أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الأحد 25 مايو    أسعار البيض اليوم الأحد 25 مايو    كامل الوزير يفتتح مشروعات جديدة باستثمارات محلية وأجنبية فى الصعيد    الاتحاد الإفريقي يدين عنف طرابلس ويدعو لمصالحة شاملة وانتخابات بقيادة ليبية    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    الأرصاد الجوية : ارتفاع جديد فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة    مراجعة مادة التاريخ لطلاب الثانوية العامة 2025    اليوم .. أولى جلسات سفاح المعمورة بمحكمة جنايات الإسكندرية    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    ليبيا..تسريب نفطي في أحد خطوط الإنتاج جنوب مدينة الزاوية    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    جدول مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة: ليفربول ومانشستر سيتي.. نهائي الكونفدرالية    «لواء المظليين» ينقض على خان يونس.. جيش الاحتلال يواصل تنفيذ خطة «عربات جدعون» لتهجير الفلسطينيين    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    تمهيدًا لتعميم التجربة.. مطار الغردقة الدولي يُطلق خدمة جديدة لذوي الهمم    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 25-5-2025.. كم بلغ سعر طن حديد عز؟    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    القبض على 3 شباب ألقوا صديقهم في بيارة صرف صحي ب15 مايو    الكشف الطبي على 570 مواطنًا خلال اليوم الأول للقافلة الطبية    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نجاح أول جراحة «ليزاروف» في مستشفى اليوم الواحد برأس البر    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    بينهم موسيقي بارز.. الكشف عن ضحايا تحطم الطائرة في سان دييجو    ترزاسكوفسكي يرفض التوقيع على إعلان الكونفدرالية بشأن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والأسلحة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    ياسمين رضا تترك بصمتها في مهرجان كان بإطلالات عالمية.. صور    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    بعد غياب 8 مواسم.. موعد أول مباراة لمحمود تريزيجيه مع الأهلي    الصديق الخائن، أمن الأقصر يكشف تفاصيل مقتل سائق تريلا لسرقة 6000 جنيه    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور العجوة

لا يحتاج الحكام العسكريون إلى دساتير تنظم إدارة شؤون البلاد، وتنظم العلاقات بين السلطات وبعضها، وبين الشعب والسلطة.. هؤلاء الحكام يعتبرون كلامهم وقراراتهم وسياساتهم هي الدستور، وأي شيء آخر هو مجرد نصوص أو كلمات جوفاء لاستكمال الديكور، والضحك بها على البسطاء، وأحيانا على العالم الخارجي. وقد كان الرئيس الراحل أنور السادات هو الأكثر صراحة في التعبير عن هذه القناعة في رده على الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين؛ الذي لفت انتباهه أن الدستور لا يبيح تعدد الأحزاب (وكان السادات قد اتخذ قرارا بذلك، رغم أن الدستور وقتها كان قائما على فكرة الحزب الواحد)، وقال السادات قولته الشهيرة: “دستور إيه يا بهاء.. إحنا اللي بنكتب الدساتير”، ولذلك لم يجد السادات أي مشكلة في تعديل النص الخاص بمدة الرئاسة من مدتين إلى مدد مفتوحة في أيامه الأخيرة، لكنه لم يستفد من هذا التعديل الذي أبقى مبارك في الحكم 30 عاما بعد ذلك.
كان حديث السادات المستهزئ بالدستور في العام 1977، أي بعد ستة أعوام على صدور دستور 1971، لكن السيسي لم يحتمل مرور خمس سنوات على دستور حشد له هو شخصيا كل إمكانيات الدولة، وتغنى به المغنون ورقص له الراقصون، ووصفوه بأنه أعظم دستور في الكون، فبدأ التحرش بهذا الدستور منذ اللحظات الأولى لسيطرته على كرسي الرئاسة، مطلقا جملته الشهيرة أن هذا الدستور كتب بحسن نية، وأن الدول لا تبنى بحسن النوايا (13 أيلول/ سبتمبر 2015). وكانت هذه الجملة هي صافرة البداية للتخلص من هذا الدستور الذي لم يجف مداده، ولم يتم تطبيقه، ولم يتم سن العديد من القوانين المكملة له.
هم يستخددمون الأدوات التشريعية والقضائية مثل البرلمان والمحكمة الدستورية (كما تستخدم الشوك والسكاكين) لقضم النصوص غير المرغوبة في الدساتير
الدساتير عند السيسي وغيره من الطغاة هي بمثابة قطع عجوة؛ يلتهمها كليا أو جزئيا إذا شعر بالجوع، كما كان يفعل أهل الجاهلية مع أصنامهم العجوة، وهم يستخدمون الأدوات التشريعية والقضائية مثل البرلمان والمحكمة الدستورية (كما تستخدم الشوك والسكاكين) لقضم النصوص غير المرغوبة في الدساتير.
