قال حقوقيون عراقيون إن جميع مواطنيهم الذين احتجزوا من قبل قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية بعد غزو العراق عام 2003، هم أسرى حرب وليسوا سجناء، وأكدوا أن للعراقيين الحق في مقاومة قوات الاحتلال التي غزت بلادهم. جاءت هذه التصريحات على خلفية تبرئة محكمة عراقية في مدينة الموصل لعراقي كانت القوات الأمريكية قد اتهمته بشن هجوم ضد إحدى دورياتها.
وأصدرت محكمة جنايات الموصل قراراً قضائياً برأت بموجبه أحد العراقيين وتم إطلاق سراحه. وجاء في حيثيات قرار المحكمة أنه استند إلى قانون تصديق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وتعديله رقم 35 لسنة 2008، الذي نص في مادته الثانية على إباحة الكفاح بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي.
وتشير تقارير صحفية إلى أن القضية رفعت أمام المحكمة من قبل جندي أميركي يدعى براين كيت أصيب في هجوم نفذه عراقي على دوريته في الموصل في يونيو 2009، وأصيب العراقي بدوره برصاص أفراد الدورية وألقي القبض عليه.
ويرجح المراقبون أن يكون تحريض القوات الأمريكية لكيت على تقديم دعوى أمام محكمة عراقية بدلا من أسلوبها المعهود باعتقال المقاوم العراقي ومحاكمته، أتى في إطار إظهار التزامها بالاتفاقية الأمنية التي دخلت فعلا حيز التنفيذ.
ويقول الخبير القانوني الدكتور محمد الشيخلي إن المحكمة قد لا تستطيع الإعلان صراحةً في عنوان البراءة عن حق المقاومة, إلا أنها أكدت ذلك بتضمين قرار الحكم النص القانوني في الاتفاقية العربية المشار إليها.
سابقة عراقية ويؤكد الشيخلي، وهو مدير المركز الوطني للعدالة في لندن، أن هذه القضية بدون شك سابقة قضائية تحسب لصالح القضاء العراقي، حيث استند القاضي في قراره إلى القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة المتعلق بشرعية المقاومة للشعوب المحتلة لأراضيها.
ومضى الخبير القانوني يقول إن هذه السابقة القضائية سابقة خير، خاصة أن القضاء العراقي من المفروض أن يكون سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية التي تحاول دائماً إلصاق التهم، لاسيما بعد إصدارها قانون ما يسمى السلامة الوطنية -أو الإرهاب- وخاصة المادة الرابعة منه التي تسمى "الإرهاب".
ويقول الشيخلي إن 95% من المعتقلين العراقيين في السجون العلنية والسرية الحكومية أو الأميركية هم تحت بند المادة الرابعة "إرهاب"، ويرى أن القضاء الحقيقي في الموصل قال كلمة تاريخية في هذا المجال، معربا عن أمله بأن تحذو بقية محاكم العراق حذو محكمة الموصل في اتخاذ قراراتها تجاه المعتقلين العراقيين عند عرض قضاياهم المشابهة.
تحت الاحتلال من جانبه يقول خليل الدليمي محامي الدفاع عن الرئيس الراحل صدام حسين تعليقا على القضية إن العراق واقع تحت الاحتلال الأميركي بوجود الاتفاقية الأمنية أو عدم وجودها، والسلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية تعمل في ظل الاحتلال، وكل ما يصدر عنها فهو باطل وفق القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة.
ويشدد الدليمي على أن كل من يقع في قبضة الاحتلال يعتبر أسير حرب ولا يمكن محاكمته أو تسليمه إلى الحكومة التي نصبها الاحتلال، ويقول إن أي قاض ومحكمة عراقية تتصرف وفق القانون الدولي تضع نفسها في مكان محترم، مناشدا جميع العاملين في ميدان القضاء الإقرار بحق العراقيين في مقاومة الاحتلال.