أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أمس، في مهرجان جماهيري بمدينة النعمة عاصمة الشرق الموريتاني، أنه سيطلق حوارًا سياسيًّا مع من يحضر من أحزاب المعارضة، وذلك خلال الأسابيع المقبلة، كما أنه سيقترح تعديلًا دستوريًّا بإلغاء مجلس الشيوخ (إحدى غرفتي البرلمان) وإبداله بمجالس إقليمية للولايات الداخلية. ويسعى بذلك ولد عبد العزير لقطع الطريق على المعارضة التي اتهمها بالتذرع بحجج واهية لعرقلة الحوار. الفترة الرئاسية على الرغم من أن ولد عبد العزيز أوضح في خطابه أن إلغاء مجلس الشيوخ هو المقترح الوحيد الذي سيقدمه بشأن تعديل الدستور، إلا أن الشكوك حامت حول هذا الكلام، خاصة بعد الغموض الذي لف تصريحاته عندما قال مدافعًا عن أقوال نسبت لوزيري العدل والمالية بالإضافة للناطق الرسمي باسم الحكومة في وقت سابق، ألمحوا فيها إلى زيادة عدد مدده الرئاسية عكسًا لما ينص عليه الدستور، "إن تصريحات الوزراء حول الدستور تصريحات عادية، والمعارضة هي التي استفزت الوزراء". وبذلك يكون الرئيس الموريتاني قد أبقى على الإبهام المتعلق بتعديل الدستور لفتحه أمام مدد رئاسية إضافية، فولد عبد العزيز لم ينفِ أو يثبت عزمه تغيير الدستور لخوض مأموريات رئاسية أخرى، لكنه أكد «أنه لن يكون عقبة في وجه الديمقراطية». وتأتي تصريحات ولد عبد العزيز وسط جدل واسع في الأوساط السياسية حول تعديلات تسمح بالانتقال من النظام الرئاسي إلى البرلماني، وتغيير عدد الولايات الرئاسية، الأمر الذي يمنعه الدستور، حيث تنص المادة 26 من الدستور الحالي على حصر مدد الرئاسة في اثنتين كل منهما خمس سنوات، وتمنع المادة 29 رئيس الجمهورية من المساس بالولايات. الرئيس الموريتاني ونفاد فرصته الرئاسية أعيد انتخاب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لولاية ثانية قبل حوالي سنتين، بعد حصوله على أكثر من 80 %، في ظل مقاطعة أحزاب رئيسية بالمعارضة للانتخابات؛ احتجاجًا على رفض السلطات الاستجابة لبعض الشروط المتعلقة بالإشراف السياسي عليها. ويواجه الرئيس الموريتاني حاليًّا أزمة حقيقية، فمن جهة فإن ولايته الحالية ستنتهي بعد ثلاث سنوات، وهي مدة لا تكفي لتحضير مغادرة آمنة للسلطة منتصف 2019؛ مما يجعل تعديل الدستور لزيادة مدد الولاية أمرًا لا مناص منه، ومن جهة أخرى فتعديل الدستور في الوقت الراهن قد يزلزل البلد، ويجرف ما تبقى من مدة رئاسية للنظام الحالي كما حدث في دول أخرى. ويرى مراقبون أن هناك عقبات يمكن أن تقف في وجه التعديل الدستوري، من بينها شدة جمود هذه المواد، وصراحة القسم الرئاسي، فضلًا عن الموقف الدولي الصريح من الموضوع، وخصوصًا الموقفين الفرنسي والأمريكي، الأمر الذي أشار إليه الرئيس الموريتاني في خطابه الأخير، حيث اتهم ولد عبد العزيز المعارضة بأنها تأتمر بأوامر فرنسا، وتذهب إليها، وتأتي لتقول إن فرنسا ترفض تغيير الدستور، متخيلة أن ما تقوله فرنسا وحي منزل. موقف المعارضة الموريتانية خصص الرئيس الموريتاني جانبًا كبيرًا من خطابه لانتقاد المعارضة، وبخاصة الرافضون للحوار بحجج وصفها بأنها واهية وغير مقنعة. وأكد ولد عبد العزيز أن "معارضيه منشغلون بالترويج للأكاذيب وبتشويه صورة البلد والمساس من مكانته، بينما حكومته منشغلة بحماية الديمقراطية وتوطيد الحريات الإعلامية والسياسية وتنفيذ المشاريع التنموية الرائدة". كلام ولد عبد العزيز دفع أطرافًا من المعارضة الموريتانية للتشكيك في دعوته للحوار، وقالت إنها غير جادة، وأكدت أنها ما زالت متمسكة بموقفها الرافض لأي حوار لا تتوفر الضمانات لنجاحه ويسمح بإخراج البلاد من أزمتها الخانقة، وأبدت المعارضة رفضها لأي حديث يتعلق بتعديل دستوري في هذه المرحلة؛ لأن ذلك قد يفتح الباب لتغييرات تقف في وجه ترسيخ الديمقراطية والتناوب السلمي على السلطة. وأكد قائد حملة «#لن_تعدلوها» محمد الأمين ولد الفاظل القيادي في منتدى المعارضة أن "هدف الحملة هو رفض الشباب وبشكل مطلق؛ لتمديد مدد الولاية وتغيير طبيعة النظام السياسي في البلاد". كما تطالب المعارضة بتحييد المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية وإعادة النظر في مهام وعمل الوكالة المسؤولة عن الوثائق المدنية، والمجلس الدستوري الذي يعد الحكم في قضايا الانتخابات. يذكر أن أولى جلسات الحوار التمهيدي بين الحكومة الموريتانية وأطراف ب"المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" (الذي يضم أبرز مكونات المعارضة السياسية والمدنية والنقابية) قد توقفت قبل ما يزيد على أربعة أشهر؛ بسبب عدم تقديم الحكومة لرد مكتوب على شروط المعارضة، حيث طالبت المعارضة وقتها الحكومة بالعديد من الأمور، منها "حل كتيبة الحرس الرئاسي بحكم علاقتها الوثيقة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز وتحريم ممارسة اللعبة السياسية على أفراد القوات المسلحة".