ذكرت مصادر صحفية أمريكية أن الفساد والرشوة يستشريان بدرجة كبيرة في العراق الى درجة أن العراقيين يستغلون كل شيء تملكه أو تبيعه أو تشتريه الحكومة المركزية. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها من بغداد أن العاطلين عن العمل يدفعون مبلغ 500 دولار رشوة مقابل الدخول إلى سلك الشرطة، وأن العائلات تبني بصورة غير شرعية منازل على أراض تملكها الدولة، وأن مغاسل السيارات تستولي على المياه من أنابيب مياه الإسالة الحكومية، وأن كل شيء تقريباً تشتريه الدولة أو تبيعه يمكن الحصول عليه من السوق السوداء. وأضافت الصحيفة أن أدوية السرطان التي توفرها وزارة الصحة تباع بحوالي 80 دولاراً في الصيدليات العراقية، وتباع عدادات الكهرباء التي توفرها وزارة الطاقة بمبلغ 200 دولار، وحتى الكتب المدرسية للصف الابتدائي الثالث التي توفرها وزارة التربية تباع في المكتبات بثلاثة أضعاف ما كانت تتقاضاه الحكومة. وقال عادل عبد الصبحاوي - زعيم إحدى العشائر في مدينة الصدر باستياء واضح - إن الجميع يسرقون من الدولة، إنها قطعة لحم كبيرة والجميع يريدون أن يأكلوا. وفيما يقيّم المسؤولون الأمريكيون والحكوميون في العراق نتائج عملية الإغراق الأمريكية أمنياً، يبدو أن هناك شعوراً متنامياً بأنه حتى لو تحسّن الوضع الأمني فإن العراق انحدر إلى مستويات أخرى عميقة من عدم احترام القانون. واستناداً الى دراسة حديثة أصدرتها مؤسسة الشفافية العالمية التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقراً لها، وتنشر مؤشراً سنوياً عن الفساد، فقد حل العراق في المرتبة الثالثة على لائحة أسوأ الدول فساداً في العالم بين 180 دولة، ولم يتأخر سوى عن الصومال وميانمار. ويقدّر بعض المسؤولين الأمريكيين أن حوالي ثلث ما ينفقونه على العقود العراقية والهبات التي تقدم للدولة لا يمكن احتسابه أو تتم سرقته، ويذهب قسم منه إلى الميليشيات السنية والشيعية. وقدّر أكبر مسؤول لمكافحة الفساد في العراق في الخريف الماضي قبل أن يستقيل، ويفر من البلاد بعد مقتل 31 موظفاً في دائرته خلال السنوات الثلاث الماضية أن 18 مليار دولار من أموال الحكومة العراقية سرقت بوسائل مختلفة منذ العام 2004. وتقوّض عمليات السرقة قدرة العراق على توفير الخدمات الرئيسية، وهي من المقومات الأساسية لدعم «الإنجازات الأمنية المسجلة حديثاً»، وفقاً لما قاله مسؤولون عسكريون من الاحتلال الأمريكي. وقال الصبحاوي إنه عندما حاول مؤخراً إيجاد وظيفة لأحد الشبان من عشيرته، أبلغه المسؤولون الحكوميون أنه لا توجد أية وظائف متوفرة حالياً ما لم يدفع مبلغاً من المال لقاء تلبية طلبه. وقال ستيوارت بوين الذي يدير مكتب المراقب العام في برنامج ما يسمى "إعادة إعمار العراق"، إن رئيس الحكومة نوري المالكي قطع جهود مكافحة الفساد خلال العام الحالي من خلال الاشتراط على المحققين الحصول على طلب مسبق من مكتبه قبل ملاحقة الوزراء الحاليين أو السابقين بتهم الفساد. كما لم يُلغِ المالكي قانوناً عارضه الأمريكيون يتيح للوزراء إعفاء موظفي وزارتهم من الملاحقة القضائية أو المثول أمام لجان التحقيق. وقال بوين «هذان الموقفان القانونيان داخل الحكومة العراقية لا يتطابقان مع الديمقراطية.. لدي قلق كبير حيال انتشار مشكلة الفساد». على حد تعبيره.