أكد الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن هذا الدين يُسر، ولن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا" يمثل قاعدة كبرى في الشريعة الإسلامية تقوم على مبدأ التيسير في جميع مجالات الحياة، سواء في العبادات أو في المعاملات. وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، خلال حوار مع الإعلامي شريف فؤاد، ببرنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون، بل رُوعي فيها طبيعة النفس البشرية، وما يطرأ عليها من ضعف أو فتور، مشيرًا إلى أن الحديث النبوي يحمل دلالات عميقة على ضرورة الاعتدال وعدم المغالاة في الدين.
واستشهد بعدد من المواقف النبوية التي تُجسّد هذا التيسير، مثل ما ورد في حديث الحج حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا"، فلما سأله أحدهم: "أكل عام يا رسول الله؟" سكت النبي ثلاث مرات ثم قال: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ذروني ما تركتكم"، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لم يُسارع بالحج حين فُتحت مكة، بل أخّر أداءه حتى السنة العاشرة للهجرة.
وأضاف أن الحديث يتضمن بعدًا تحذيريًا مهمًا ضد الغلو والتشدد، وهو ما ظهر في مواقف عدة، منها قصة "أبو إسرائيل" الذي نذر أن يحج ماشيًا، ولا يستظل، ولا يتكلم، ولا يفطر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يستظل ويتكلم ويتم صومه، قائلاً: "فإن الله غني عن تعذيب هذا النفس".
وتابع أن بدايات التطرف تبدأ من مثل هذه التأويلات المغلوطة، مشيرًا إلى قصة الثلاثة الذين جاءوا يسألون عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا عنها تقالوها وقال أحدهم: "أما أنا فأصوم ولا أفطر"، وقال الآخر: "وأنا أقوم الليل ولا أنام"، وقال الثالث: "وأنا أعتزل النساء"، فأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".