توني بلير سارع لاعطاء الوعود بان يكون احياء مسيرة السلام في الشرق الأوسط على رأس أجندته في السياسة الخارجية بعد 2 نوفمبر‚ الى ذلك الحين فإن الخيوط الدبلوماسية الى العواصم العالمية من بكين الى بروكسل ستبقى محملة بالتكهنات فيما يتوجب علينا ان نتوقع «هزة» أم «زلزالا عنيفا»‚ \r\n \r\n قبل اسبوعين بدا وكأن جورج بوش كان واثقا من حصوله على فترة رئاسية ثانية‚ الآن اصدقاء أميركا وأعداؤها يحدقون ويتمعنون ويفكرون جيدا بل وبصورة عصبية بكل اعلان يصدر عن جون كيري بشأن سياساته المحتملة‚ \r\n \r\n برأيي ان هناك احساسا أكبر بالقلق وعدم الاطمئنان أكثر من التأكد حول ما هو متوقع سواء من فترة رئاسية ثانية لبوش او من ديمقراطي يدخل ليقيم في البيت الأبيض‚ فمن الهند الى اندونيسيا فإن الزعماء الآسيويين قلقون للغاية من الوعد الذي قدمه كيري بوضع نهاية لخسارة الوظائف الأميركية لصالح غير الأميركيين من خلال العمل على وقف نقل المصانع الأميركية للخارج‚ \r\n \r\n الكثيرون في نفس الحكومات يشعرون بالعصبية من ان تؤدي حرب بوش على الارهاب التي لا هوادة فيها الى دفع المسلمين نحو المزيد من التطرف‚ في موسكو تنتاب الهواجس مستشاري بوتين حول الموقف المتشدد الذي قد يتبناه كيري تجاه تراجع الديمقراطية الروسية‚ \r\n \r\n في الضفة الغربية وقطاع غزة فإن القادة الفلسطينيين يشعرون باليأس من الدعم اللامحدود الذي يقدمه بوش لشارون ‚ وليس هناك ادنى شك في ان شارون لديه الكثير من التساؤلات حول مدى جدية كيري في اعادة اطلاق محادثات السلام‚ \r\n \r\n اما القلق الحقيقي والأولي والذي ليس له حدود فيسود في اوساط حلفاء اميركا الأوروبيين‚ فتسوية عبر الاطلسي لما بعد الحرب العالمية الثانية قد انكسرت واحلال التهديد الاسلامي مكان التهديد السوفياتي يعني ان أوروبا لم تعد تقع في مركز المصالح الجيوسياسية لأميركا‚ ويعزز ذلك ايضا حقيقة اخرى وهي ان اميركا لم تعد الضامن الأساسي للأمن الأوروبي ودون وجود اعتماد متبادل مثل ذلك الذي ظهر خلال فترة الحرب الباردة فإن التحالف الآن لن يعمل إلا إذا رغب كلا الطرفين في ذلك‚ ومثال العراق خير شاهد على ان ذلك التحالف لم يعد يعمل بالصورة المتوقعة والمأمولة‚ \r\n \r\n ان مواقف القادة الأوروبيين تعكس باستمرار مواقف الناخبين في دولهم‚ انهم يريدون ان يكسب كيري ولكن ماذا بعد؟ لقد حاول القادة الأوروبيون اصلاح علاقاتهم مع رئاسة بوش قدر الامكان ولكنهم في نفس الوقت لديهم فكرة بسيطة حول الذي سيفعلونه فيما لو تم تحقيق نصر ديمقراطي في واشنطن‚ \r\n \r\n لقد تمسك بوش خلال حملته الانتخابية بالشعارات الكبرى التي رفعها خلال فترة رئاسته الأولى في مجال السياسة الخارجية وهي: الاستخدام غير المتردد للقوة العسكرية الأميركية ونشر الحرية والديمقراطية وكراهية وازدراء فرنسا وكل شىء فرنسي‚ ففي منطق الرئيس بوش فإن العمل على حماية