رئيسا جامعتي الأزهر وكفر الشيخ يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون العلمي وخدمة الطلاب    "الوطنية للانتخابات" تتيح خدمة التعرف على السير الذاتية للمرشحين بانتخابات الشيوخ    الزناتي: قريبا إعلان منظومة صحية بالكشف المجاني لأصحاب المعاشات    الأعلى للشئون الإسلامية يواصل رسالته التربوية للأطفال من خلال برنامج "إجازة سعيدة"    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    محافظ الغربية: أعمال رصف طريق «الشين» - قطور أشرفت على الانتهاء    وزير الإسكان يوجه بالمتابعة الدورية لصيانة المسطحات الخضراء في «الشيخ زايد»    أسعار السمك اليوم السبت 19-7-2025 في الدقهلية    إزالة 38 حالة تعدٍّ على الأراضي أملاك الدولة بالجيزة    عائلات الأسرى الإسرائيليين: على نتنياهو الكف عن التسبب في انهيار المفاوضات    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    "يتعلق بأحمد فتوح".. خالد الغندور يثير الجدل بهذا المنشور    عمر مرموش يواجه تحديا قاريا جديدا مع مان سيتي الموسم المقبل    أحمد رمضان يجمع بين تدريب منتخب مصر للكرة النسائية ووادى دجلة    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل بتهمة الاتجار فى الأفيون بسوهاج    "التعليم" تكشف حقيقة تسريب نتيجة الثانوية العامة 2025 من الكنترول    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    "رفضت طريق المخدرات" تفاصيل إنهاء حياة سيدة حامل علي يد زوجها بالمعادي    آحلام توجه رسالة ل آمال ماهر قبل إطلاق ألبومها الجديد    جنات تطرح ألبومها الجديد "ألوم على مين" خلال أيام    فستان جريء ومكشوف.. 5 صور ل نادين نجيم من حفل زفاف ابن ايلي صعب    "بالمايوه".. منة فضالي تنشر جلسة تصوير على البحر    تامر حسني يكتسح تريند يوتيوب بألبوم "لينا ميعاد".. ويزيح عمرو دياب من قائمة الTop 5    ورشة عمل لأطباء الروماتيزم وإنقاذ مرضى الجلطات بمستشفى الزقازيق العام    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    الأهلي يعلن استقالة أمير توفيق من منصبه في شركة الكرة    وفد الناتو يشيد بجهود مصر في دعم السلم والأمن الأفريقي    الحكومة تسعى لجذب 101 مليار جنيه استثمارات خاصة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة    روسيا: مجموعة بريكس تتجه نحو التعامل بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في مسلسل كتالوج    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    القسام تعلن استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية ودبابتين ميركافا في مدينة جباليا    "نقلة طبية في سوهاج".. افتتاح وحدة رنين مغناطيسي بتقنيات حديثة (صور)    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    محافظ كفرالشيخ ورئيس جامعة الأزهر يتفقدان القافلة الطبية التنموية الشاملة بقرية سنهور المدينة بدسوق    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    وظائف خالية اليوم السبت.. مطلوب صيادلة وأفراد أمن وخدمات معاونة    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجندة الديمقراطية لمسيرة أميركا تجمع بين القوة والنفوذ الأخلاقي
نشر في التغيير يوم 18 - 05 - 2004


\r\n
\r\n
المشكلة ليست متمثلة في ان العرب يرفضون رسالة الرئيس بوش فتبعا لاحدث دراسة اجريت عن المنطقة مركز بو للبحوث عن الشعوب والصحافة، فان اغلبيات لا بأس بها من الناس، من المغرب الى الاردن فباكستان هي ديمقراطية التوجه، لكن المفارقة هي ان اغلبيات كبيرة بالقدر نفسه في الدراسة نفسها في الدول ذاتها تعد الآن على انهم: «لا يحبون الافكار الاميركية عن الديمقراطية».
\r\n
\r\n
التناقضات نفسها تتعدد في انحاء اخرى من العالم فواشنطن ملتزمة بالدفاع عن كوريا الجنوبية اذا اندلعت الحرب في شبه الجزيرة الكورية، غير ان اعدادا متزايدة من الكوريين الجنوبيين تنظر اى الولايات المتحدة باعتبارها خطرا اكبر على امنهم من كوريا الشمالية، كما نشن حربا على الارهاب، وهي حرب مهمة للأمن الاوروبي بقدر اهميتها لامننا، ومع ذلك فانك تجد اعدادا اكبر من الاوروبيين يعتبرونها نتيجة للقوة الاميركية الانانية، ويضغطون على قادتهم من اجل رفضها.
