\r\n ويستمد هذا الكتاب أهميته من أنه جهد مكثف من كاتب أميركي كبير، يتصدى لموضوع الساعة، فيحاول فهم الاسلام والمسلمين برؤية موضوعية محايدة، وقد يلحظ القاريء شيئاً من التحول هنا في فكر إسبوزيتو، يمكن تفسيره في ضوء اتساع نطاق الهجوم عليه، إلا أن ذلك لا يقلل من قيمة التحليلات التي يقدمها لظاهرة الاحياء الاسلامي وتجلياتها المختلفة. \r\n \r\n يحاول هذا الكتاب التصدي للنزعة المتنامية لدى قطاعات عديدة في المجتمع الأميركي خاصة إثر أحداث 11 سبتمبر للربط بين الإسلام والتشدد، وهو يمثل تواصلا لنهج المؤلف في محاولة الوصول الى فهم للإسلام، يتجاوز الصور النمطية التي تم تشكيلها في بعض دوائر الغرب عنه، حيث يأتي بعد كتابه «التهديد الإسلامي خرافة أم حقيقة» وهو الكتاب الذي حاول من خلاله تفنيد الاتجاهات التي تحاول أن ترى في الإسلام تهديداً للغرب يحل محل التهديد الشيوعي. \r\n \r\n ولذلك يسعى المؤلف الى التأكيد على أنه إنما ينجز هذا الكتاب من أجل الأغلبية الكبيرة من الجمهور في الغرب غير المسلم والمسلم على السواء الذين يتعايشون سوياً في القرن الحادي والعشرين في تفاعل لايمكن أن ينفصم. وتأكيدا لموقفه على الصعيد المتمثل في إنشائه مجلس التفاهم المسيحي الإسلامي يشير الى «إن العالم الإسلامي لم يعد بعيدا هناك، فالمسلمون هم جيراننا وزملاؤنا ورفقاء مواطنين، ودينهم مثل اليهودية والمسيحية يعارض الإرهاب». \r\n \r\n مؤكدا على أن عبارة مثل «بناء جسور التفاهم» أصبحت على غير ما كانت من قبل أكثر حيوية الآن في حرب لا يمكن مطلقا تحقيق النصر فيها بالوسيلة العسكرية . ويعد التفاهم والتحرك الفعلي على هذا الأساس أمراً مطلوباً من قبل المسلمين وغير المسلمين على السواء، وحسب قوله فكلنا مواجهون بتحد يتمثل في تجاوز الاسطوانات المكررة، والمظالم التاريخية والاختلافات الدينية للإقرار والاعتراف بقيمنا المشتركة، ومصالحنا المشتركة كذلك، والتحرك سويا من أجل بناء مستقبلنا المشترك. \r\n \r\n واذا كان المؤلف يلقي الضوء على تنظيم القاعدة ورحلة زعيمه أسامة بن لادن باعتبار أنه أصبح يمثل غربيا الصورة التي تجري محاولة تكريسها، فإنه الى جانب ذلك يغوص في أعماق الحركات الإسلامية المعاصرة سواء المتشددة أو المعتدلة، محاولاً فهم الأسس التي قامت عليها هذه الحركات ومدى صحة ما يحاول أن ينسبه البعض الى العديد منها من أنها تستمد فلسفتها المتشددة من الأصول الإسلامية مستعرضاً هذه الأصول باعتبار محورية فهم المصادر الدينية والتاريخية لتصورات هذه الحركات واعتقاداتها ومخططاتها. \r\n \r\n والسؤال المحوري الذي يطرحه اسبوزيتو في هذا المجال هو: هل قامت هذه الحركات التي سلكت التشدد سبيلا باختطاف الإسلام لصالح أغراضها السياسية، أم أنهم حسب زعمهم، يمثلون عودة الى التعاليم الحقيقية؟ \r\n \r\n في رحلته للإجابة عن هذا السؤال يشير المؤلف الى أن بن لادن والقاعدة يمثلان علامة أو نقطة تحول بالنسبة للحركة الإسلامية المعاصرة. فعلى الرغم من أن الزعماء الإسلاميين الرئيسيين دعوا في الماضي الى ثورة إسلامية، فإن تركيز وتأثير معظم الحركات المتشددة بدءا من شمال افريقيا الى جنوب شرق أسيا كان على المستوى المحلي أو الإقليمي. وقد شكل أسامة بن لادن والقاعدة ما يمثل الخطوة التالية نحو التحرك الدولي. \r\n \r\n والذي لا يقتصر على إعلان ضد الحكومات في العالم الإسلامي وشن الهجمات على من يمثل الغرب والمؤسسات الغربية في المنطقة، بل جعل الولاياتالمتحدة والغرب هدفاً رئيسياً في الحرب التي يشنانها. يستعرض المؤلف في الفصل الأول من الفصول الأربعة التي يحتويها الكتاب ما يسميه «صناعة الإرهابيين الجدد» عارضا بشكل أساسي لرحلة أسامة بن لادن من الثراء والحياة الموسرة الى الكهوف والتدريبات العسكرية في مخيمات أفغانستان توفر الشعور بأنها أقرب الى الخيال منها الى الحقيقة. \r\n \r\n متسائلا : ماذا حدث لكي يتحول الشاب السعودي الهادئ الخجول الجاد صاحب الثروة الى «المجرم» الأكثر طلبا للقبض عليه من قبل المجتمع الدولي؟ \r\n \r\n وفي استعراضه لما يراه إجابة عن هذه التساؤلات يشير الى أن رؤية بن لادن الشاملة تأثرت كثيرا بالمناخ السياسي في المنطقة العربية بشكل عام في الستينيات والسبعينيات حيث كانت الحركات الإسلامية في تصاعد في العالم المسلم . فضلا عما مثلته الهزيمة الكارثية والمخزية في حرب 1967 من كونها نقطة تحول في تاريخ الإسلام المعاصر، حيث ولدت نزعة عميقة نحو البحث عن جوهر ما جرى، ممثلا في ذلك الفشل الحديث وعجز العالم الإسلامي والذي حاز بعد نشأته ولعدة قرون قوة ونجاحا لا نظير له. كما شهدت السبعينيات أيضا تزايدا في قوة وبروز المعارضة الإسلامية الداخلية والحركات الإصلاحية. \r\n \r\n جوهر التجربة الأفغانية \r\n \r\n في إطار استعراضه للمحطات الأساسية في حياة أسامة بن لادن يشير المؤلف الى أن الغزو السوفييتي لأفغانستان 1979 كان بمثابة نقطة تحول رئيسية أخرى في حياته وبداية رحلته السياسية والفكرية وهنا يستشهد اسبوزيتو بعبارة لابن لادن راح يشير فيها الى أن السنتين اللتين عاشهما هناك يساويان مئة عام. \r\n \r\n وحسب رواية المؤلف، وهي الرواية التي لا تختلف كثيرا عن سابقاتها من تلك التي تناولت مسيرة بن لادن، فإن هذا الأخير عندما بدأ العمل ضد السوفييت كان من بين الأوائل الذين اندفعوا الى معسكرات اللاجئين الأفغان في بيشاور بباكستان للالتقاء مع زعماء المجاهدين والذي يعرف بعضهم بالفعل من خلال لقائهم في الحج الذي جمع بينهم في بيته بالسعودية. \r\n \r\n خلال الفترة من 1979 وحتى 1982 جمع الأموال والمواد اللازمة للتحرك، وقام بزيارات متقطعة من السعودية الى باكستان . وفي 1982 دخل أخيرا أفغانستان جالبا معه كميات كبيرة من معدات المقاولات وكذلك الأموال، وأصبح مشاركاً بالكامل في الجهاد الأفغاني . وبحلول عام 1984 وصلت أعداد متزايدة من المجاهدين العرب الى باكستان للالتحاق بهذا التحرك وفي 1986 أصبح أسامة أكثر انخراطا بشكل مباشر في الحرب حيث أقام معسكراته الخاصة وقاد قوات المجاهدين العرب الذين أصبحوا يعرفون ب «الأفغان العرب» في المعركة. \r\n \r\n وفيما بعد أنشأ تنظيم «القاعدة» لتنظيم وضبط قنوات المقاتلين والأموال لصالح المقاومة الأفغانية، وكانت تلك البدايات هي التي انتهت الى أن يضع خطواته على طريقه الراهن الذي انتهى الى تصويره كإرهابي دولي. وهنا يشير المؤلف الى أن المفارقات المثيرة للإنتباه ما قام به أسامة بن لادن خلال تلك الفترة كان يلقي تأييد الكل، وبالنسبة لأميركا تحديدا فقد كان هذا «جهاداً جيداً». \r\n \r\n وحسب قول اسبوزيتو فإنه «على الرغم من أن الولاياتالمتحدة صادفت تهديدا من قبل الثورة الإيرانية والعنف والإرهاب اللذين ارتكبا من قبل جماعات الجهاد في مصر ولبنان وأماكن أخرى فإن حكومتنا قامت بتشجيع ومساندة المقاتلين في أفغانستان ممدة إياهم بأموال لا بأس بها وكذلك ومستشارين من وكالة الاستخبارات». \r\n \r\n ويقدم المؤلف في هذا الجزء رؤيته لما يعتبره أزمة واجهت التصورات التي يعكسها بن