حذّرت صحفية نيويورك تايمز الأمريكية من أن الفساد بات يستشري في جسم حكومة الاحتلال الرابعة بشكل أسوأ مِمَّا كانت عليه بكثير, مهددًا الوضع الأمني الهشّ للعراق في الوقت الذي بدأت فيه قوات الاحتلال الأمريكية تنسحب شيئًا فشيئًا وتحول مهامها إلى القوات الحكومية الموالية له. وقالت الصحيفة في تقرير لها: إنه بعد الهجمات الدامية التي شملت قلب بغداد في أغسطس الماضي وتلك التي عصفت بها يوم الأحد الماضي وخلّفت خسائر بشرية ومادية هائلة, يتزايد القلق من أنّ العراق يواجه تهديدًا أمنيًا خطيرًا بسبب الفساد الذي ينخر نظامه من أعلى هرمه السياسي إلى الجندي المكلف بمراقبة نقاط التفتيش. ومن مظاهر ذلك ما جاء في تقرير حديث للمفتش العام لوزارة الداخلية الحكومية سلط فيه الضوء بشكل خاص على ظاهرة الرشوة المستشرية بين حراس الحواجز ونقاط التفتيش. وتعليقًا على الهجمات التي شملت بعض الوزارات قبل شهرين واستهدفت أخرى يوم الأحد الماضي مخلفة خسائر فادحة في الأموال والأرواح, قال المتحدث باسم المجلس الأعلى للقضاء عبد الستار البيرقدار: إن "هذه القنابل لم تأتِ من السماء", وأضاف أنه "لا بدّ أنها نقلت عبر الشوارع إلى أهدافها, ولو لم يكن هناك فساد مالي لما تَجَرَّأ منفذوها على المرور عبر نقاط التفتيش". ويعمل بوزارة الداخلية ربع العاملين في القطاع العام بهذا البلد, ويوضح تقرير المفتش كيف تتم عمليات الفساد المالي في هذه الوزارة. فهناك من يستولي على مبالغ من رواتب الموظفين وهناك من يتلاعب بالعقود للاستفادة منها بمكاسب شخصية, بل إنّ بعض قادة الشرطة يضيفون لقوائم من يدفعون رواتبهم ضباط شرطة وهميين لأخذ رواتبهم, وقد يخبر هؤلاء القادة بعض من يتبعون لهم أنهم فصلوا من العمل لكنهم لا يقطعون رواتبهم بل يستمرون في أخذها عوضًا عنهم. وقد يتم إطلاق سراح مجرمين مقابل رشوة كبيرة، بل قد تشطب سجلاتهم الجنائية مقابل رشى تقدم إلى الضباط وفي بعض الأحيان يقوم الحراس بابتزاز المعتقلين لأخذ مبالغ مالية من ذويهم. وفضلاً عن الفساد المالي هناك أيضًا الفساد السياسي, فالأحزاب السياسية الطامحة للوصول إلى السلطة تتنافس, حسب المسئولين الغربيين و"العراقيين", لتأمين ولاء أكبر قدر من الأجهزة الأمنية. وقد أيّد عدد كبير من ضباط الشرطة ما جاء في تقرير المفتش وأعطوا أمثلة أخرى عن أشكال من الفساد الذي يهدد استقرار قوات الأمن نفسها.