\r\n «ان الأميركيين هم المغول الجدد، أتباع الكفار الذي دمروا بغداد وغيرها من العواصم الإسلامية في القرن 13. ويمثلون تهديدا جسديا وروحيا، لأن آيديولوجيتهم المادية وتأكيدهم على الفرد والعلمانية، يمكن أن يغريان المؤمن بالابتعاد عن طريق الإسلام». «ان الجهاد هو الترياق لهذا السم. وكحرب حقيقية، تقدم فرصة لضرب الكفار. وكحالة وجود، تقدم للمشاركين طريقة لإثبات قيمتهم أمام الله». \r\n وبعد ثلاث سنوات من هجمات 11 سبتمبر، لا تزال الولاياتالمتحدة تبذل جهدا كبيرا لتحديد أعدائها الحقيقيين في الحرب ضد الإرهاب. \r\n وتعرف الولاياتالمتحدة بالطبع هويتهم، فهم أعضاء «القاعدة» والجماعات المتطرفة المرتبطة بهم حول العالم. \r\n ولكن معرفة من هم، في ما يتعلق بالطريقة التي ينظرون بها للعالم، وفلسفتهم وآمالهم، وخططهم، فقصة أخرى. فعندما ينظر بن لادن من مخبئه في باكستان، هل يقر موجة الأحداث العالمية؟ هل هو سعيد بخصوص العراق؟ أم يشعر بالإحباط؟ هل يرغب في نشر الفوضى خلال فترة الانتخابات الأميركية، ويهاجم المزيد من الرموز الرأسمالية؟ أم ستكون له أجندة مختلفة تعكس قيمه الخاصة، كما يقترح بعض الخبراء. \r\n وبينما يتجه الكونغرس نحو التصويت على مشاريع لتطوير أجهزة الاستخبارات الأميركية، فإن واحدة من التوصيات الرئيسية للجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر لم تتعامل فقط مع البنية البيروقراطية بقدر ما تعاملت مع الحاجة لضمان قدرة أجهزة الاستخبارات على رؤية العالم من نفس منظور الأعداء. \r\n وبعد حدوث هجمات 11 سبتمبر ربما كان الأمر فشلا للخيال، ضمن أشياء أخرى، فلم يتمكن العديد من التكهن بإمكانية وقوع مثل هذه الهجمات. وذكر تقرير هيئة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر في الختام «انه من المهم العثور علي طريقة لتوجيه ممارسة الخيال». \r\n وخلال الحرب الباردة، حاولت أجهزة الأمن القومي الأميركي محاولة فهم العالم كما ينظر إليه الاتحاد السوفياتي. وكان هدف «الفريق الأحمر» هو التكهن بكيفية رد فعل القادة السوفيات لتطوير الأسلحة في الولاياتالمتحدة، ومقترحات المعاهدات، وغيرهما من التصرفات الاستراتيجية. \r\n والآن فإن الولاياتالمتحدة تركز بطريقة متزايدة على فريق مماثل في ما يتعلق ب«القاعدة». وواحد من الجهود المهمة في هذا المجال هو ذلك الذي ينفذه بالنيابة عن القاعدة محلل شؤون الإرهاب في مؤسسة راند، بريان جنكينز. \r\n وقد نقل ملخص «حالة الجهاد» من عمل جنكينز. ومن بين النقاط التي سجلها هو أن هدف «القاعدة» واسع، بالنسبة للعيون الغربية، وهو واسع بدرجة كبيرة للغاية: فالجماعة تريد طرد من تصفهم بالكفار من الشرق الأوسط، وإسقاط ما يعتبرونه أنظمة مرتدة في الدول الإسلامية. والهدف هو تشكيل أتباع، وليس السيطرة على أراض. والجماعة غامضة في ما يتعلق بمتى يمكن تحقيق أهدافها. \r\n وذكر جنكينز في مؤتمر عقد أخيرا في مؤسسة راند في واشنطن حول الإرهاب «نعتبر الحرب عملية محدودة، ذات بداية ووسط ونهاية. وبالنسبة لأعدائنا الجهاديين، هي حالة دائمة». \r\n ويركز مضمون الجهاد على العمل وليس على التقدم. وأهدافهم هي أن العمل كلما كان مثيرا كان أفضل. ويلاحظ جنكينز أن حملة إرهابية مستمرة تدعم صورتهم في طليعة الجهاد. فالعمل يظهر الجهاديين، ويركز نشاطهم على الهدف الروحي ويحميهم من إغراءات المادة. وبالنسبة للقاعدة فإن البطولة الفردية يمكن أن تكون أكثر أهمية من نتائج العملية ذاتها. \r\n ومن المؤكد أن القاعدة شاهدت في السنوات الثلاث الماضية تحديات كبيرة. فقد تم حل معسكرات التدريب في أفغانستان وقبض على عدد كبير من قادتها أو قتلوا. وانخفض تدفق الأموال وانكمشت منطقة عملياتها. \r\n