مع غروب يوم الأربعاء، كانت أشعة الشمس الذهبية تنعكس على صفحة الترعة العامية بقرية نزلة عطية التابعة لمركز البداري بمحافظة أسيوط، تلك الترعة التي تمر بجوار البيوت كأنها شريان حياة قديم، اعتاد الناس وجوده حتى صار جزءًا من تفاصيلهم اليومية. في ذلك المساء، لم يكن في الأفق ما ينذر بالمأساة؛ كانت الطفلات الثلاث "آية إ. م"، وشقيقاتها "إسراء" (9 أعوام)، و"أسماء" (7 أعوام)، يركضن على ضفاف الترعة، تملؤهن البراءة، وتغمرهن الضحكات، لم يكن في قلوبهن سوى الفرح، ولا في أذهانهن سوى اللعب. لم تكن هناك ألعاب كثيرة في القرية، لكن الماء كان كافيًا ليصنع لهن عالمًا من المرح؛ اقتربن من الحافة، تلمسن الماء بأطراف أصابعهن، يضحكن حين تلامس البرودة كفوفهن الصغيرة. قالت "آية"، وهي تضحك: "شايفين؟ الميّه بترجّع الصوت!"، ورددت "أسماء" ضحكتها، بينما كانت "إسراء" تحاول أن تلمس الماء بقدمها الصغيرة. لكن لحظة واحدة كانت كفيلة بأن تقلب المشهد، انزلقت قدم "إسراء"، فمدت "آية" يدها لتسحبها، وتبعتها "أسماء"، بدافع الحب والخوف، ثلاث قلوب صغيرة سقطت في الماء، وغابت تحت السطح، بينما بقيت ضحكاتهن عالقة في الهواء، كأنها ترفض الرحيل؛ هرع الأهالي، صرخات الأمهات مزّقت سكون القرية، والغواصون بدأوا رحلة البحث في أعماق الترعة. وتلقى اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، إخطارًا من غرفة عمليات النجدة، يفيد بورود بلاغ من الأهالي بغرق ثلاث طفلات في مياه الترعة المجاورة لمنازل القرية. وانتقلت قوات الإنقاذ النهري والأجهزة الأمنية إلى موقع الحادث، حيث بدأت عمليات البحث عن جثث الطفلات باستخدام فرق الغواصين. وبحسب روايات عدد من أهالي القرية، فإن منازلهم تقع على مقربة من الترعة، وأن الطفلات كنّ يلهون كغيرهن من الأطفال بجوار المياه، قبل أن تنزلق إحداهن أثناء محاولتها لمس سطح الماء، ما أدى إلى سقوطهن جميعًا وغرقهن. وتواصل فرق الإنقاذ جهودها لانتشال الجثث، فيما تم تحرير محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة لتولي التحقيق.