إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي في عيد العمال    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    وزير المالية: الخزانة تدعم مرتبات العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بنحو 3 مليارات جنيه    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    بحضور السيسي.. إطلاق 8 وحدات تدريب مهني متنقلة بقرى حياة كريمة| فيديووصور    الرئيس السيسى يشهد عبر الفيديو كونفرانس بعض مشروعات مبادرة "ابدأ"    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    وزير الإسكان: جار تنفيذ 64 برجاً سكنياً بها 3068 وحدةو310 فيلات بالتجمع العمراني "صوارى" بالإسكندرية    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    إصدار 40 مواصفة قياسية مصرية في مجال نوعية وإعادة استخدام وإدارة المياه    الإمام الأكبر ينعي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    رحلة التنازلات الإسرائيلية في المفاوضات.. هل سيتم التوصل لاتفاق هذه المرة؟    أوكرانيا: الضربات الروسية دمرت 50% من قطاع إنتاج الطاقة في أوكرانيا    غرق عشرات الإسرائيليين في البحر الميت وطائرات إنقاذ تبحث عن مفقودين    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريق محور أيالون بتل أبيب    محاضرة فنية أخيرة من جوميز للاعبي الزمالك استعداداً للقاء البنك الأهلي    الفشل الثالث.. رانجنيك يرفض عرض بايرن ويستمر مع النمسا    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    هل سيجدد تعاقده؟.. محمد صلاح يتصدر الإعلان عن قميص ليفربول للموسم المقبل    ماذا يحتاج ريال مدريد للتتويج بالدوري الإسباني؟    بسبب معاكسة فتاة.. نشوب مشاجرة بين طلاب داخل جامعة خاصة في أكتوبر    احذروا الطقس خلال الأيام القادمة.. ماذا سيحدث في الأسبوع الأخير من برمودة؟    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 25 طن دقيق    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل مخزن ملابس في العجوزة    "فى ظروف غامضة".. أب يذبح نجلته بعزبة التحرير بمركز ديروط بأسيوط    حركات استعراضية بالموتسيكلات.. ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر في القاهرة    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    بلاش الدلع الزيادة.. نصائح مهمة لتربية الطفل بطريقة صحيحة    عزة أبواليزيد: مهرجان بردية يسعى لاستقطاب الشباب لميادين الإبداع |صور    الإفتاء: الاحتفال بشم النسيم غير مخالف للشرع وتلوين البيض مباح شرعا    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    أحمد كمال ل«صدى البلد» عن مصطفى درويش: معطاء وكان وهيفضل حاضر معانا    الأحد.. «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع    تحرك برلماني بشأن الآثار الجانبية للقاح أسترازينيكا    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    نشاط الرئيس السيسي وأخبار الشأن المحلي يتصدران اهتمامات صحف القاهرة    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يخرج العراق من الهيمنة الأمريكية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 03 - 2010

فى كتابه الجديد «الهيمنة من البحر إلى البحر» يتحدث المؤرخ البريطانى بروس كامينج فى أحد فصول الكتاب عن الغزو الأمريكى للفلبين فى عام 1898، ويقول إن تحرير الفلبين من إسبانيا تحول إلى احتلال أمريكى، وأن القائد العام للقوات الأمريكية قال يوم ذاك: «قد يكون ضروريا قتل نصف الشعب الفلبينى من أجل تمكين النصف الباقى من تحقيق التقدم فى الحياة». أدّت عملية «التحرير الاحتلالى» إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين الفلبينيين حتى تمكنت القوات الأمريكية من بسط سيطرتها على بلادهم.
ويبدو أن هذه النظرية فى «التقدم» لاتزال قائمة ومستمرة حتى اليوم. وكان من ضحاياها فى القرن الماضى، كوريا ثم فيتنام.. ومن ضحاياها اليوم أفغانستان والعراق.
يذكر كامينج فى كتابه أيضا أن تسعة أعشار الجنرالات الأمريكيين الذين اشتركوا فى عملية غزو الفلبين واحتلالها سبق لهم أن اشتركوا فى قيادة العمليات القتالية ضد الهنود الحمر فى أمريكا.
ويبدو أن الجنرالات الذين خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية هم الذين قادوا الحرب فى كوريا.. وان الذين بدأوا تجاربهم فى كوريا، طوروها فى فيتنام.. ومن هناك تخرّج الجنرالات الذين يقودون اليوم الحرب فى أفغانستان والعراق!
يوجد اليوم نحو 800 قاعدة أو مركز عسكرى للولايات المتحدة فى العالم، بعضها فى دول عربية وإسلامية فى آسيا وأفريقيا. ويطلق كامينج فى كتابه على هذه القواعد اسم «أرخبيل الإمبراطورية الأمريكية».
***
بعد أن انكشف زيف الادعاءات بأن العراق كان حليفا لتنظيم القاعدة، وانه كان يملك أسلحة دمار شامل تشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة وعلى أمن حلفائها، برّر الأمريكيون غزو العراق «بتخليص العراقيين من ديكتاتورية الرئيس السابق صدام حسين ومساعدتهم على التقدم والرقى». وتحت هذا الشعار المختلف سقط حتى الآن أكثر من مليون عراقى. إلا أن العراق اليوم، من حيث الرقى والتقدم هو فى حال أسوأ كثيرا مما كان عليه فى السابق. صحيح انه تخلص من ظلم الديكتاتورية، إلا انه أُسقط فى فخ الانقسامات المذهبية والعنصرية التى تفتك بوحدته وتعطّل مسيرة المعافاة الوطنية بعد طول معاناة.
