تحفل الحياة السياسية في إسرائيل منذ نشأتها بالعديد من المفاجآت ولعل أول مفاجأة عند قيام إسرائيل كانت رفض عالم الفيزياء اليهودي الشهير ألبرت أينشتاين تولي منصب رئيس إسرائيل معللا ذلك بأن وجود الدولة مرتبط بفكرة الوطنية الضيقة وهي فكرة مفسدة للبشر بصفة عامة. المفاجأة الثانية كانت وفاة رئيس الوزراء ليفي أشكول بالسكتة القلبية وهو في الحكم عام69 حيث خلفه في المنصب يجال آلون, أما ثالث وأكبر المفاجآت فكانت اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين في الرابع من نوفمبر عام1995 علي يد متطرف يهودي ثم خلفه شمعون بيريز في رئاسة الوزراء. وفي فبراير عام96 دعا بيريز لانتخابات مبكرة وكانت المفاجأة أنه خسر تلك الانتخابات لصالح بنيامين نيتانياهو- والمفاجآت الانتخابية في الدولة العبرية تأتي أيضا بسبب المنافسة الشديدة بين الأحزاب وعمليات الاستقطاب التي تتم خلف الكواليس. وأكثر اثنين ارتبط اسمهما بالمفاجآت من قادة إسرائيل هما نيتانياهو وشارون, وعلي الرغم من أن شارون تمكن من الفوز علي نتانياهو في انتخابات زعامة حزب الليكود التي جرت عام2002 وقاد الحزب للفوز ب40 مقعدا في الانتخابات العامة التي جرت في يناير عام2003 إلا أن هذه الانجازات لم تؤد إلي إنهاء المعارك بين الاثنين. وفي بداية عام2004 طرح شارون علي مؤتمر الحزب خطته للانسحاب احادي الجانب من قطاع غزة وتفكيك كافة المستوطنات به, وأعلن شارون أنه سيعرض خطته للتصويت في اللجنة المركزية للحزب في الوقت الذي أعلن فيه نتانياهو وأنصاره رفضهم لتلك الخطة. وكان نتانياهو يحظي بتأييد أربعة وزراء ممثلين لحزب الاتحاد القومي والمفدال في الائتلاف فضلا عن وزراء الليكود السبعة, ومع استقالة وزراء المفدال والاتحاد القومي من الحكومة بعد تمرير الموافقة علي خطة شارون المعدلة في مجلس الوزراء في مطلع شهر يونيو2004 بدا واضحا أن المعارك الداخلية في الليكود قد اشتدت هذه المرة علي خلفية المحاولات التي كان شارون يجريها لإدخال حزب العمل المنافس في الائتلاف الحاكم. وخلال فترة المشاورات التي أجراها شارون منذ استقالة وزراء المفدال والاتحاد القومي والتي امتدت أكثر من شهر هاجم شارون مناوئيه في أكثر من مناسبة واشتد صراع حاد بين مؤيدي المرونة في التعامل مع الفلسطينيين وبين المنادين بضرورة التمسك بمبادئ الليكود التاريخية وهو ما دفع شارون للتهديد بإقالة وزير ماليته ومنافسه الأول في حزب الليكود بنيامين نيتانياهو من الحكومة. وفي عام2004 كانت الانقسامات داخل الليكود قد تفاقمت بشدة الأمر الذي حال دون استمرار شارون في خطته علي النحو الذي اراده وفي مطلع أغسطس تقدم نتانياهو باستقالته احتجاجا علي تطبيق خطة الانسحاب من غزة وهو ما اعتبره شارون تحديا له وأدرك أن ما يهم نتانياهو هو مصلحته الشخصية والسعي للفوز برئاسة الحزب والحكومة. ووصف شارون في ذلك الوقت الفترة التي تولي فيها نتانياهو رئاسة الحكومة1996 ذ1999) ولذلك عاقب الشعب حزب الليكود وانخفض عدد مقاعده في الكنيست من33 مقعدا إلي19 مقعدا, وأكد شارون أنه هو الذي أعاد الليكود إلي الحكم عام2001 وزاد عدد نوابه من19 إلي40 نائبا وقد عمقت خطوة الاستقالة التي أقدم عليها نتانياهو من الخلاف. وفي ذلك الوقت تولي ايهود أولمرت مهام وزارة المالية بدلا من نتانياهو, وأعلن عوزي لينداو ترشحه لرئاسة الليكود كمنافس لشارون. وعندما ازدادت حدة الخلافات لم يجد شارون بدا بعد التشاور مع مقربيه سوي استغلال التأييد الواسع له بين الإسرائيليين وتشكيل حزب جديد ينافس الليكود أطلق عليه أسم حزب كاديما. وحظي الحزب الجديد بشعبية واسعة وانضم إليه عدد كبير من السياسيين أبرزهم بيريز وأولمرت وموفاز. ثم خاض الحزب انتخابات الكنيست السابعة عشر عام2006 وحصل علي المركز الأول ب29 مقعدا بينما حصل الليكود علي12 مقعدا فقط ليأتي في المركز الثالث بعد حزب العمل الذي حصل علي19 مقعدا. وفي مفاجأة غير متوقعة قلبت موازين الحياة السياسية في إسرائيل دخل شارون في غيبوبة طويلة استمرت أكثر من مائة يوم مما انهي ولايته قانونا نظرا لعجزه المستمر. ومنذ16 ابريل2006 أصبح خلفه إيهود أولمرت رئيسا للوزراء بشكل رسمي كما تولي رئاسة حزب كاديما وأصبح المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات وتشكيل الحكومة وهو ما حدث بالفعل.