\r\n فبعد وفاة وغياب رئيس سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني ياسر عرفات الذي جاء بعد فترة قصيرة من اقرار وموافقة الكنيست الاسرائيلي »البرلمان« على خطة الفصل والانسحاب من قطاع غزة واجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد, يبدو الرأي العام الاسرائيلي منقسما على نفسه الى حد كبير وخطير وبشكل ينذر بالسوء والخطر. فمن جهة هناك عدد كبير جدا من المتطرفين والمتشددين الذين يرغبون بانتهاز واستغلال فرصة فراغ السلطة لدى الفلسطينيين من اجل مطالبة واجبار رئيس الحكومة الاسرائيلية وزعيم تكتل الليكود واريئيل شارون على التخلي عن خطته. \r\n \r\n فيما يطالب اخرون من جهة ثانية وعلى الجانب الاخر المتمثل في اليسار الاسرائيلي شارون بالعودة مجددا الى طاولة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية الجديدة المرتقبة وصولا الى امكانية ابرام اتفاق سلام في اي وقت في المستقبل مع هذه القيادة الفلسطينية ومن وجهة نظري فان الرأيين غير صحيحين وخاطآن تماما. واذا ما جرى وتم تحقيق وتنفيذ احدهما فان ذلك سيكون بمثابة كارثة حقيقية لدولة اسرائيل. \r\n \r\n فاذا ما تناول المرء عام 1967 كنقطة بداية, وكمنطلق باعتبار ان هذا العام هو العام الذي تم فيه للمرة الاولى احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة فان كل المشاكل والازمات التي تواجهها اسرائيل, لن يكون لها اية علاقة بمدى استعداد الفلسطينيين لاستئناف مفاوضات السلام .كما ان كل هذه المشاكل والازمات, ليس لها علاقة بالعنف والارهاب في ضوء النتائج المؤلمة الناجمة عن المواجهات الدموية وما اسفرت عنها من سقوط اعداد كبيرة يصعب حصرها من الضحايا على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني, ومن خسائر اقتصادية باهظة سواء لدى المواطنين الفلسطينيين او المواطنين الاسرائيليين, ومثل هذه الخسائر تبدو غير محتملة بالنسبة للعديد من الاسرائيليين فالحقيقة المريرة التي ينبغي الاعتراف بها هي ان اسرائيل وبالرغم من امتلاكها لواحد من اقوى الجيوش في العالم ولوجود اكثر من خمسة ملايين يهودي اسرائيلي في نطاق تلك الدولة, فانها لم تتمكن حتى الان من فرض سيطرتها وهيمنتها ولو بشكل جزئي على حوالي اربعة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية القطاع. بل والاكثر من ذلك وبالاضافة الى الاربعة ملايين فلسطيني, هناك ايضا حوالي المليون من عرب اسرائيل لا يزالون يعتبرون انفسهم جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ويرفضون التخلي عن انتماءاتهم وجذورهم الفلسطينية والعربية بالرغم من انهم يحملون الجنسية الاسرائيلية. \r\n \r\n ان مسألة تحقيق افكار اليمين الاسرائيلي تعني بشكل او بآخر العودة الى السياسات القديمة التي يرفض الاسرائيليون التنازل عنها, طالما ان عرب اسرائيل يتصرفون ويؤكدون دائما بانهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والعربي وبانهم لن يتوانوا او يتقاعسوا لحظة عن الدفاع عن حقوقهم وحقوق شعبهم اذا ما توفر لهم السلاح. \r\n \r\n واذا ما تبنى المرء افكار اليسار الاسرائيلي, فانه سيجعل مسألة خطة الانسحاب مرتبطة بالنوايا الحسنة للفلسطينيين, وسواء كان ابو مازن او ابو العلاء او اي مسؤول فلسطيني كبير اخر قادرا على تشكيل حكومة فلسطينية ثابتة ومستقرة, فان ذلك سيتوضح في المستقبل القريب, وسواء ايضا تمكن احدهما او كلاهما معا من فرض السيطرة الكافية على مواطنيهم من اجل الحيلولة دون وقوع هجمات انتحارية, او من اجل تهيئة الظروف من اجل استئناف المفاوضات, فان ذلك سيتضح ايضا في اقرب وقت. \r\n \r\n وحتى عندما تكون الاجابات على هذه الاسئلة ايجابية, فان ذلك لن يعني بأي شكل من الاشكال بان الحكومة الفلسطينية القادمة ستكون قادرة على تقديم تنازلات بشأن قضايا جوهرية ومصيرية ملحة, لم يسبق حتى لعرفات ان تجرأ و تنازل عنها او انه كان بصدد التنازل عنها في اية مرحلة من المراحل السابقة واللاحقة, وهذا ينطبق بالطبع على حق العودة للاجئين الفلسطينيين والاجراءات المتعلقة بمصير القدسالشرقية. \r\n \r\n ولهذا فان شارون سيكون قد بدأ بحفر قبره وقبر اسرائيل بيديه اذا ما قبل او تنازل عن احدى هاتين النصيحتين. وهو مطالب بالتالي بدلا من ذلك بالمضي قدما في خطته ومبادرته احادية الجانب والالتزام بالتعهد الذي قطعه على نفسه والمتمثل في الخروج من قطاع غزة ومن شمال الضفة الغربية بمجرد الانتهاء من كل التحضيرات والتجهيزات المتعلقة بهذا الانسحاب, وكذلك ايضا بمجرد ان تسمح له مسألة اتخاذ القرار النهائي في اسرائيل بذلك. وفي مقابل الانطباع العام السائد حاليا, فان التوجهات الخاصة بخطة الانسحاب لا بد وان تساهم في اضعاف جبهة الرفض داخل الليكود الذي يتزعمه, لهذه الخطة, والمؤشرات الخاصة بهذا الشأن تبدو جيدة ومشجعة حتى الان. \r\n \r\n فمجموعة نواب الليكود في الكنيسة التي يقودها ويتزعمها وزير المالية بنيامين نتنياهو والتي سبق لها ان هددت بالانسحاب تارة وباسقاط شارون اذا لم يكن مستعدا لعرض خطته على استفتاء عام, تارة اخرى, قد بدأت تتفتت وتنهار, ولم يعد يسمع لها اي صوت او اي نفوذ. \r\n \r\n وبالرغم من ان شارون لم يعد يحظى بالاغلبية داخل الكنيست, الا ان الوضع لا يبدو كما لو ان حزب العمل الاسرائيلي المعارض بنوابه ال 19 من اصل 120 عضوا يشكلون مجمل اعضاء الكنيست, بصدد التخلي عن تأييده ودعمه له, او ان هذا الحزب سيسمح لمعارضي وخصوم ومنافسي شارون بالنجاح في اسقاط مباردته او اسقاطه هو شخصيا, والسبب في ذلك يعود في المقام الاول الى ان قيادة هذا الحزب العمالي اليساري المعارض تعلم جيدا بان زمنها ووقتها قد انتهى وولى سواء بوجود او بعدم وجود ايهود باراك الذي سبق له ان اعلن انسحابه من الحياة السياسية والذي تعهد ايضا بعدم ترشيح نفسه لمنصب رئاسة حزب العمل او رئاسة الحكومة وذلك لسبب بسيط وواضح وهو عدم بقاء ما يكفي من الناخبين الذين يستطيعون استعادة السلطة المفقودة ولهذا يظل طموحه الوحيد المتبقي يكمن في المحافظة على بقاء نواب حزب العمل في مقاعدهم الحالية في الكنيست لاطول مدة ممكنة.0 \r\n \r\n »دي فيلت« الالمانية