لم يضبط السيسي متلبسا باحترام الدستور في أي لحظة، فقد وصل إلى مكانه عقب انقلابه العسكري، وحنثه بيمينه على الدستور الأفضل في تاريخ مصر، والذي أنتجته ثورة 25 يناير، ومنح المصريين من الحريات ما لم يروه من قبل.. كما أن السيسي انقلب مجددا على خارطة الانقلاب التي أعلنها يوم 3 تموز/ يوليو 2013، والتي كانت تمثل دستورا مؤقتا له، إذ كانت تلك الخارطة تتضمن إجراء انتخابات برلمانية تعقبها انتخابات رئاسية، ولكن السيسي غيّر هذا الترتيب لاحقا ليبدأ بالانتخابات الرئاسية لشهوته للحكم، كما أن تلك الخارطة تضمنت تحقيق مصالحة وطنية وصياغة ميثاق شرف إعلامي وهو ما لم يتم، وها هو السيسي يتحرك صوب انقلابه الثالث؛ ليطيح مجددا بدستور آخر أقسم على احترامه.
الرغبة في تغيير النص الخاص بتحديد مدة الرئاسة هو المحرك الأبرز للسيسي ليواصل اغتصابه للسلطة مستترا بورقة الدستور، لكن التعديلات حين يفتح بابها لن تقتصر على هذا النص، بل ستتجاوزه إلى عشرات النصوص الأخرى التي تمثل ما تبقى من رائحة ثورة يناير، والأرجح أنه قد يوعز لرجاله بالمطالبة بنسف الدستور كله وإعداد دستور جديد؛ لأن البعض شرع في وجهه نص المادة 226 من الدستور التي تمنع إجراء تعديلات في المواد الخاصة بالانتخابات الرئاسية أو المواد المتعلقة بالحريات العامة، إلا بما يضيف تحسينات جديدة، ويطالب هذا البعض بضرورة الاستفتاء على إلغاء هذه المادة أولا، ثم الدعوة لاستفتاء آخر لتعديل باقي النصوص المطلوب تغييرها، وهو ما قد يهرب منه السيسي بالدعوة لكتابة دستور جديد تمحى منه روائح يناير تماما، وتعود بموجبه مصر إلى نسخة أردأ من الدساتير العسكرية السابقة.
الرغبة في تغيير النص الخاص بتحديد مدة الرئاسة هو المحرك الأبرز للسيسي ليواصل اغتصابه للسلطة مستترا بورقة الدستور، لكن التعديلات حين يفتح بابها لن تقتصر على هذا النص
دعوة السيسي لتعديل الدستور والتي انطلقت منذ أيلول/ سبتمبر 2015، والتي تعثرت حينا وتصاعدت حينا، شجعت أنظمة عسكرية عربية أخرى، مثل موريتانيا والسودان، على السير في الطريق ذاته، حيث تصاعدت الدعوات لتعديل الدستور في كلتا الدولتين لفتح المدد أمام رئيس الدولة، لكن الرئيس الموريتاني الجنرال محمد ولد عبد العزيز، الذي وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري في 2008 ثم انتخب رئيسا في 2009 (تماما مثل السيسي)، أعلن قبل ثلاثة أيام رفضه لتعديل الدستور، بما يسمح له بولاية جديدة، كما أن الرئيس السوداني عمر البشير الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في حزيران/ يونيو 1989 وظل في السلطة عبر الأعوام الثلاثين الماضية؛ يجد صعوبة حاليا في مسعاه لتمديد فترة حكمة عبر تغييرات دستورية جديدة بسبب تصاعد المظاهرات ضده. وهذا التراجع الموريتاني والتعثر السوداني سينعكس حتما على حملة السيسي الذي سبق له التعهد في حوار تلفزيوني من قبل باحترام الدستور وعدم السعي لتغييره. وقال في حوار له مع مع شبكة “CNBC” الأمريكية يوم 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 أنه مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، مضيفا: “أنا لست مع إجراء أى تعديل فى الدستور خلال هذه الفترة.. وسوف أحترم نص الدستور الذي يسمح للرؤساء بشغل مناصبهم لفترتين متتاليتين فقط، مدة الواحدة أربع سنوات”.
تعهدات السيسي ليست أول تعهدات من نوعها، فقد قطع عهودا أخرى و”لحسها”، ولن يكون مستغربا منه أن “يلحس” وعده بعدم المساس بالدستور، ولكن هذا سيمثل زيتا جديدة لنيران الغضب ضده، وسيمثل فرصة جديدة لمعارضيه ومناهضيه للتوحد في مواجهته وإنقاذ مصر من براثنه.
المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.