة المشكلات التي نتعرض لها من خلال العمل مع دول اخرى والاعتماد على المؤسسات الدولية وتعزيز انشطة مثل هذه المؤسسات.
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.