أبدت الجزائر اعترافا ضمنيا بسلطات الانقلاب الجديدة في مصر، وذلك للمرة الأولى منذ إعلان وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي تعطيل الدستور في 3 يوليو الماضي، وقيامه بعزل الرئيس محمد مرسي. وقال وزير الخارجية الجزائرية مراد مدلسي أنه أبلغ القاهرة برغبة الجزائر في مواصلة التعاون مع مصر دولة لدولة، بعدما وصف وزير الخارجية في حكومة الانقلاب نبيل فهمي ب"نظيره". ولم تكن الجزائر قد أصدرت موقفا واضحا، بعد خطوة السيسي تلك، وكانت الحكومة قد أصدرت بيانا مقتضبا تعليقا على الأحداث بأن "الجزائر تثق في عبقرية الشعب المصري لإيجاد حل يحفظ وحدته واستقرار مصر". وجاءت تصريحات مدلسي هذه بعد يوم من التقائه برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. رغبة تعاون وقال مدلسي ليلة أمس "التقيت ب"نظيري" المصري نبيل فهمي لأول مرة قبل أسبوع، وحدثني عن خارطة طريق محددة". وأضاف في نشرة القناة التلفزيونية الحكومية الناطقة بالفرنسية أنه لاحظ بارتياح أن السلطة "الانتقالية" تحترم خارطة الطريق هذه. وتابع المسؤول "أبلغت القاهرة برغبة الجزائر في مواصلة التعاون مع مصر دولة لدولة"، موضحا أنه ليس هناك خيار آخر غير العمل سويا لما فيه مصلحة الشعبين، حسب تعبيره. وحول سؤال عن الموقف الرسمي من ثورات الربيع العربي، إذ كانت تتهم الجزائر بوقوفها إلى جانب الأنظمة، أوضح مدلسي أن الجزائر تحترم إرادة شعوب الربيع العربي، وتعمل مع القيادة التي اختارتها هذه الشعوب سواء تعلق الأمر بتونس أو ليبيا أو مصر, قبل أن يعترف بأن فهم موقف الجزائر تطلب بعض الوقت. تأتي هذه التصريحات التي أدلى بها المسؤول الجزائري للقناة التلفزيونية الجزائرية الناطقة بالفرنسية "كنال ألجيري"، بعد يوم من استقبال رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لوزير خارجيته مدلسي، ووزيره الأول عبد المالك سلال. نظامان متشابهان هذه التصريحات وصفها رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي بالمهينة، وقال للجزيرة نت "لا يوجد في الدنيا من يمكنه ألا يصف ما حدث في مصر بأنه انقلاب إلا من كانت له مصلحة في ذلك". وأضاف "من يؤيد النظام الانقلابي في مصر فلأن له شبها به، لذلك أرى أن النظامين هنا وهناك متشابهان". في السياق، شكك تواتي في أن يكون هذا الموقف جاء بتوجيهات من بوتفليقة نفسه، رغم أن الرجلين ظهرا معا قبل يوم من ذلك، وأضاف "بوتفليقة لا يقدر حتى على الكلام المبين، ورأينا حركاته المتثاقلة في الصور التي بثها التلفزيون الرسمي". من جانب آخر، وصف حزب النهضة الإسلامي هذا الموقف الجديد للحكومة الجزائرية ب"الخطير"، ورآه غريبا عن المواقف التاريخية للدولة الجزائرية المستمدة أساسا من مبادئ ثورة أول نوفمبر 1954. ولفت القيادي بالحزب امحمد حديبي إلى "تعمد" وزير الخارجية إصدار هذه التصريحات من القناة الرسمية الموجهة للجالية في الغرب "كنال ألجيري"، وقال للجزيرة نت مدلسي أراد من خلال هذه الخطوة التعتيم على الرأي العام الداخلي وتسويق موقفه للخارج. وندد المتحدث باستخدام الوزير للغة الفرنسية في تصريحه، معتبرا إياها إهانة للشعب وللدولة، محمّلا إياه مسؤولية ما يترتب عنها. موقف مسيء لكن الكاتب وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي، يرى هذا الموقف "طبيعيا" "كون هذه السلطة أيدت كل الحكومات الانقلابية في أفريقيا". ونقلت الجزيرة نت عن الكاتب قوله: "طبيعي أن تساند السلطة في الجزائر الانقلاب في مصر، لأن الأخير أوقف زحف تيار الإسلام السياسي، وهو ما تريده السلطة هنا". وتابع رزاقي أن السلطة تعاملت مع الرئيس السابق حسني مبارك وتحفظت على استقبال الرئيس محمد مرسي اعتقادا منها بأنه سيدعم ذلك الإسلام السياسي، في المقابل أعانت في تونس الباجي قايد السبسي سياسيا وماليا، واستقبلت راشد الغنوشي بصفته صديقا وليس بصفته الحزبية زعيما لحزب النهضة الحاكم. ويرى المتحدث أن موقف الخارجية الجزائرية هذا "يسيء لكل من يدافع عن الديمقراطية بالجزائر".