الأكاذيب التي أطلقها بابا الفاتيكان في محاضرته السخيفة أثارت غضب الشعوب العربية والإسلامية واستياءها الشديد .. وهم محقون في ذلك .. بيد أني نظرت لها من منظور آخر .. حيث تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يبشرنا فيه بفتح روما والقسطنطينية .. وسأله الصحابة رضوان الله عليهم .. عن التي تفتح أولا فقال القسطنطينية .. وهاهي قد فتحت .. ويبقى الدور على روما .. وحين سمعت البابا ينطق بهذه الافتراءات .. لم أجزع .. ولم أشعر بالصدمة كما شعر الكثيرون .. لأن هذه الافتراءات ليست جديدة .. ولن يكف عنها المبطلون إلى يوم الدين .. لكنها تزداد في زمن الصعود والمد الإسلامي .. والخوف الشديد الذي يهدد أعداء الإسلام .. .. وهذه الحملة النكراء التي يشنها المجرمون بدءا من بوش الصليبي واليهود الصهاينة ومرورا بالغرب الأوروبي وانتهاء بالبابا ما هي إلا انعكاس واضح لهذا الخوف والرعب والهلع من القوة المتصاعدة للإسلام الصحيح .. ومحاولة يائسة من هؤلاء جميعا لتشويه صورة دين الله الحق الذي أتى به الأنبياء جميعا منذ آدم عليه السلام .. وبلغه الرسل إلى أقوامهم .. حتى أرسل الله سبحانه وتعالى محمدا عليه الصلاة والسلام خاتما للرسل والأنبياء إلى البشرية كلها ورحمة للعالمين وشاهدا على الأمم السابقة وبشيرا ونذيرا للإنسانية .. والذي يحاول إساءة الأدب مع الرسول الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام أو مع نهجه القويم .. فهو بلا شك يسيء إلى كل الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه .. ويتنكر لكل الشرائع السماوية .. ويرفع راية الحاقدين .. ويعلن بصفاقة أنه يقف في صفوف الظالمين الذين يبغون في الأرض بغير الحق .. ويهدرون كل القيم والأعراف .. وينقضون عهد الله من بعد ميثاقه .. ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل .. ويفسدون في الأرض .. أولئك هم الخاسرون .. لقد رضي بابا الفاتيكان أن يضع نفسه بإرادته في هذا الموضع المهين .. واختار طوعا أن يكون أداة سهلة في يد العابثين والمارقين والسفهاء .. واستطاع بجدارة أن يقوض مكانته الدينية والروحية بين أتباعه من الكاثوليك وجميع المسيحيين في العالم .. وأن يحتل موقعا معاديا لجميع المسلمين .. وهذه الأباطيل التي ساقها واقتبسها من أحد الكتب القديمة يريد أن يجدد بها صراعا باليا .. ويبرر هجوما عدوانيا يفع على الأمة الإسلامية الآن بزعم محاربة الإرهاب .. وهي الحجة الواهية والمغالطة المفضوحة التي يتشدق بها دعاة الإجرام وعصابات سفك الدماء ونهب ثروات الشعوب .. وعلى رأسهم بوش وبلير ورامسفيلد وتشيني ورايس وغيرهم من المساعدين والمتواطئين .. لقد نسي بابا الفاتيكان أو تناسى كل الحروب الصليبية التي قام بها أناس ينتسبون إلى المسيحية .. ونسي أو تناسى حروبا طويلة بين المذاهب المسيحية راح ضحيتها مئات الملايين من البشر .. ودمرت العمران .. وأهلكت الحرث والنسل .. ونسي أو تناسى قرونا مظلمة عاني فيها الغرب ظلمة الجهل ومرارة الظلم وفداحة الطغيان .. حتى كره الناس كل ما يمت بصلة إلى الكنيسة .. واعتبروها رمزا للتخلف والقهر .. فكرهوا الدين .. وحاولوا التحرر منه بشتى الوسائل .. حتى أشرق عليهم نور الإسلام .. فتعلموا من هديه .. واستنارت عقولهم بحضارته .. وإذا كانت بلاد المسلمين اليوم تتخبط في عهود الهوان والفرقة بسبب حكامها العملاء .. فالعقل الإسلامي المتحضر مازال يحتفظ بحضوره وحيويته .. ويستنهض تراثه المجيد في استشراف المستقبل الزاهر والنصر الموعود .. لأن انتصار الإسلام هو الضمان الوحيد لسيادة العدل والكرامة .. وهو الذي يحفظ توازن البشرية .. ويقيها من الخلل والفوضى.. ويمنح العالم أمنه واستقراره وسلامة فطرته ( فطرة الله التي فطر الناس عليها .. لا تبديل لخلق الله .. ذلك الدين القيم .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) 30 من سورة الروم .