لادن ومن على شاكلته خلال تلك الفترة، فبعد تجوال وترحال لم يجد بن لادن مفرا من العودة ثانية الى افغانستان في أبريل 1991 عبر باكستان وعندما وصل فإنه مع ذلك، لم يجد نفسه في الدولة الإسلامية والتي تم إطلاق الجهاد من أجل إقامتها ولكن وجد نفسه يغوص فى صراعات دينية وعرقية نجمت عن إنفضاض الجهاد. وعلى الرغم من النصر الأفغاني. \r\n \r\n فإن الجهاد فشل في تطوير ايديولوجية مترابطة أو اساس من أجل الوحدة السياسية. وقد أحبط بن لادن إزاء هذا الوضع نظرا لعدم قدرته على المساهمة في حل المشكلات والفوضي وحالة غياب القانون الناجمة عن ذلك. وفي 1992 وبعد عدة شهور ووسط التشاجر والقتال من أجل تولي الحكم بعد انهيار النظام الموالي للسوفييت توجه بن لادن الى السودان. وإثر مجموعة من العمليات الإرهابية اتهم بن لادن بأنه يقف وراءها قام السودان بإبعاده. \r\n \r\n ومن المفارقات الأخرى التي يشير اليها المؤلف هنا أن الخرطوم عرضت إبعاد بن لادن الى الولاياتالمتحدة، غير أن هذه الأخيرة رفضت، فكان طيرانه الى أفغانستان لتبدأ مرحلة جديدة في حياة بن لادن بوصول طالبان الى الحكم في 1996، حيث فرضت تصورات متشددة على المجتمع الأفغاني، لقيت انتقادات كبيرة حتى من العالم الإسلامي. \r\n \r\n ومع ذلك فإن بن لادن وجد في حركة طالبان الأفغانية ملاذاً مريحاً وقاعدة مفيدة لعملياته. ويشير المؤلف هنا الى ما يراه نموا وزيادة في حاشية بن لادن وأتباعه، حيث استطاع اجتذاب عرب ومسلمين آخرين منشقين من الذين فرضت عليهم ظروفهم الفرار من بلدانهم الأصلية. ومن بين هؤلاء الكثير من المتشددين المصريين البارزين مثل الدكتور أيمن الظواهري الطبيب وزعيم جماعة الجهاد الإسلامية المصرية المحظورة. \r\n \r\n واثنين من أبناء الشيخ عمر عبد الرحمن الداعية المصري الضرير المتهم بالضلوع بدور في اغتيال انور السادات، والمشتبه في تورطه في حادث تفجير مركز التجارة العالمي 1993 والذي أدين بالتآمر لتفجير مواقع رئيسية عديدة في مدينة نيويورك. ومن بين كل هؤلاء الرجال فإن الشخص الذي نجح في اكتساب ثقته واصبح الأكثر تأثيرا عليه هو الدكتور أيمن الظواهري. \r\n \r\n ويشير اسبوزيتو هنا الى ما يراه من محورية دور هذا الأخير في تطوير مفهوم الجهاد وتوسيع نطاقه,مستشهدا بما يراه الكثيرون من أنه كان له رؤية وفهم عميق للدين وللواقع الدولي أشمل من بن لادن، وأنه لذلك يعد المسئول عن توسيع رؤية بن لادن وتجاوزها العالم العربي الى العالم الإسلامي الأكبر والى العمل ضد أميركا أو الغرب . \r\n \r\n وهنا فإنه يستشهد بما ذهب اليه حميد مير الصحافي الباكستاني الذي التقى بن لادن من أن الظواهري يعتبر العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، فعندما أجرى حميد مير مع بن لادن لقاء صحافيا وراح يسأله عن تلك العبارة التي تقرر أن قتل الأميركيين وحلفائهم - مدنيين وعسكريين - يعد واجبا على كل مسلم فإنه لاحظ - أي مير - أن بن لادن لم يجب سوى بعد أن استشار الظواهري وعاد الى مصادر إسلامية أخرى. \r\n \r\n فيما يجادل آخرون بأن بن لادن كان لديه اساسا موقف عدائي نحو أميركا واسرائيل وكذلك الذكاء والقدرة التي تمكنه من تحويل ذلك الى ممارسة عملية على أرض الواقع، وأنه على هذا الأساس فإن بن لادن هو الذي وسع من رؤى الظواهري، الذي أمضى جزءا أساسيا من سنوات تكوينه يركز على فكرة إقامة دولة إسلامية . \r\n \r\n مرحلة مختلفة \r\n \r\n يتناول اسبوزيتو بعد ذلك ما يمكن اعتباره مرحلة جديدة في أنشطة بن لادن فإزاء