\r\n
ان هذه المشاعر السلبية ناجمة، في جانب منها عن الاستياء الطبيعي من القوة الثقافية والاقتصادية والعسكرية الاميركية، وهو مالا نستطيع ان نفعل ازاءه سوى القليل، ولسنا بحاجة لان نقدم اي اعتذار بشأنه، غير ان هذه المشاعر نتجت ايضا عن الطريقة التي تعمل بها ادارة بوش على تحقيق اهدافها، فأسلوب الادارة الاميركية الراهنة والمتعالي .
\r\n
وفرديتها الفجة اغضبا حتى اولئك اكثر المرشحين لتبني القيم الاميركية واديا الى معارضة حتى من جانب اولئك المؤهلين بصورة اكبر للاستفادة من النجاحات الاميركية، ففي مختلف انحاء العالم، تجد اعداد متضائلة باستمرار من الناس ان هناك ما يجمع بين طموحاتها والمباديء التي تدعو واشنطن اليها.
\r\n
والنتيجة هي ان اميركا التي لم يسبق لها من قبل ان تمتعت بمثل هذا المستوى الحالي من القوة اليوم، تجل نفسها ابعد ما نكون عن الاقناع فأكثر مبادراتنا العالمية اهمية، من دعم الديمقراطية في الشرق الاوسط الى محاربة الارهاب، ستفشل على الاغلب، مالم نحدث تغييرا في اسلوبنا او تغييرا في قيادتنا.
\r\n
ان السجال الذي يدور حول السياسة الخارجية على هامش الانتخابات الرئاسية هذا العام يتمحور حول الوسائل بقدر ما يتطرق الى الغايات، ويتفق معظم الديمقراطيين مع الرئيس بوش على ان الحرب ضد الارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل يجب ان تكون اولوية قصوى على المستوى العالمي، وان الحرب في افغانستان كانت ضرورية وعادلة وان حكومة صدام حسين كانت تمثل تهديدا يجب التعامل معه بطريقة او بأخرى.
\r\n
ومع الوقت، خطابيا على الاقل، استطاعت ادارة بوش ان تتبنى الهدف الديمقراطي القاضي بان الانتصار في الحرب على الارهاب يتطلب من الولايات المتحدة اكثر من مجرد تدمير شيء شرير فيجب ايضا ان تبني شيئا جيدا وأن تدعم طموحات الشعوب الاخرى للعيش بحرية وسلام وقهر الفقر والمرض.
\r\n
غير ان الطريقة التي مضت بها ادارة بوش تعمل على تحقيق هذه الاهداف كانت مدفوعة بمجموعة متطرفة من الافكار حول كيفية سلوك الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، فهناك استراتيجيون اساسيون داخل هذه الادارة يبدو انهم يعتقدون ان القوة الاميركية تحديدا القوة العسكرية في هذا العالم الذي تسود فيه الفوضى هي القوة الحقيقية الوحيدة للدفاع عن المصالح الاميركية، وان الولايات المتحدة مادامت تثير الخوف في قلوب الآخرين، فلا يهم ان كانت تحظى باعجابهم ام لا.
\r\n
وهؤلاء انفسهم يؤمنون ان من الافضل تجنيد «تحالف ارادة» مؤقت لدعم تحركاتنا في الخارج لان التحالفات الدائمة تتطلب الكثير من المساومات على الحلول الوسط، كما يؤمنون ايضا بان الولايات المتحدة تمثل قوة حميدة بنوايا طيبة وبالتالي لا تحتاج للسعي وراء شرعية المصادقة من الآخرين، ويعتقدون ايضا بأن المؤسسات الدولية والقانون الدولي ليس اكثر من فخ نصبته الدول الأضعف من لفرض القيود علينا.
