بقلم د. محمد زارع [email protected] ( إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره .. إنه كان توابا ) سورة النصر .. لا توجد كلمات في أي لغة من لغات البشر تعبر عن الفرحة بالنصر الذي حققه حزب الله للبنان وللأمة العربية والإسلامية ولكل المستضعفين في الأرض .. فهو نصر كبير .. ربما لا يدرك أهميته كثير من الناس الآن .. ولكن التاريخ يسجله بأبرز العناوين .. و يسطره في أنصع صفحاته .. فهو نصر فاصل .. وعلاماته ساطعة .. لن يكون العالم بعدها كما كان قبلها .. وستتوالى المتغيرات بشكل واضح لصالح أنصار الحق .. وستسقط تباعا كل رموز الباطل .. وتتهاوى رايات الزيف .. وتتبدد غيوم الأوهام والأوحال .. لأن شمس النصر التي بزغت لن تسمح بأي ظلام أو ضلال أو تيه أو سراب .. ولقد أحدثت المعركة الفاصلة طوال الشهر الماضي فرزا حقيقيا بين كل فئات الأمة في أنحاء العالم .. وقسمت الناس كل الناس إلى قسمين لا ثالث لهما : قسم في صف المقاومة .. وقسم في صفوف الأعداء المجرمين .. وليس هناك مكان في الوسط .. لا توجد منطقة أخرى .. ولا يسمح باللعب على كل الحبال .. أو الرقص على السلالم .. أو إمساك العصا من المنتصف .. وتحديد الخيار أصبح حتميا .. إما أن تكون مع أو ضد المقاومة .. والمترددون أو الذين لم يحسموا أمرهم بعد .. فهم ضد المقاومة .. هكذا تقتضي ظروف المعركة .. وليس الأمر قاصرا على منطقة جغرافية أو صبغة فكرية أو اعتناق عقائدي أو مذهبي أو طائفي .. كل هذه تقسيمات قديمة لم تعد فاعلة .. وإن كنا لا نغفلها ولا نقصيها .. لكنها ليست هي الأساس اليوم .. فمثلا شافيز وحكومته وشعب فنزويلا مع المقاومة .. رغم البعد الجغرافي والفكري والعقائدي .. بينما نجد حكومات وأنظمة عربية منتسبة إلى الإسلام .. وتشغل مكانا استراتيجيا في ميدان القتال – نجدها تحتل الصدارة في صفوف أعداء المقاومة .. وعلى رأس هذه الأنظمة كما يعلم الجميع : النظام المصري والسعودي والأردني .. كما نجد أناسا ينتسبون زورا إلى علماء الإسلام .. ويدلون بفتاوى مقززة .. تلعب على وتر الطائفية والمذهبية .. مثل مفتي السعودية ومن لف لفه وحذا حذوه .. وهي فتاوى مصنعة في البيت الأسود الأمريكي ومعلبة في أروقة الموساد .. ويروج لها إعلام صهيوني قذر .. وللأسف الشديد تتبنى مثل هذه الفتاوى جماعات داخل مصر مثل جماعة أنصار السنة .. مما يعد خيانة عظمى في وقت الحرب .. وتبعية مفضوحة لأعداء البشرية .. ولن ينخدع الرأي العام العربي والإسلامي باجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت بعد سبعة وعشرين يوما من القصف اليومي والوحشي لأطفال ونساء لبنان وهدم بيوتهم وتقطيع أوصالهم .. مع استمرار نفس الإجرام في فلسطين .. فهم لم يذهبوا إلى بيروت للوقوف بجانب لبنان .. ولم يذهبوا لدعم صموده أو مساندته .. لكنهم ذهبوا بأوامر أمريكية لإنقاذ الكيان الصهيوني من صواريخ حزب الله وضراوة مقاتليه .. والجحيم الذي يجده الصهاينة يوميا على أرض المعركة .. لقد شاركوا في ضرب لبنان .. لكنهم لم يتوقعوا أن يصمد حزب الله كل هذا الوقت .. وصعقوا كما صعق خنازير واشنطن والسفاحين الصهاينة حين فاجأهم أبطال حزب الله والشعب اللبناني الذي صمد ووقف مع مقاومته ورافعي هامته ومحرري أرضه وحافظي كرامته .. ولن يستطيع أحد أن يقهر إرادة اللبنانيين أو يوقع الفتنة بينهم .. لأن لبنان - كما قال سيد المقاومة الشيخ / حسن نصر الله – عصي على الهزيمة .. بوحدة أبنائه وتماسك كل طوائفه .. أما الشعوب التي تؤيد وتساند المقاومة .. فلابد لها أن تخطو خطوات جادة وإيجابية نحو إزاحة هذه الأنظمة التي أكدت عداءها دون شك أو مواربة .. وأعلن أكابر مجرميها بكل صفاقة وتبجح أنهم مع الأعداء .. وفضحهم واحد منهم على شاشة الجزيرة وهو حمد بن جاسم .. وزير خارجية قطر .. حين أعلن أن الدول العربية الكبرى أعلنت في روما أنهم ينتظرون إلى أن ينهي الكيان الصهيوني مهمته التي يؤيدونها بقوة وهي القضاء على حزب الله .. ولا نحتاج إلى هذا الإيضاح من وزير خارجية قطر .. لأننا متأكدون منذ البداية من خيانتهم .. ونعلم أكثر من ذلك .. ولكن لعل بعض حسني النية أو السذج يعيدون تقييم الأمور .. ويضعون النقاط على الحروف .. لعل بعض المسوفين أو المترددين يبصروا طريقهم الصحيح .. ويدركوا أن لا إصلاح إلا بطرد هذه الأنظمة المتآمرة المتأمركة .. ولن يسلم الوطن من العدوان إلا بخلع هؤلاء الخونة .. وتقديمهم إلى محاكم شعبية علنية .. وتحرير الأوطان كلها من عبثهم وفسادهم . .. حينئذ فقط نستطيع أن نحافظ على النصر الذي أنجزه حزب الله .. وتستطيع القوى الحية أن تتصدى لأعداء الأمة .. وتلحق بهم أقسى الهزائم ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) 227 من سورة الشعراء .