على طريقة سليمان عيد في "عسكر في المعسكر" إذا كان هناك لقب أو وصف أو جائزة يستحقها عبدالفتاح السيسي، فهي جائزة أفضل من يطلق الوعود ثم يتراجع عنها. منذ اللحظات الأولى لظهور اسمه عقب تعيينه وزيرا للدفاع في عهد الرئيس مرسي، والسيسي لا يتوانى عن إطلاق الوعود ثم التراجع عنها بل والتصرف على عكس ما سبق ووعد به. في الشهور الأولى بعد انقلاب 2013، أكد السيسي أنه لا ينتوي الترشح في الانتخابات الرئاسية، ونقلت عنه وسائل الإعلام تصريحات مفادها " لن أترشح للرئاسة ولن أسمح للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل «مصالح شخصية»"، وهو التصريح الذي نقلته اليوم السابع في 30 يوليو 2013، لكن عاد السيسي وتراجع عن تعهده بعدم الترشح، وقال في حوار مع صحيفة السياسة الكويتية أنه قرر الترشح. وعود السيسي الكاذبة لا تنضب، وإذا حاولنا رصدها فإننا نحتاج لمساحة أكبر، ويكفي فقط الإشارة إلى بعض التصريحات من عينة: "اصبروا معي 6 شهور" و" تحملوا معي سنتين" و "مصر هتبقى اد الدنيا" ثم " مصر شبه دولة" وأخيرا " اجيب منين". وبما أنه لكل حادث حديث، وبما أن حديث الساعة اليوم في مصر هو موضوع تعديل الدستور، لتمكين السيسي من الحكم حتى عام 2034، فربما يكون من الجيد أن نشير إلى أن موضوع الدستور وتعديله كان له نصيب أيضا من وعود السيسي الكاذبة. ففي نوفمبر 2017، أعلن السيسي أنه لن يترشح لولاية ثالثة، وأنه لن يقوم بتعديل الدستور سواء بتغيير مدد الرئاسة أو فترة المدة الواحدة. وكالت أبواق نظام السيسي المديح له ولحرصه على الديموقراطية. اليوم السابع مثلا كتبت: "بإجابة قاطعة للرئيس عبد الفتاح السيسى أعلن عدم ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثالثة، وهو بهذا القول حسم جميع دوائر الجدل التى كانت على الساحة السياسية خلال الفترة الماضية لأصوات كانت تنادى تعديل مدد الرئاسة بالدستور لتصبح 6 سنوات بدلاً من 4 سنين أو أن تكون لثلاث مدد رئاسية". وكان السيسي قد قال وقتها فى حوار مع شبكة "CNBC" الأمريكية، أنه مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، وتابع: "لدينا دستور جديد الآن، وأنا لست مع إجراء أى تعديل فى الدستور خلال هذه الفترة.. وسوف أحترم نص الدستور الذى يسمح للرؤساء بشغل مناصبهم لفترتين متتاليتين فقط مدة الواحدة 4 سنوات". لكن، وعلى طريقة الكوميكس الشهير المستوحى من أحد مشاهد الكوميديان سليمان عيد فيلم "عسكر في المعسكر"، "انتي موتي أني آسف".. أعلن برلمان السيسي موافقته على تعديل الدستور وتغيير مدة الرئاسة من 4 أعوام إلى 6 أعوام، ما يمكن السيسي من البقاء في الحكم حتى عام 2034. تعديل الدستور كان أمرا متوقعا منذ اللحظة الأولى لإقراره، فالسيسي لم يقم بانقلاب عسكري قتل وشرّد الآلاف، وأطاح بالتجربة الديمقراطية الوليدة، واعتقل مئات الآلاف، وكمم الإعلام وقمع الحريات، وتماهى تماما مع الرؤية الصهيونية في المنطقة، وفرط في الأرض والمياه، لم يفعل كل ذلك ليترك الحكم لشخص آخر، أو ليرسي مبادئ الديمقراطية مرة أخرى، بل هو على استعداد للذهاب إلى أبعد من كل ما فعل ليضمن البقاء في كرسي الحكم حتى نفسه الأخير.