صرح خبراء فى الشأن الجغرافى السياسى الشرق أوسطى حسب وكالة"سبأ" قائلين أنه ليس خافياً على أحد أن أول أهداف "عاصفة الحزم" ضد اليمن هو كما قال قادتها، "ضرب" التمدد الإيراني بشكل "إعادة الشرعية لليمن" وبمزاعم "مساعدة الشعب اليمني للحصول على الحرية والديمقراطية"، هدف بات يسمعه الجميع، كما بات الأغلب يعرف أنها حرب بالوكالة ضد "إيران بالدرجة الأولى". ولكن الهدف الأهم من هذا, والغير معلن, هو الموقع الاستراتيجي الذي تمثله اليمن جغرافياً، والذي بات اليمنيون يدفعون ثمنه بالدماء. فلم يستطع أحد من دول التحالف العربي وأمريكا, ولا حتى "إسرائيل" تصوّر خروج هذا الموقع المهم نفطياً من تحت سيطرتهم. وأهم مافي هذا الموقع هو وجود "باب المندب"، الذي له التأثير الأعظم على حركة التجارة العالمية, وخاصة النفط. علماً أن باب المندب استمد أهميته أكثر عند حفر قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر ومايليه بالبحر المتوسط. ومنذ ذلك الحين تحول باب المندب إلى أحد أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا، لا سيما مع ازدياد توريدات النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية. ويسمح عرض وعمق القناة الغربية للمضيق لشتى أنواع السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين. وبات المضيق يشكل "هبة الحياة" بالنسبة لقناة السويس التي تدرّ على مصر ما يزيد على خمسة مليارات دولار سنوياً، خاصة وأن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب. وتذهب التقديرات إلى أن ما بين 5 إلى 6 % من إنتاج النفط العالمي، أي نحو أربعة ملايين طن، تمر يومياً عبر المضيق باتجاه قناة السويس, ومنها إلى بقية أنحاء العالم. ويمر عبر المضيق سنوياً ما يزيد على 21 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع. وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2013، بلغت كمية النفط التي عبرت يومياً مضيق باب المندب قرابة 3.8 ملايين برميل من النفط، ما يساوي 6 % من تجارة النفط العالمية. ويعتبر باب المندب ممراً مائياً استراتيجياً, يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويشترك في حدوده البحرية مع اليمن كل من أريتريا وجيبوتي. ويبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلومتراً بدءاً من رأس منهالي في اليمن, وصولاً إلى رأس سيان في جيبوتي. وتفصل جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن، المضيق إلى قناتين شرقية، وتعرف باسم باب اسكندر عرضها ثلاثة كيلومترات وعمقها 30 متراً، وغربية وتحمل اسم "دقة المايون" بعرض 25 كيلومتراً وعمق يصل إلى 310 أمتار، وتوجد بالقرب من الساحل الإفريقي مجموعة جزر صغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة. ولليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على المضيق لامتلاكه جزيرة بريم، إلا أن القوى الكبرى عملت على إقامة قواعد عسكرية قرب المضيق، إذ تملك الولاياتالمتحدة قاعدة في جيبوتي, على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضاً حضوراً عسكرياً قديماً في جيبوتي. ويساهم اليمن في إنتاج النفط عالمياً بأقل من 0.2%، لكن موقعه الاستراتيجي يزيد من تأثيره على تجارة النفط. وفي عام 2013، أنتجت اليمن قرابة 133 ألف برميل يومياً، ما وضعها في المركز 39 في قائمة أكبر منتجي النفط عالمياً. وتقول إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إغلاق مضيق باب المندب سيحول دون وصول ناقلات النفط من الدول الخليجية إلى قناة السويس, وخط "سوميد" لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وستضطر تلك الناقلات إلى الإبحار جنوباً إلى رأس الرجاء الصالح, للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، ما سيزيد أضعافاً من تكاليف النقل. ولن يقتصر تأثير إغلاق المضيق على سوق النفط، فرغم الأهمية القصوى لتجارة النفط عبر المضيق، إلا أنها لا تمثل سوى 16% من إجمالي البضائع التي تمر خلاله, وفقاً لإحصائيات صادرة عن هيئة قناة السويس المصرية.