\r\n
وهذه ليست بالافكار الجديدة ففي عهدي ادارتي الرئيسين ترومان وايزنهاور بذلت فئة متشددة من الجمهوريين في الكونغرس يقودهم زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ روبرت تافت، بذلت كل جهد ممكن حتى النهاية من اجل بناء نظام عالمي ما بعد الحرب، وهؤلاء عارضوا انشاء حلف الناتو مثلما عارضوا نشر القوات الاميركية في اوروبا لإيمانهم بأننا يجب ان نعتمد على الممارسة الانفرادية للقوة العسكرية لهزيمة المؤامرات السوفييتية هؤلاء حاربوا ضد تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
\r\n
وناصبوا الامم المتحدة العداء، كما قابلوا بالعداء «دعاة العالم الواحد» مثل اليانور روزفلت بسبب دعمهم للقانون الدولي، وجمهوريو تافت هؤلاء مهيمنون لفترة مؤقتة على الكونغرس الاميركي (الا ان تضافرت جهود الديمقراطي ودعاة العالمية من الجمهوريين مثل دوايت آيزنهار في دفعهم الى الهوامش) غير ان رؤية هؤلاء الراديكالية للعالم لم تتمكن ابدا من ان تكون القوة المحركة لسياسة الفرع التنفيذي من السلطة حتى اليوم.
\r\n
ان «صدام الحضارات» الحقيقي يدور داخل واشنطن فبأخذ الخلافات العلنية بين وزير الخارجية كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد بعين الاعتبار، نجد ان الصراع يدور حتى داخل ادارة بوش نفسها، وهو في الحقيقة ليس صراعا على قضايا متفرقة فوائد الحرب على العراق، تكاليف معاهدة كيوتو .
\r\n
او مستوى الانفاق على المساعدات الخارجية، على سبيل المثال وانما هو يدور حول مفاهيم متناقضة كلية حول الدور الاميركي في العالم انها معركة تدور بين الليبراليين من دعاة العالمية في كلا الحزبين ممن يعتقدون ان قوتنا تكون اعظم عادة حين نعمل بالتنسيق مع الحلفاء دفاعا عن القيم والمصالح المشتركة وبين اولئك الميالين للاعتقاد بأن الولايات المتحدة يجب ان تمضي منفردة او ألا تمضي اصلا.
\r\n
المتشددون في ادارة بوش لم يترددوا ابدا في تعريف رؤيتهم هذه والدفاع عنها علنا وفي سنة انتخابية، كالتي نحن فيها الآن، يجب ان يكون الديمقراطيون ايضا واضحين بخصوص ما يؤمنون به وما سيفعلونه للدفاع عن امن ورخاء اميركا وقيمها الديمقراطية لاستعادة نفوذنا وموقفنا وقدرتنا على القيادة ويجب على الديمقراطيين صياغة سياسة خارجية لا تضع فحسب الاهداف الصحيحة وانما اعادة بناء قدرة اميركا على تحقيقها.
\r\n
ان كل ادارة اميركية اتت بعد الحرب العالمية الثانية، جمهورية كانت ام ديمقراطية، اعتقدت بان هناك امورا في هذا العالم تستحق خوض الحرب لاجلها: الانظمة او الافراد التي تمثل تهديدا وتستحق وصفها بالشر ويمكن ايقافها بالقوة واليوم، على الرغم من ضرورة ان نحاول تغيير الظروف السياسية والاقتصادية التي يتكاثر فيها الإرهاب، يجب ان نعترف ايضاً بأن مجرد معالجة الاسباب الجذرية لن يوقف الارهابيين الملتزمين بأهدافهم عن مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا، وان مثل هؤلاء يجب القضاء عليهم أو قتلهم.
\r\n
وعلى النحو نفسه، يجب ان نرفض المغالطات المريحة، القائلة ان الاسواق الحرة ستفتح الباب حتماً أمام تطور مجتمعات حرة أو ان العولمة بحد ذاتها ستقودنا نحو السلام، ذلك ان الدول والقادة ليسوا أسرى قوى تاريخية مجردة، وإنما هم يعملون بالتوافق مع مصالحهم وطموحاتهم. وبالنسبة للمستقبل المنظور، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يكونوا مستعدين لاستخدام القوة العسكرية والاقتصادية الفجة لوقف طموحات من يهددون مصالحنا.
\r\n
إن موقفاً قوياً وحازماً والاستعداد لتحديد شروط واضحة وفرض نتائج محددة هي بالتأكيد السبيل الصحيح للتعامل مع أعدائنا. غير ان ما أخطأت به إدارة بوش على نحو سييء هو في ممارستها لمبدأ «إما معنا أو ضدنا» مع الاصدقاء والأعداء على السواء. بكلمات واضحة، فإن حلفاءنا الطبيعيين أسهل بكثير في اقناعهم بالحجج الأميركية القوية من اقناعهم عبر حجة القوة الأميركية. إن القادة المنتخبين ديمقراطياً سواء في ألمانيا أو بريطانيا أو المكسيك أو كوريا الجنوبية يجب أن يواصلوا حصولهم على دعم شعبي لمشروعاتهم المشتركة مع الولايات المتحدة.
