\r\n فآخر ممثلي المنظمتين اليهوديتين المؤسستين لدولة اسرائيل, ويشكلون, معا في الوقت الراهن حقبة زمنية طويلة تقدر بحوالي 156 عاما من التناقضات والتنافسات والعداوات الظاهرية تارة والتحالفات العقائدية والجذرية تارة اخرى, وهذان القطبان الرئيسيان اللذان تتشكل منهما الحكومات المتعاقبة يسيعان الان الى مؤزارة بعضهما البعض والدخول في مفاوضات جديدة قديمة من اجل تشكيل ما يسمى بحكومة وحدة وطنية للخروج من ازمة يعاني منها الجانبان. \r\n \r\n شارون اصبح الان وفي هذه المرحلة بالذات يعتمد بشكل رئيسي واساسي على معاونة ومساعدة غريمه ومنافسه القديم بيرس. \r\n \r\n فحزب العمل هو الوحيد القادر على تجميع وتوفير الاصوات الضرورية اللازمة لانقاذ حكومة شارون الليكودية من السقوط داخل الكنيست الاسرائيلي »البرلمان« من جهة, ولتنفيذ خطة الانسحاب احادية الجانب من قطاع غزة وتحويلها من اقوال الى افعال من جهة ثانية, وخلافا لمعظمم اعضاء حزب الليكود الذي يتزعمه شارون, فان بيرس ومن معه اصبحوا المنقذين لشارون وليس الشخصيات البارزة والمؤثرة في الليكود. وطالما ان بيرس يؤيد خطة شارون للانسحاب من قطاع غزة ولتفكيك وازالة كل المستوطنات اليهودية المقامة في القطاع, فان التحالف الجديد القائم بينه وبين خصمه ومنافسه العتيد لن يواجه اية صعوبات او مشاكل, وخاصة, وان بناء الجدار الامني العازل والانسحاب من المناطق الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية باستثناء بعض المواقع الاستراتيجية, هي في الاصل من الافكار القديمة لحزب العمل, والان خطة شارون تتوافق مع هذه الافكار ولا تتعارض معهاو فان شارون سيحظى بالتأكيد بموافقة بيرس وحزبه على هذه الخطة, وهذا ينطبق بالتالي على مساعدة خصومه السابقين في حزب العمل, وهذا ينطبق في المقابل على بيرس وبنفس القدر ولنفس الاسباب. \r\n \r\n فمنذ ان تولى بيرس مجددا زعامة حزب العمل قبل حوالي عام فان هذا السياسي الاسرائيلي المخضرم والبالغ من العمر 80 عاما يحاول تسبيك وتثبيت سياساته وافكاره واستعادة شعبيته المفقودة والظهور مجددا بمظهر الزعيم القادر على توفير كل متطلبات الامن والامان ووقف اراقة الدماء وتخليص الاسرائيلين من دائرة الخوف والرعب التي تسبب لها المتطرفون الليكوديون منذ انهيار عملية السلام وتسلم حزب الليكود السلطة في اسرائيل في بداية القرن الجديد الحالي. كما ان بيرس يريد ويرغب بان يكون هو شخصيا في المقام الاول وحزب العمل في المقام الثاني, جزءا اساسيا وجوهريا من حدث او تطور تاريخي حقيقي, يتمثل على سبيل المثال لا الحصر في تحقيق الانسحاب من قطاع غزة ومعظم مناطق الضفة الغربية واخلاء المستوطنات وتفكيكها وازالتها بالكامل فزعيم حزب العمل شيمون بيرس يعلم بان منافسيه داخل حزب العمل يسعون منذ زمن اقصائه عن زعامة الحزب الذي هزته الانقسامات الداخلية على مدى العقد الماضي من الزمان وهبطت شعبيته الى ادنى مستوياتها, كما انه يوقن تماما بان امامه الان فرصة قوية سانحة لاقناع الناخبين الاسرائيلين على ضرورة مشاركة الحزب في حكومة وحدة وطنية موسعة يجرى التفاوض بشكل حثيث على تشكيلها مناصفة بين حزب الليكود وحزب العمل, ويحاول استراتيجيو حزب العمل في هذه المرحلة البحث عن المناصب الوزارية الرئيسية والحساسة التي يمكن لحزب العمل ان يتولاها في اطار تلك الحكومة المرتقبة, والتي من شأنها ان تحظى بموافقة وتعاطف الناخبين من انصار ومؤيدي حزب العمل والقوى والتيارات اليسارية الاخرى المؤتلفة مع هذا الحزب. \r\n \r\n وفي هذا الاطار لا تزال هناك العديد من العقبات والمشاكل التي تقف عائقا امام التوصل الى اتفاق نهائي بشأن تشكيل هذه الحكومة وبخاصة من جانب الشريك الليكودي. فشارون غير قادر على ما يبدو حتى الان على تحقيق اي توافق او انسجام مع خصمه ومنافسة الاقوى داخل الليكود, وهو وزير المالية في حكومته الليكودية الحالية بنيامين نتنياهو. كما ان شارون اخفق حتى الان في اقناع نتنياهو في تغيير مواقفه او اقصائه عن منصبه لاعطائه في المقابل الى شريكه العمالي الجديد القادم حزب العمل, خاصة ان حزب العمل يصر على ان تكون حقيبة المالية من ضمن الوزارات التي ينبغى ان تكون من حصة حزب شيمون بيرس, ولا تزال المفاوضات والمشاورات جارية للخروج من هذه الورطة, دون ان يتوضح اي شيئ عن الكيفية التي ستمكن شارون وبيرس من الخروج من