شعوره بأنه في ملجأ آمن في أفغانستان راح بن لادن يعلن بشكل أكثر وضوحا بالصوت والصورة عن دور عالمي له موجها دعوة مفتوحة للعمل ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها. وفي أغسطس 1996 أصدر «اعلان الجهاد» والذي تحددت أهدافه في طرد القوات الأميركية من منطقة الخليج وكذلك مساندة «المجموعات الثورية» حول العالم. وفي نوفمبر كرر ثانية تهديده بشن حرب ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها اذا لم تسحب واشنطن قواتها من الخليج. \r\n \r\n وبحلول 1998 يبدو أن الشعور بالراحة قد تزايد لديه وظل يستخدم وسائل الإعلام بدهاء في بث رسائله للحصول على التأييد في العالم الإسلامي. وفي عام 2000 أعلن بن لادن عن تشكيل «الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين» وهي تمثل مظلة للحركات الراديكالية عبر العالم المسلم، ويلخص أسم المنظمة الرجل ورؤيته للعالم . \r\n \r\n ويحاول المؤلف تحليل الأسس التي قامت عليها تحركات بن لادن خلال تلك الفترة فيشير الى أن رؤيته كانت تنطلق من أن المسلمين تحت الحصار، وأراضيهم محتلة في عالم يسيطر عليه اعداؤهم التاريخيون ممثلين في العالمين المسيحي واليهودي المسلحين، ويخلص اسبوزيتو من ذلك الى ان السياسة العالمية في منظور بن لادن ليست سوى تنافس وجهاد، وصدام حضارات بين العالم الإسلامي والغرب، بين الإسلام والمؤامرة المسيحية اليهودية المسلحة. \r\n \r\n فالتأثير الأجنبي والتدخل في شئون العالم الإسلامي أصبح ينظر اليه مرة أخرى في إطار التقسيم التقليدي للعالم الى أرض الإسلام «دار السلام» وأرض الحرب «دارالحرب». ويخلص الكاتب إزاء ذلك الى أنه اذا كانت محاولة بن لادن والقاعدة تعبئة عالم الإسلام لتبني رؤيتهم للجهاد ساهمت في إقناع معظم المسلمين والحكومات الغربية بعظم التهديد الإسلامي، فإنها تبدو أيضا ساهمت في إجتذاب بن لادن لبعض المسلمين خاصة الأجيال الصغيرة، حيث بدا انه كان يبحث عن الشرعية وتحريك الشارع المسلم أو عوام الناس عبر المطابقة بين العديد من الإدراكات والمظالم لدي العامة مثل غيره من المتطرفين . \r\n \r\n وفيما يبدو تفهما لأسباب السخط لدى بن لادن دون قبول ذلك النوع من رد الفعل الذي انساق اليه يذهب اسبوزيتو الى أن القضايا والأفكار الرئيسية لرسالة بن لادن تعكس كلا من جذوره العربية وتنامي قلقه بشأن المجتمع الإسلامي الواسع . فتركيزه الأولي كان بداية على وجود قوات أجنبية في الخليج، والصراع العربي الإسرائيلي، حيث يصف بن لادن أميركا واسرائيل بأنهم الصليبيين واليهود والصهاينة مع إدانة بعض الأنظمة لإذعانها وفسادها، ثم وسع من نطاق اتهاماته لتشمل موت أكثر من مليون برئ عراقي بسبب العقوبات الغربية وكذلك الصراع في البوسنة والشيشان وكشمير. \r\n \r\n ومما يكشف عن طبيعة تناول اسبوزيتو الحيادي للقضية التي يقوم بتحليلها مع الوضع في الإعتبار أيضا أن الحياد نسبي فإنه يشير الى أن بن لادن استطاع أن يعكس بعض المشاعر بالاضطهاد التاريخي والاحتلال وافتقاد العدالة على يد الغرب، فبعد 11 سبتمبر راح يوجه اتهامه قائلا : «إن ما تشعر به الولاياتالمتحدة اليوم يعد شيئا صغيرا مقارنة بما ذقناه لعشرات من السنين . إن أمتنا ذاقت الذل والهوان لأكثر من 80 عاما مشيرا الى أن ابن لادن بذلك يرسم صورة للعالم فيها يوجد المسلمون والإسلام تحت الحصار: «إن أميركا وحلفاءها يرتكبون المجازر ضدنا في فلسطين، والشيشان وكشمير والعراق». \r\n \r\n وحسب ما يذهب اليه المؤلف فإن جوهر تحرك