\r\n
وحين نعمل لاقناعهم بأن الولايات المتحدة تعمل من اجل الصالح المشترك، فإننا نمكنهم من الوقوف معنا، لكن حين نجبرهم على خدمة غاياتنا، فإننا نجعل من الضروري سياسياً، بل ومن المفيد لهم ايضاً أن يقاومونا. لقد كان يصعب قبل عقد من الآن مجرد تخيل ان قادة ألمانيا أو كوريا الشمالية وهما دولتان تدينان بوجودهما للدماء الأميركية يمكن ان يفوزوا بانتخابات نتيجة اتخاذهم مواقف مناهضة لأميركا.
\r\n
في الذهاب الى غزو العراق، اعتقدت ادارة بوش ان معظم حلفائنا سيلحقون بها إذا ما أوضحت تماماً انها ستمضي بدونهم. كما اعتقدت ايضاً اننا لسنا بحاجة لشرعية الأمم المتحدة ومصادقتها ومشاركتها. غير ان هذه النظريات لم تنجح في اختبار الواقع. وفشل واشنطن في كسب تأييد حلفاء مقتدرين مثل فرنسا وألمانيا وتركيا وليس جزر مارشال على سبيل المثال قد أدت لزيادة كبيرة جداً في التكلفة البشرية والمالية والاستراتيجية للحرب وهددت نجاح الاحتلال.
\r\n
وواصلت الادارة تبديد نفوذها عند حلفائها حتى بعد الحرب. فقد قيل الكثير حول تسرع البنتاغون في حرمان الشركات من دول مثل ألمانيا وفرنسا وكندا من عقود إعمار العراق في الوقت نفسه تماماً الذي كانت الولايات المتحدة فيه تطلب من هذه الدول اعفاء العراق من ديونه.
\r\n
غير ان قلة من الناس انتبهوا لقرار أكثر غرابة اتخذته الادارة بتعليق ملايين الدولارات من المساعدات العسكرية لدول ساندت الحرب، وذلك بسبب رفضها منح الاميركيين حصانة كاملة من امكانية ملاحقتهم امام محكمة الجنايات الدولية. وفي النهاية، عاملنا «أوروبا الجديدة» بالقدر نفسه من الازدراء مثلما عاملنا «أوروبا القديمة».
\r\n
أما بالنسبة للأمم المتحدة، بعد بضعة أشهر من غزو العراق، فقد وجدت الإدارة ان زعيم الشيعة في العراق رفض حتى التحدث مع المسئولين الأميركيين، وهو أقل قبولاً بكثير لخطتنا المتعلقة باجراء انتخابات في العراق. وهكذا توسلت واشنطن للأمم المتحدة للتقدم بالنيابة عنا، وهو اعتراف متأخر بأن أفعالنا يمكن أن تبدو أكثر شرعية حين يتبناها المجتمع الدولي.
\r\n
إن أي ادارة ديمقراطية بحاجة لإعادة تأكيد استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية وحدها إن كان ذلك ضرورياً دفاعاً عن مصالحها الحيوية. غير ان أكثر مهامها إلحاحاً يجب ان تكون استعادة النفوذ الأخلاقي والسياسي للولايات المتحدة في العالم، بحيث نستطيع حين نقرر أن نقوم بعمل أن نقنعهم بالانضمام إلينا. وتحقيق هذا الهدف سيتطلب صفقة استراتيجية جديدة مع حلفائنا، خصوصاً في أورووبا. ومن أجل هذه الغاية، يجب على واشنطن ان تبدأ ببيان سياسي بسيط:
\r\n
إن الولايات المتحدة ستعمل بالتنسيق مع الحلفاء في مواجهة التهديدات العالمية، باعتبار ذلك الملاذ الأول لنا وليس الأخير. وحين نطلب من حلفائنا الانضمام الينا في عمل عسكري، أو في مشروع إعمار دولة في اماكن مثل افغانستان أو العراق، يجب أن نكون مستعدين لمشاركتهم بالقرار، وليس فقط بالمخاطر.
