لن نترك سلاحنا إما منتصرين على طواغيت العسكر أو شهداء، هكذا أعلنت حركة تسمى "حسم"، والتى تبنت محاولة اغتيال مفتى البيادة على جمعة أمس بمدينة السادس من أكتوبر، ولعل الكثير منا يتسائل من هى حركة حسم أو سواعد مصر، وما هى أهدافها وحجم قوتها ومدى انتشارها على أرض الواقع. كان الظهور الأول لحركة حسم، حينما استهدفت رائد شرطة فى مركز طامية بمحافظة الفيوم، يوليو الماضى، وهو ما يشير إلى أن ظهورها اقليميًا بات أمر غير ضرورى وعملية "جمعة" خير دليل على ذلك، بجانب أنها تنتهج أسلوب العمليات البدائية كتنظيم الدولة وبعض الحركات المسلحة التى ظهرت مؤخرًا فى البلاد. البيان الأول للحركة استهدف بدافع الثأر الرائد محمود عبد الحميد رئيس مباحث مركز شرطة طامية وإصابة اثنين من مرافقيه, وقالت وقتها إن تصفيتهم جاءت جزاءً لما فعلوا من جرائم وانتهاكات وكونهم يعملون ضمن المنظومة الحالية لنظام الرئيس السيسى والذى يبدو أن الحركة فى مواجهة صريحة مع مؤيديه. ووضعت حركة "حسم" على موقعها الإلكترونى شعار"نحن قدر الله النافذ إليكم" و"بسواعدنا نحمى ثورتنا"، فيما وصفت الحركة بياناتها التى تعلن فيها عن مسئوليتهم عن الحادث بالبيانات العسكرية وأنهم يعاهدون الله والشعب المصرى على عدم ترك السلاح إلا وقد تحرر الشعب من ظلم بالآلهة العسكرية الغاشمة ومليشياتها حتى آخر فرد من أفراد الحركة وأنهم لن يغادروا أرض المعركة إلا وهم شهداء أو منتصرون. واستخدمت الحركة معدات بدائية فى قتل خصومها، وهو ما يظهر أنها ليست تنظيمًا كبيرًا بحجم حركات ظهرت منذ فترة مثل أنصار بيت المقدس "ولاية سيناء" حاليًا أو أى تنظيم آخر الذى يؤكد تواجده فى القاهرة باستمرار فى عمليات سابقه أعلن مسئوليته عنها. ووصفت الحركة المفتى السابق بشيخ النفاق ومفتى الإعدامات، وأن هذه العملية ضد الاحتلال العسكرى ومليشياته التابعة لعبد الفتاح السيسي، وقالت إن ظهور عموم المدنيين فى المشهد وهرولته نحو المسجد كالفأر المذعور منعنا من الإجهاز عليه خشية الدم الحرام وإصابة الأبرياء غير أن القادم لن يفلت منه، مما يعنى أن الحركة تتبنى تكتيكًا يمكنها من الوجود فى المناطق الخالية من السكان والتي لا تشهد تواجدا أمنيا مكثفا. ووفق البيان الثاني للحركة، وتفاصيل محاولة اغتيال "جمعة"، فإن "حسم" لا تمتلك تكتيكات عالية المستوى، أو تسليحا كبيرا، حيث لم تنتهج أسلوب السيارات المفخخة او العبوات الناسفة لتنفيذ الجريمة، واعتمدت فقط على تبادل إطلاق النار مع طاقم حراسة "جمعة". لكن، ووفق بيانها، فإن الحركة تخطط منذ فترة لاغتيال الدكتور على جمعة، والطاقم الأمنى المعاون له حيث أشارت إلى أنه تم رصد الهدف، وأعدت كمينا له، لكن الفشل كان مصيرها، ربما لافتقادها للكفاءة والخبرة القتالية، والتمرس في مثل هذه النوعيات. توعد الحركة بمواصلة استهداف المفتى الأسبق يجعل من إمكانية تكرار مثل هذه العمليات أمرا واردا، خاصة في ظل وجود ثغرات أمنية في منظومة التأمين، لاسيما وأن "جمعة" لم يعد في منصبه. وتشير بعض التقارير الصحفية الموالية للعسكر كالعادة، إلى تبعية هذه الحركة للجماعات الإسلامية، فى الوقت الذى تدور فيه تساؤلات تنفي ذلك، بالنظر إلى اختيار توقيت وموقع الحادث عند مسجد الرضا وقبل صلاة الجمعة مما يراه البعض أن انتماءهم لحركة إسلامية غير وارد. من اللافت للنظر، أن الحركة بدت متطورة فى استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت حيث دشنت موقعًا خاصًا لها على الإنترنت وصفحة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر وتليجرام، وعمدت إلى نشر صور من عملياتها كما ظهر فى محاولة اغتيال الدكتور على جمعة، وأيضًا حرصت على ذكر بيان سمته ب"العسكرى"، وضحت فيه توقيت العملية وهدفها ونوعها ومكانها وتاريخها وتقرير مفصل عما حدث من نتائج وذلك عقب العملية بساعات قليلة، مما يشير إلى وجود سلاح إلكترونى قد يكون له دور فعال فى العمليات المقبلة التى توعدت الحركة بتكرارها. توقيت العملية يثير الريبة والشك، خاصة أن محاولة الاغتيال تأتي قبيل ساعات من احتفال النظام بافتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة، وقبيل أيام من حلول الذكرى الثالثة لمجزرتي رابعة والنهضة، ما يجعل البعض يؤكد أن الحادث مفتعل لرفع حالة التأهب الأمني في الشارع، واستجداء عطف المصريين للتضامن مع السلطة التي فقدت الكثير من شعبيتها، بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية، والارتفاع الجنوني للأسعار، وانهيار الجنيه أمام الدولار.