والاسوأ من ذلك بالنسبة ل«القاعدة» هو ما يراه قادتها بأنه رد فعل فاتر، فقد لاحظ جنكينز أن الرسالة المطولة التي ظهرت في شهر يناير الماضي ونسبت إلى بن لادن، تعمدت تصوير المسلمين بأنهم «مذنبون بسبب الحماس المحدود»، وبالتالي يحتاجون إلى دفعهم للعمل. \r\n وربما تنظر «القاعدة» إلى نفسها بأنها نجت من أسوأ ما يمكن أن تقوم به الولاياتالمتحدة، فالعمليات الناجحة مثل نسف قطار مدريد، مستمرة. ومعظم الخبراء يعتقدون أن «القاعدة» مسؤولة عن نسف فندق هيلتون في منتجع طابا في الأسبوع الماضي، الذي أدى إلى مقتل 33 شخصا وإصابة 149 بجراح. وقد أثار الغزو الأميركي للعراق المسلمين بل أدى إلى انقاسامات في «الدول الكافرة». \r\n ما الذي يمكن أن يحدث على المدى الطويل طبقا للفكر الديني ل«القاعدة»، فالشباب غير الراضي سيتدفق على القاعدة، وسيمارسون الحرب القديمة بالانتظار، وحصار العدو والهجوم عليه عندما لا يكون مستعدا. وقال جنكينز إن الهدف هو «الحرب حتى يوم القيامة». \r\n ومصدر ذلك التقييم وغيره من التقييمات هم الإرهابيون أنفسهم. وتم الحصول على بعضها من تحقيقات لأعضاء القاعدة الذين تم القبض عليهم، ولكن معظم وجهة النظر الأصولية هي واضحة، في البيانات التي أصدرها بن لادن وكبار المسؤولين في «القاعدة» على مدى السنوات. \r\n وعندما يظهر شريط فيديو أو تسجيل صوتي يعتقد أنه من «القاعدة» تنتشر الإثارة في أوساط أجهزة الاستخبارات الأميركية طبقا لكتاب صدر أخيرا بعنوان «التعجرف الامبريالي» ،الذي وضعه مسؤول في وكالة الاستخبارات الأميركية لم يكشف عن هويته، تبدأ الأجهزة على الفور في تحليل كل شيء مثل الصخر أو شكل الأشجار، في محاولة لمعرفة وتحديد أين تم تسجيل الشريط. ويستمعون إلى نبرات الصوت لمحاولة معرفة واكتشاف أية تلميحات بخصوص صحة بن لادن. \r\n ووسط كل ذلك فإن «ما يقوله بن لادن» هو أكثر جزء من الشريط يجري تجاهله طبقا لمؤلف الكتاب، الذي ذكرت التقارير الصحافية انه مايكل شويرر. \r\n ويقول شويرر «إن خطاب بن لادن في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، يشير الى انه يعرفنا، وكيف نتصرف، أفضل بكثير مما نعرفه». \r\n ويركز خطاب بن لادن عادة على مظالم واضحة تعرض لها العالم الإسلامي. فهو يصور المسلمين في البوسنة وكشمير والشيشان وأفغانستان وغيرها من جمهورية الاتحاد السوفياتي السابقة في آسيا الوسطى بأنهم ضحية للحملة الصليبية الأميركية. \r\n ويبدو أنه يشعر بأن هذه المصداقية في فكره تنطلق من إقناع المسلمين بأنهم يتعرضون للهجوم في كل مكان. ويخبر الأميركيين بأنه يعرف أن الكثيرين منهم هم «شعب طيب ورقيق»، ولكنه في حالة حرب مع حكومتهم. بل يحث الشعب الأميركي على اعتناق الإسلام للتخلص من حياتهم البائسة المادية غير الروحية». وربما تكيف بن لادن الذي درس علوم الإدارة عن طريق إلغاء المركزية في عملياته، طبقا لما ذكره جيرولد بوست، مدير برنامج السيكولوجية السياسية في جامعة جورج واشنطن. فالقيادات الاقليمية ربما تتحمل مسؤولية جمع نفقاتها والتخطيط لعملياتها الخاصة. \r\n وأوضح الدكتور بوست، الذي أدار وحدة الشؤون السيكولوجية في وكالة الاستخبارات المركزية، أن «القاعدة أصبحت آيديولوجية إلهامية، أكثر منها شبكة منظمة». \r\n وفي آخر فيديو لابن لادن، الذي أذيع في الشتاء الماضي، كان يبدو هزيلا، وذكر انه لا يهم ما إذا كان يعيش أو يموت، ولكن يجب الاستمرار في ما بدأه. \r\n وقال بوست «ربما ما كان يقوله هو ان حياته قاربت على الانتهاء ويريدأن ينظر إليه في أوساط التاريخ الإسلامي الراديكالي كلاعب أساسي في التمرد ضد الغرب». \r\n \r\n * خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص ب «الشرق الأوسط»