\r\n
ذلك ما فعلناه حين ذهبنا الى الحرب في البوسنة وكوسوفو وما فشلت الادارة الأميركية على نحو يفتقد للاحساس بالمسئولية في فعله حين طبق حلف الناتو مادة الدفاع المشترك في نظامه من أجل مساعدة الولايات المتحدة في أفغانستان. كما ان الجانب الأميركي من هذه الصفقة يجب أن يتضمن ايضاً تركيزاً منضبطاً على أولوياتنا العالمية الحقيقية، والتي تبدأ بالحرب على الارهاب دون ان يشتت انتباهنا تلك المهاترات الايديولوجية التافهة حول قضايا مثل معاهدة كيوتو ومحكمة الجنايات الدولية ومعاهدة الاسلحة الجرثومية.
\r\n
إن منهج الديمقراطيين لحل النزاعات مع اوروبا بشأن المعاهدات يجب أن يكون براغماتياً ويركز على تحسين الاتفاقيات المعيبة وليس تمزيقها. فالقانون الدولي ليس شيئاً يفرض نفسه من تلقاء ذاته، وهو بحد ذاته لا يحل شيئاً. لكن حين يجري تضمين أهدافنا في معاهدات ملزمة، نستطيع أن نكتسب الدعم الدولي في فرضها حين يجري انتهاكها. وعلى النحو نفسه، فإن شيء يمكن له ان يزعزع النفوذ الاميركي أكثر من المفهوم بأن الولايات المتحدة تعتبر نفسها أقوى جداً من أن يجري تقييدها بأعراف نحن من نبشر العالم بها.
\r\n
كجزء من صفقتنا الجديدة مع حلفائنا، يجب على الولايات المتحدة ان تعود للمشاركة فيما يعتبره باقي العالم كله من حق حجر الزاوية لتحول سلمي دائم في الشرق الأوسط: انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. ما دام هذا الصراع مستمراً، فسيواصل الحكام العرب استخدامه كذريعة لتجنب الاصلاح ولمقاومة التعاون العلني مع الولايات المتحدة في الحرب على الارهاب.
\r\n
الرئيس بوش يقول ان خط الجبهة الأمامي في الحرب على الارهاب هو في العراق، وان من الأفضل أن نقاتل أعداءنا في بغداد بدلاً من أن نقاتلهم في بالتيمور. إن هذه الصيغة معيبة في صميمها. إن خط الجبهة اليوم هو في كل مكان نوجد فيه، خصوصاً تلك الأماكن التي لا يريد أهلها أن نكون فيها. وبسبب هذه الحقيقة، من الضروري لنا أن نحدد من نحن بطريقة تعزل أعداءنا ولا تعزلنا نحن. إن هذه الفكرة كانت شيئاً مفهوماً من جانب كل الادارات الأميركية خلال الحرب الباردة.
\r\n
بالطبع لم تكن الولايات المتحدة محبوبة العالم قاطبة، لكننا استطعنا على الأقل أن نبني تحالفات دائمة تضرب جذورها في الاحساس الجوهري بالمصالح المشتركة ومبنية على الروابط بين الشعوب وليس بين الحكومات فقط. خلال تلك السنوات، كانت الولايات المتحدة تحظى بالاعجاب في أكثر أنحاء العالم أهمية لنا: الدول الواقعة خلف الستار الحديدي، ميدان المعركة الرئيسي للحرب الباردة. البولنديون والمجريون والروس العاديون كانوا يرون فينا الأنصار الحقيقيين لطموحاتهم الديمقراطية.
\r\n
لم تكن هناك مشاعر عداء لأميركا في أوروبا الشرقية تستطيع الحكومات الشيوعية أن تستخدمها لتنفيس الضغط الأميركي من أجل التغيير أو يستطيع المتشددون استغلالها لكسب التأييد لأهدافهم. تخيلوا الوضع لو كانت هذه المشاعر موجودة هل كانت الحرب الباردة ستنتهي مثلما انتهت عليه؟ هل كانت الامبراطورية السوفييتية ستنهار مثلما فعلت؟ ولو انها انهارت ما الذي كان سيحل محلها؟
\r\n
غير ان تحديد الأهداف الصحيحة ليس كافياً. الولايات المتحدة بحاجة لقادة قادرين على ضمان ألا تكون وسائلنا هي التي تجهض غاياتنا. إننا بحاجة لواقعية تقدمية، بدون ذلك التشدد الايدولوجي الذي أبعد عنا حلفاءنا الطبيعيين في كل العالم. باختصار، نحتاج للجمع من جديد بين قواتنا ونفوذنا الاخلاقي. تلك الصيغة فقط هي التي ستضعف أعداءنا وتلهم حلفاءنا.
\r\n
\r\n
* مستشار الرئيس الاميركي السابق لشئون الامن القومي
\r\n
\r\n
«فورين افيرز»
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.