المصالح الأميركية يأتي اولا ثم يأتي التفكير بعده بالشرعية‚ \r\n \r\n فالجمهوريون لديهم سجل حافل في ازدراء التعددية الدولية فعقب الحرب العالمية عارض زعيم مجلس الشيوخ النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي توصل اليه وساعد على قيامه كل من الرئيس فرانكلين روزفلت وهاري ترومان‚ \r\n \r\n المتفائلون في أوروبا يقولون ان الرئيس بوش سيتغير في فترة رئاسته الثانية‚ فالظروف الحالية التي يواجهها أجبرته على العودة للتعاون مع الأممالمتحدة‚ فالولايات المتحدة بدأت تغرق في مستنقع العراق وبالرغم من اللغة العنترية التي يتكلم بها الكثير من مستشاريه‚ إلا ان البنتاغون يفتقر للجنود وبالتالي ليس لديه الارادة على خوض حرب أخرى‚ \r\n \r\n الرئيس بوش رغم كل ما يقال عنه لديه ميل للتعددية الدولية ولكن العقبة الحقيقية في هذا المجال تكمن في ديك تشيني نائب الرئيس ورامسفيلد وزير الدفاع اللذين يكرهان المشاركة في اي ترتيبات دولية مهما كانت وبالتالي فهما يكرهان ويحتقران الحلفاء والتحالفات‚ \r\n \r\n ان اعادة انتخاب بوش سوف تعطيه قناعة شبه مطلقة في انه يمارس سياسة خارجية صحيحة‚ وفي اللحظات الأخيرة التي سبقت انتهاء المناظرة الثالثة والأخيرة مع خصمه كيري كاد الرئيس بوش ان ينطق بجملة ان الله معه ويقف الى جانبه‚ \r\n \r\n فإذا ما حصل مجددا على ثقة الشعب الأميركي فما الذي يدعوه لتغيير مواقفه وسياساته؟ وإذا ما اعيد انتخاب بوش فإن ديك تشيني سيبقى حيث هو نائبا للرئيس وسيرغب رامسفيلد في البقاء في البنتاغون لمدة عامين آخرين‚ واعتقد ان من يفكر بهذا الاسلوب من الواقعيين هم من لديهم القضية الأقوى‚ \r\n \r\n بالنسبة لكيري فإنه ذكر ان أميركا ستحتفظ لنفسها بالحق في التصرف وحدها دون الرجوع الى أي جهة‚ ومن المحتمل ان يشغل ريتشارد هولبروغ منصب وزير الخارجية إذا ما فاز كيري في الانتخابات‚ \r\n \r\n ان ما يهم الأوروبيين هو ان يكون لدى واشنطن الرغبة في الاستماع الى ما يقال لها وعدم ركوب رأسها وفعل ما تراه هي مناسبا بغض النظر عن مواقف وآراء الآخرين‚ \r\n \r\n لقد أكد كيري ان اعادة بناء موقف أميركا في العالم هو شيء مركزي في سياسته الخارجية‚ وهذا الشيء يعكس فهما مفاده انه لا يمكن هزيمة التطرف الاسلامي بالوسائل العسكرية وحدها‚ وهذا الشيء يتناقض مع تفكير بوش الذي لا يرى في الارهابيين سوى مجموعات يمكن قتلها او أسرها مع مرور الوقت‚ ويبدو ان كيري يدرك انه ليس بوسع أميركا كسب قلوب وعقول المسلمين إذا ما فقدت بقية العالم‚ \r\n \r\n ان اي نصر يتحقق للديمقراطيين في 2 نوفمبر لن يصلح العلاقات المكسورة والصداقات شبه المفقودة‚ فالاختلافات مع أوروبا ستظل موجودة بشأن العراق ودور التعددية ولربما ايضا حول الشرق الأوسط‚ \r\n \r\n ان اصلاح العلاقات عبر الاطلسي سيكون مشروعا يستغرق تنفيذه سنوات كثيرة وليس مجرد شيء تلقائي‚ \r\n