وهذا ما حدث تحديدا لهذه المنظمة الدولية حيث يتهمها الكثيرون داخل أميركا بانها مجرد قاعة للنقاش غير قادرة على فرض السلام او تنفيذ القرارات التي تتخذها وحليف للدكتاتوريين المتمتعين بالحضن الأميركي الدافىء مما يجعل من هذه المنظمة منظمة كسيحة غير قادرة على اتخاذ اجراءات ضد الدول التي تسيء الى شعوبها وإلى الآخرين‚ \r\n \r\n خلال الأسابيع التي تلت سقوط نظام صدام حسين توقع البعض ان تسقط الأممالمتحدة بعد ذلك النظام لانها رفضت اقرار الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة‚ \r\n \r\n وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية تحولت الأممالمتحدة الى خادم للحزب الجمهوري وكانت النتيجة انه تم الافراج عن مبلغ ضخم من أحد بنوك نيويورك وسلم لهذه المنظمة ليمد في عمرها مقابل خدماتها الجليلة التي قدمت‚ \r\n \r\n ويوجد سببان يجعلان من أميركا راغبة في الابقاء على هذه المنظمة الدولية العتيدة: \r\n \r\n السبب الأول: ان الأزمة الأمنية والسياسية في العراق تعني ان أميركا بحاجة الى كل الدعم الدولي الذي يمكن ان تحصل عليه‚ فبعد أقل من عام من التهديد بجعل الأممالمتحدة في خبر كان إذا لم تتصرف بما يخدم المصالح الأميركية في العراق‚ عاد الرئيس بوش الى مجلس الأمن مرة أخرى للبحث عن الدعم للعراق الذي يمر في فترة انتقالية في مرحلة ما بعد صدام‚ \r\n \r\n السبب الثاني: ان صدمة العراق قد هزت الأممالمتحدة من جذورها‚ وفي محاولة لكسب الرضا والود الأميركي فإن مجموعة من «كبار الحكماء» بمن فيهم برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي للرئيس بوش الأب سيصدرون قريبا جدا مخططا لاجراء اصلاحات واسعة النطاق في الأممالمتحدة تعد الأوسع والأكبر منذ تأسيسها في 1945‚ \r\n \r\n ان ما تحاول الأممالمتحدة الآن فعله هو أخذ السياسة الأمنية الأحادية الجانب لإدارة بوش وتحويلها الى مبدأ دولي والمنظمة الدولية تسعى لاقناع الولاياتالمتحدة بان بامكانها التعامل مع التهديدات بفاعلية أكبر عبر العمل الجماعي بدل التصرف بصورة منفردة‚ \r\n \r\n لقد قبلت الأممالمتحدة ما تقوله أميركا من ان مخاطر الارهابيين وحصولهم على أسلحة الدمار الشامل هو احد التهديدات الكبرى التي تواجه العالم اليوم‚ والمنظمة الدولية تضيف وتقول ان هناك مخاطر أخرى لا تقل أهمية بسبب العولمة التي ربطت كل هذه العوامل مع بعضها البعض‚ فعلى سبيل المثال فإن الفقر والبؤس يضخم من مخاطر انهيار الدول وان الدول الفاشلة تعتبر حاضنة طبيعية لتفريخ الارهابيين‚ \r\n \r\n وفي تقرير صادر مؤلف من 80 صفحة تحت عنوان «مناقشة عالية المستوى حول التهديدات والتحديات والتغيير» فإن هناك في الأجواء ما يشير الى ان المنظمة الدولية قد تقبل بسياسة العمل العسكري الاستباقي ضد التهديد المحتمل كجزء من الحق التقليدي في الدفاع عن النفس‚ كما انها قد تتبنى المفهوم الأميركي للعمل «الاجهاضي» لوقف التهديدات الأكثر بعدا مع اشتراط موافقة مجلس الأمن‚ \r\n \r\n ذلك التقرير يدافع عن المفاهيم ذات العضلات التي تدافع عن مبدأ التدخل بحجة تحمل المسؤولية الإنسانية لحماية سكان دولة ما إذا ما تصرفت حكومة ذات البلد بصورة غير مسؤولة‚ وستحاول الأممالمتحدة استخدام المنظمات الاقليمية مثل الاتحاد الافريقي للعب دور ميداني في حفظ السلام‚ \r\n \r\n وهناك دعوات توجه الآن لكي يصبح مجلس الأمن أكثر تمثيلا من خلال زيادة عدد اعضائه من 15 عضوا الى 24 عضوا ولن يكون هناك فيتو جديد‚ \r\n \r\n مثل هذه المقترحات توضع من أجل عدم العودة لمناقشة ميثاق الأممالمتحدة من جديد وهذا يعني ان الكثير من المشاكل ستبقى على حالها دون ان يحاول احد لمسها‚ احدى هذه المشاكل ما يسمى بالعجز الديمقراطي وهو وجود دكتاتورية تمارس باسم الديمقراطية من قبل اعضاء محددين‚ \r\n \r\n ويوجد الآن في أميركا من يطالب بأن تحل «الأسرة الديمقراطية» محل الأممالمتحدة‚ ومثل هذا الأمر غير عملي على الاطلاق فهل من الممكن ان تعالج القضايا الدولية بدون الصين التي تعد أكبر بلد في العالم؟ والأكثر من هذا فإن اقوى الاعتراضات على الحرب ضد العراق جاءت من الديمقراطيات المؤسسة جيدا مثل فرنسا وألمانيا ولم تنجح في منع وقوع الغزو الأميركي‚ \r\n \r\n ان احدا لا يحاول حل أكثر نقاط الضعف في الأممالمتحدة وهو حق الفيتو الممنوح للأعضاء الخمسة الدائمين وهم الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا‚ \r\n \r\n هذا الحق المعطى لهذه الدول مسؤول عن الكثير من الاخفاقات والشلل الذي عانت منه الأممالمتحدة خلال فترة الحرب الباردة والكثير من الفجوات التي ظهرت في برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق‚ \r\n \r\n وعلينا ان نعلم جيدا ان حق الفيتو كان هو الحل الوسط الجوهري الذي سمح بقيام الأممالمتحدة في المقام الأول‚ فبدون حق الفيتو ما كان لأميركا ان تصبح عضوا في هذه المنظمة وما كانت لتبقى هذه المنظمة حتى اليوم‚ \r\n \r\n يجب ألا ننظر للأمم المتحدة على انها مكان للفضيلة الدولية او قاعة تضم في جنباتها شياطين العالم بل يجب ان ينظر اليها بصورة عملية على انها مكان تجتمع فيه الدول للتوصل الى حلول وسط يحتاجها العالم اليوم‚ ومن أجل خدمة المصالح الأميركية نفسها يتوجب على اميركا ان تساعد في تحسين هذه المنظمة بدل ان تدير ظهرها لها‚ \r\n \r\n ان الأممالمتحدة ليست سوى ابنة للولايات المتحدة‚ لقد كان فرانكلين روزفلت هو القوة الدافعة التي وقفت خلف الأممالمتحدة وحولها هاري ترومان الى حقيقة في مؤتمر سان فرانسيسكو في ابريل 1945‚ \r\n \r\n في ذلك المؤتمر وقف ترومان ليقول «علينا ان ندرك بغض النظر عن عظمتنا وقوتنا انه يتوجب علينا ان ننكر أنفسنا فلا نعطي أنفسنا الحق والترخيص لنفعل دائما ما يسرنا»‚ فهل هذا موقف اميركا اليوم؟ \r\n