الوضع في مصر "كارثي" فبعد عامين بالتمام من انقلاب العسكر على محمد مرسي، بات الأمور أسوأ مما كانت عليه في عهد المخلوع حسني مبارك وأصبح مصر “سجن كبير تحكمه دولة بوليسية". كان هذا ملخض ما استنتجه نيكولا كرامييه، رئيس برنامج حرية التعبير وحقوق الإنسان بمنظمة العفو الدولية بفرنسا، حول مصر. وقال الكاتب في مقال بصحيفة "هفنجتون بوست: بعد عدة أسابيع من الاحتجاجات الجماهيرية لنحو 17 مليون مصري في الشوارع، وانقلاب 3 يوليو 2013، انطلقت حملة قمع عنيفة لسحق أي احتجاجات تجاه السلطة. وأضاف "بررت السلطات المصرية حملة القمع التي شنتها بضرورة استعادة الأمن والاستقرار في البلاد. الاغتيال الشنيع للنائب العام هشام بركات والذي ارتكبت يوم 29 يونيو يدل على أن تهديدات الفوضى أصبحت حقيقة، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان، يحذرون من استخدام الهجوم زريعة لتعزيز اعتقال المعارضين السياسيين. وأوضح أن ال 730 يوما منذ استيلاء السيسي إلى السلطة، اعتقل 41 ألف شخص، يحاكمون أو مسجون لاسباب سياسية، أي 65 شخصا في اليوم الواحد، مشيرا إلى أن "التعذيب وسوء المعاملة وظروف الاعتقال غير الانسانية هي القاعدة بالنسبة لغالبية السجناء". أسفرت موجة جديدة من الاعتقالات في عام 2015 على الاختفاء القسري ل 160 شخصا لا يعلم أقاربهم أي أخبار عنهم. الحملة استهدف في البداية القيادات والذين يشتبه في تعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت منظمة محظورة – يقول كرامييه- لكن سرعان ما طالت المنشقين عن النظام والشباب خاصة الذين قادوا الاحتجاجات ضد حسني مبارك، ونشطاء حقوق الإنسان والمتظاهرين، حكم على عشرات منهم بالسجن مددا طويلة. في نوفمبر عام 2013 تم التصديق على قانون 107 بشأن التظاهر، نددت منظمة "العفو الدولية" به منذ دخوله حيز التنفيذ، حيث يعطي كل السلطة الحق في حظر التجمعات ومعاقبة المخالفين بالسجن والغرامات الكبيرة. تستشهد منظمة "العفو الدولية" بأن ضحايا هذا القانون، أحمد ماهر (34 عاما) ومحمد عادل(35 عاما) شخصيتان برزتا منذ المظاهرات التي شهدها ميدان التحرير عام 2011، حكم عليهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات في ديسمبر 2013. أما الناشط الشهير أحمد دومة (25 عاما) فحكم عليه ب 31 عاما في السجن في قضيتين منفصلتين، بعد محاكمات صورية. بحسب الكاتب علاء عبد الفتاح (33 عاما) ناشط ثوري آخر حكم عليه أيضا بالسجن لمدة 5 سنوات في فبراير عام 2015. وكان غير قادر على حضور ولادة أول طفل له، كما رفضت السلطات السماح له برؤية والده عندما كان يحتضر. شقيقته سناء أحمد سيف، ناشطة ومصورة (21 عاما) صدر ضدها حكم بالحبس عامين جنبا إلى جنب مع يارا سلام (29 عاما) مدافعة عن حقوق الإنسان. ولفت الكاتب أيضا إلى محمود حسين، طالب يبلغ من العمر (19 عاما)، ظل في الاعتقال لأكثر من 500 يوم دون تهمة أو محاكمة. وتعرض للتعذيب وأجبر على التوقيع على اعترافات. جريمته؟ هي ارتداء قميصا ووشاح مكتوب عليه "وطن بل تعذيب” خلال مظاهرة. "النظام المصري يشن حربا ضد الشباب الذين يجرؤون على الحلم بمستقبل أكثر إشراقا لأنفسهم ولبلدهم”. تقول عائلة علاء عبد الفتاح لمنظمة العفو الدولية في يونيو 2015 . وتضيف "البلد في حالة حرب، ليس هناك كلمة أخرى. حرب ملبدة، بواسطة الصمت الإعلامي ونفاق الدول الغربية التي أثنت في عام 2011 على الشجاعة والطاقة وعزم الشباب الحريصين على الديمقراطية الذين طالبوا ب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. في 26 نوفمبر 2014، استقبل فرانسوا أولاند الرئيس السيسي للحديث عن إمكانية بيع صفقات "رافال". حينئذ، عندما تحدث الرئيس الفرنسي عن سجن مئات المصريين رد نظيره المصري بالقول "أنا مع حقوق الإنسان، لكن ليس في الوقت الراهن". يقول الكاتب وزير الخارجية لوران فابيوس، في 15 فبراير الماضي، هنأ مصر على نجاح صفقة "رافال" وأكد أيضا أن فرنسا قلقة لانتهاكات حقوق الإنسان “عندما تكون هناك تجاوزات ترتكب، نتحدث إلى السلطات المصرية، نأمل أن تذهب البلاد تدريجيا نحو مزيد من الديمقراطية”. وتابع روماييه "في 23 فبراير، وبعد أسبوع من حديث فابيوس، حكم على علاء عبد الفتاح بالسجن 5 سنوات، يبدو أن الدبلوماسية الفرنسية أكثر فعالية حيث تبيع فرنسا طائرات مقاتلة لتشجيع احترام حقوق الإنسان في مصر”. على غرار فرنسا، قادة الدول المؤثرة مثل إيطاليا وألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدةالأمريكية علاقتهم طبيعية مع الرجل القوي الجديد في النظام المصري. ورأى الكاتب أن" قادة العالم يبدو أنهم أخلفوا وعدهم الذي قطعوه مع الشباب المصري لدعم طموحاتهم بعد الإطاحة بحسني مبارك من السلطة". واختتم بقوله" وبينما المجتمع الدولي يغمض عينيه، مصر تتمادي في سجن المتظاهرين السلميين”.