دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز معارضيه إلى حوار سياسي سينطلق خلال الأسابيع المقبلة بمن يحضر. وأعلن ولد عبد العزيز أمام عدد من أنصاره عزمه على إلغاء الغرفة العليا للبرلمان "مجلس الشيوخ"، وإنشاء مجالس تنموية تمثل فيها ولايات البلاد الثلاث عشرة؛ نافيا الأنباء التي تحدثت عن نيته تحويل نمط الحكم في البلاد من نظام رئاسي إلى برلماني. وعلى الرغم من أن الموريتانيين كانوا ينتظرون الخطاب بفارغ الصبر لمعرفة مصير تغيير الدستور بغرض بقاء ولد عبد العزيز في السلطة بعد انتهاء فترته الثانية، فإن الخطاب زاد من الغموض حول هذه النقطة؛ إذ بينما اكتفى الرئيس بالقول إنه لن يكون عائقا أمام المسلسل الديمقراطي في البلاد، فقد دافع بقوة عن اثنين من أعضاء حكومته، كانا قد تحدثا عن ضرورة تعديل المادة الدستورية التي تحدد مدة الرئاسة بفترتين؛ وهو الحديث الذي أربك الرأي العام الموريتاني. لكن اللافت هو تعهد الرئيس ولد عبد العزيز لأنصاره بالحيلولة دون وصول المعارضة إلى السلطة؛ وهو ما فسرته جهات في المعارضة بأن الرجل يريد إعادة إنتاج حكمه بعد انتهاء الولايتين الرئاسيتين. وتعتقد المعارضة أن ولد عبد العزيز يبحث عن ثُغَر قانونية للبقاء في السلطة؛ وهو ما جعله يدعوها إلى الحوار من أجل تمرير بعض التعديلات الدستورية، التي تخدم أجنداته الخاصة. وتتحدث بعض التحليلات عن مخرج قانوني لتوريث الحكم، قد يعطيه حل مجلس الشيوخ، الذي ينص القانون الموريتاني على أن رئيسه يخلُف رئيس الجمهورية في حالات الغياب أو العجز. ومع أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز انتقد المعارضة بشكل لاذع ووصفها بأنها تعادي البلاد، فإنه عاد ومد يده للحوار معها في غضون أسابيع من أجل مناقشة مستقبل البلاد، لكن من دون شروط مسبقة. وتعد مسألة الشروط الحاجز الذي يقف عائقا أمام جلوس الطرفين إلى طاولة الحوار منذ عدة سنوات؛ حيث لم تعد المعارضة تثق في نظام الرئيس ولد عبد العزيز منذ الاتفاق، الذي وقعه الطرفان برعاية دولية في العاصمة السنغالية داكار عام 2009، والذي أنهى الأزمة التي أعقبت انقلاب عام 2008. وفي أول رد منها على دعوة الحوار الجديدة، أعلنت المعارضة أنها لا تستطيع الدخول في حوار حدد الرئيس فترته الزمنية، وأعلن نتائجه. وقد سبق للمعارضة أن بعثت إلى الرئيس بوثيقة تتضمن بعض ممهدات الحوار، ومن بينها دمجُ كتيبة الأمن الرئاسي في المؤسسة العسكرية، والتصريح بممتلكات الرئيس، وفتح وسائل الإعلام العمومية أمام جميع الفرقاء السياسيين، وإعادة هيكلة اللجنة المستقلة للانتخابات، ومراجعة بعض الهيئات الدستورية العليا. ويقول المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يُعد أكبر تجمع للأحزاب المعارضة، إن النظام يماطل منذ سنة في الرد بشكل مكتوب على الوثيقة، ويسعى لتشتيت المنتدى عبر مخاطبة كل حزب على انفراد. لكن النظام يرى أن المعارضة تريد نتائج الحوار قبل تنظيمه؛ وهو ما رآه ولد عبد العزيز أمرا مستحيلا، مبديا استعداده لتقديم تنازلات في بعض النقاط الثماني والعشرين التي قدمتها المعارضة.