فهل ينتظر الأمريكيون كما قال احد جنرالاتهم عن الفلبين القضاء على نصف الشعب العراقى لمساعدة النصف الباقى على التقدم والرقى؟
فى الفلبين لاتزال القواعد العسكرية الأمريكية مستمرة منذ عام 1898 حتى اليوم، إلا أن البلاد هى أبعد ما تكون عن الرقى والتقدم.
وفى العراق يبدو أن الاحتلال الأمريكى سوف يتقوقع داخل قواعد عسكرية يجرى بناؤها فى شمال ووسط وجنوب البلاد.. فهل إن هدف هذه القواعد هو مساعدة العراقيين على الرقى والتقدم.. على الطريقة التى اعتمدت فى الفلبين؟
يذكر جوناثان ستيل المعلّق السياسى فى صفحة الجارديان البريطانية فى كتاب له عن العراق عنوانه « الهزيمة: لماذا خسروا العراق».. «أن رفض الرئيس جورج التفكير فى انسحاب مبكر ووضع جدول زمنى من أجل رحيل كامل، كان متماشيا كليا مع الأفكار الامبريالية للمحافظين الجدد». ويقول إن ذلك «كان السرطان الذى اضعف الاحتلال منذ اليوم الأول؛ فهو الذى أثار الشكوك العراقية وألهب الغضب القومى، وذكّر العراقيين بتاريخ طويل من العيش تحت حكم أجنبى وتحدّى شعورهم بكرامتهم، وجعل الكثيرين من العراقيين يشعرون بعدم الارتياح تجاه القيام بوظائف رفيعة المستوى مع التحالف، وحوّل العراق إلى بؤرة جاذبة لجهاديين من مختلف أنحاء العالم الإسلامى، فضلا عن جذب إرهابيى القاعدة».
وفى الواقع فإن الولايات المتحدة ليست جمعية خيرية، وقواتها ليسوا ملائكة الرحمة.. وهى لم تحتلّ العراق ولم تضحِ بأرواح أكثر من أربعة آلاف من شبابها كرمى لعيون العراقيين. لقد جاءت إلى العراق، كما جاءت إلى الفلبين من قبل، من أجل أن تبقى ولو بصيغة مختلفة.
حاول الأمريكيون استغلال معاناة العراقيين من ظلم ديكتاتورية النظام السابق، كما حاولوا استغلال معاناة الفلبينيين من ظلم الاحتلال الإسبانى. فاستبدلوا فى العراق ديكتاتورية محلية باحتلال أجنبى. كما استبدلوا فى الفلبين الاحتلال الإسبانى المتداعى بالاحتلال الأمريكى المتنامى. وفى الحالتين كانت شعارات الديمقراطية والحرية والحقوق الإنسانية تنتهك فى المعتقلات والسجون من أبوغريب إلى جوانتانامو.
أدرك الرأى العام الأمريكى خطورة ما ارتكب باسمه، فتخلى عن الرئيس جورج بوش الذى سقط حزبه الجمهورى سقوطا مدويا فى الانتخابات الرئاسية وفى انتخابات الكونجرس الأخيرة. وأدرك الرأى العام البريطانى خطورة توريطه فى المغامرة الأمريكية الفاشلة فحمل رئيس حكومته تونى بلير على الاستقالة، ثم جرى استجوابه أمام هيئة قضائية عليا.. وليس من المستغرب أن يتحول الاستجواب إلى أساس للمحاكمة.
غير أن مما يبعث على الأسى أن المحاكمة إذا جرت فى أى وقت، فلن تجرى على أساس الفظائع التى تعرض لها العراقيون على يد قوات الاحتلال.. ولكنها ستجرى على أساس سقوط آلاف من القتلى الأمريكيين والبريطانيين، وضياع المليارات من الدولارات التى أنفقت على تمويل عملية الاجتياح.
***
لقد انسحبت القوات البريطانية من العراق (البصرة) مما جعل المساءلة والمحاسبة أمرا ممكنا. أما القوات الأمريكية فلا يعقل أن تتعرّض للمساءلة والمحاسبة طالما أنها باقية فى العراق ومستمرة باحتلاله، ولو حتى من خلال القواعد العسكرية.
هناك سوابق أمريكية لمحاكمة عسكريين أمريكيين على جرائم ارتكبوها أثناء الخدمة (مثل ما حدث بعد مجزرة ماى لاى فى فيتنام، وفضيحة أبوغريب فى العراق مثلا) ولكن لا توجد سابقة لمحاكمة رئيس أمريكى أو إدارة أمريكية على جرائم ارتكبت فى دولة أخرى (إسقاط القنابل النووية على اليابان مثلا) أو احتلال جزر المحيط الباسيفيكى وتحويله إلى بحيرة أمريكية، كما يقول المؤرخ كامينج فى كتابه.
لقد حوكم الرئيس الأسبق بيل كلينتون بسبب الفضيحة الجنسية مع الموظفة فى البيت الأبيض مونيكا لوينسكى.. أما غزو العراق واحتلاله فليس فضيحة.. بل إنه جزء من ثوابت الإستراتيجية الأمريكية المستمرة منذ انتزاع ولايتى كاليفورنيا وتكساس من المكسيك فى عهد الرئيس جيمس بولك !!.
تتغير الأسماء وتتبدل المسارح، ولكن السيناريو يبقى واحدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.