ابن لادن ضد أميركا إنما بدأ مع غضبه على عدم العدالة من قبل بعض الأنظمة وهو ما يشير اليه ما طرحه ابن لادن من أسباب تحركه والمتمثلة في تأكيده على أن الدعوة لشن حرب ضد المصالح الأميركية إنما جاءت بسبب كون أميركا رأس حربة الصليبية ضد الأمة الإسلامية حيث ترسل عشرات الألاف من القوات الى أراضينا وفوق ذلك تطفلها وتدخلها في شئوننا وسياساتنا، ومساندتها للإضطهاد والفساد والأنظمة الطاغية التي تعد تحت سيطرتها. \r\n \r\n بين الصواب والخطأ \r\n \r\n وفي إطار استعراضه لجانب من إدراكات ابن لادن للواقع الذي أدى الى سعيه للتحرك حسبما يراه وكونه يعكس قضايا حقيقية تثير الكثير من الجدل يشير المؤلف الى أن ابن لادن ربط أيضا الوجود الغربي في الخليج بالعديد من القضايا المهمة ومنها : تعزيز الولاياتالمتحدة لعملية توسيع اسرائيل، ومساندتها للخطط اليهودية والصهيونية لتحقيق ما يسمى باسرائيل الكبرى . \r\n \r\n وعلى العكس مما ردده الكثيرون فيما بعد أحداث 11 سبتمبر فإن فلسطين تشكل قضية أولية لابن لادن، حيث عرض في رسائله الى الحديث عن الجرائم الصهيونية واليهودية ضد المسلمين . وتصف بياناته بشأن مأزق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي في انتهاك لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لأكثر من 40 عاما بشكل تصويري الاحتلال وتدعو الى التعبير عن الغضب الشعبي العربي والمسلم تجاه سياسة اسرائيل وتواطؤ المجتمع الدولي. \r\n \r\n والمؤلف في إطار تناوله لمسيرة ابن لادن يناقش بعض القضايا التي راح ابن لادن يؤسس موقفه عليها وإن كان الخلاف حول السبيل الذي اتبعه لمواجهة هذه القضايا ومحاولة تغيير الواقع الذي يواجهه، فضمن تناوله يشير المؤلف الى أن من بين القضايا التي أفاض فيها ابن لادن القضية الفلسطينية وإلقاءه اللوم بمسئولية القمع الإسرائيلي للفلسطينيين على الشعب الأميركي، الذي انتخب الرئيس والكونجرس. \r\n \r\n فحكومتهم تصنع الأسلحة وتقدمها لاسرائيل والتي تستخدمها بدورها في ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين معتبرا أن اللوبي اليهودي قد أخذ أميركا والغرب رهينة داعيا الأميركيين الى الانتفاض ضد حكومتهم كما فعلوا خلال حرب فيتنام، وأجبارها على وقف السياسات المعادية للمسلمين والمجازر التي ترتكب ضدهم. ومؤسسا لمفهومه للجهاد فإنه إنطلاقا مما سبق يرى أن المسلمين لهم الحق، بل الواجب، في الدفاع عن أنفسهم . وعلى ذلك فإنه يدعو الى التأكيد على ان التحرك انما هو دفاع عن النفس وتصحيح مسار النظام السياسي غير العادل يعد أمرا شرعيا وصحيحا. \r\n \r\n ويعتبر اسبوزيتو أن ابن لادن على هذا الأساس يقدم صورة للعالم الحديث في إطار استقطابي، عالم الإيمان وغير الإيمان، والذي في إطاره تعتدي قوى الشر والقهر وعدم العدالة على قوى الخير، ويعيش العالم المسلم والإسلام تحت الحصار، ويستعرض اسبوزيتو تفرقة ابن لادن بين الإرهاب الجديربالثناء والإرهاب الذي يستحق الإدانة. \r\n \r\n وفي تحليله لهذه الرؤية يذهب المؤلف الى أنها تعود الى تقاليد تتعلق بإصلاح الإسلام وأغلبها موجه الى الصراع بشأن اضطهاد المسلمين من قبل الغرب، وعلى هذا فإنه يرى أن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا تعد دعوة ابن لادن الى التحرك الدفاعي صدى لحقيقة قائمة بين تيار كبير من المسلمين، وكذلك المتشددين الذين يعيشون اليوم في العالم المسلم ؟ هذا هو السؤال الذي يحاول الإجابة عنه في الأجزاء التالية من الكتاب. \r\n \r\n \r\n