هذا المأزق. \r\n \r\n ولا تزال كل الاحتمالات مفتوحة, لكن الشىء المؤكد ان الجهود التي يبذلها القطبان المتنافسان والمتفاوضان في الليكود والعمل للوصول الى اتفاق موحد سيتحقق في النهاية, وذلك مصلحة للجانبين وللزعيمين المتنافسين المخضرمين شارون وبيرس, خاصة وانه ليس امامها من خيارات اخرى سوى الوصول الى مثل هذا الاتفاق لانقاذ نفسيهما اولا, وحزبيهما ثانيا. \r\n \r\n ويرى العديد من السياسيين الاسرائيليين البارزين بانه يتعين على رئيس الحكومة الاسرائيلية شارون في نهاية المطاف ضم حزب العمل المعارض الى حكومته وتغيير الائتلاف الحكومي الحالي بعد ان فقد اغلبيته الحكومية كنتيجة لاستقالة وزير ونائب وزير يمينيين احتجاجا على خطته الخاصة بالانسحاب من قطاع غزة. \r\n \r\n كما يتعين في المقابل على زعيم حزب العمل بيرس الذي يؤيد الانسحاب من اراض محتلة, مواصلة العمل لانقاذ حكومة شارون من الانهيار بعد ان فقدت تلك الحكومة اغلبيتها البرلمانية مع استقالة الوزير المؤيد للاستيطان, ومع ذلك يعتقد بعض هؤلاء السياسيين بان حكومة شارون الحالية بتركيبتها الحالية لن تستمر في نهاية المطاف, وسيتعين عليها بالتالي ان تضم حزب العمل في اطار حكومة وحدة وطنية موسعة.. ويقولون في هذا الصدد ان كل الترجيحات تشير الى ان حزب العمل بزعامه بيرس سيوفر الدعم الضروري المطلوب لشارون في الوقت الحالي في اي اقتراع على حجب الثقة عن حكومته لضمان المضي قدما في خطة الانسحاب من قطاع غزة, وهو ما تم بالفعل حيث فشلت سلسلة من محاولات لحجب الثقة عن تلك الحكومة وبفضل اصوات حزب العمل, وهذا ما جعل رئيس الكتلة البرلمانية لليكود جدعون سار الى الاعلان ان المعارضة غير قادرة حتى الان على اسقاط حكومة شارون بالرغم من ان تلك الحكومة لم تعد تملك الاغلبية في الكنيست, ولم تعد تحظى بدعم اكثر من 59 نائبا من اصل ,120 بينما المعارضة غير قادرة في الوقت نفسه على حشد 61 نائبا في جبهة واحدة لاسقاط الحكومة التي كانت قد تعرضت الى سلسلة من النكسات كان من ابرزها استقالة وزير الاسكان ايفي ايتام ونائب الوزير في مكتب رئيس الحكومة اسحق ليفي, وهما عضوان في الحزب الوطني الديني الناطق باسم المستوطنين. وفي المقابل بقي وزير ثان في الحزب الوطني الديني وهو وزير الشؤون الاجتماعية زيفولون اورليف الذي صوت ضد خطة الانسحاب, معتبرا ان الانسحاب من قطاع غزة لن يبدأ قبل شهر اذار من عام 2005 القادم وانه بامكان الحزب الوطني الديني حتى ذلك الحين ممارسة نفوذ اكثر فاعلية من داخل الحكومة لافشال هذه الخطة. \r\n \r\n ويرى الباحثون والمعلقون بان هناك ثلاثة نواب آخرين من الحزب نفسه من اصل نواب هذا التنظيم الستة يؤيدون بشكل عام بقاء حزبهم الوطني الديني ضمن الغالبية, وبالتالي فان شارون يحظى بهذه الظروف بدعم 40 نائبا من الليكود اضافة الى 15 نائبا من حزب شينوي الوسط العلماني المؤيد لخطة الانحساب, واربعة نواب من الحزب الوطني الديني.. ومن هنا تبدو مهمة المعارضة من اجل اسقاط حكومة شارون, صعبة للغاية, حيث يتوجب على تلك المعارضة ان تجمع غالبية مطلقة من 61 نائبا على الاقل اذا ما ارادت تحقيق هدفها. فالمعارضة الحالية لاتضم سوى حزب العمل »21 نائبا« المؤيد للخطة والمستعد لدعم الحكومة حول هذا الملف في البرلمان, وكذلك اليمين المتطرف الممثل بالاتحاد الوطني »8 نواب« المعارض بشدة للانسحاب والذي أقال شارون وزيريه مؤخرا, بالاضافة الى تنظيمات عربية ويسارية غير مستعدة للتعهد بدعم الحكومة رغم تأييدها من حيث المبدأ لخطة الانسحاب وعلى هذا الاساس فان شارون لا يواجه مخاطر فورية بسبب الانقسامات في صفوف المعارضة, ولكن في المقابل فان شارون قد لا يتمكن من الاستمرار في ائتلاف ضيق جدا, كما هو الحال الان. \r\n \r\n وللخروج من هذا المأزق, لم يعد امام شارون سوى سيناريو واحد وهو السعي لانضمام حزب العمل الى الحكومة, وهو ما ستجرى مفاوضات بشأنه بعد العطلة البرلمانية في نهاية شهر تموز, حيث اكد بيرس مجددا بهذا الخصوص انه مستعد لمنح شارون هامش مناورة من خلال امتناع نواب حزبه العمالي عن التصويت على مذكرات حجب الثقة. ولكسب مؤيدين لخطوته هذه, قال بيرس »نحن لا يمكننا سوى ان نرحب حين يتخلى الليكود عن حلمه المخادع باقامة اسرائيل الكبرى ويقبل بتفكيك وازالة المستوطنات واقامة دولة فلسطينية.0 \r\n \r\n »دي فيلت« الالمانية \r\n