تزوير التاريخ.. الحرب الناعمة التى يخوضها الصهاينة مع مصر فى سيناء. أهمية سيناء استراتجيا وجغرافيا واقتصاديا وراء الأطماع الصهيونية. حكام مصر عبر العصور اعتبروا سيناء القاعدة الأمنية لمواجهة التهديدات. الآثار المصرية فى سيناء ترجع إلى عصور ما قبل الأسرات. تزييف إسرائيل بمحاولة إرجاع بدو سيناء إلى أصول عبرية! حفائر مصرية تفجر مفاجأة تدحض أكاذيب اليهود.. معابد مصرية قديمة بشمال سيناء
على القماش
فى احتفالات أعياد سيناء رفض أحد كبار المستثمرين بسيناء الحديث عن معوقات الاستثمار بدعوى أنه لا يحب أسلوب زيارة المقابر فى أيام الأعياد!
ونحن نعتقد أنه لو تم سؤاله هو أو غيره فى وقت آخر عن أسباب عدم تنمية سيناء لأجاب: سؤال عظيم.. لكن ما هى المناسبة؟!
وهكذا يجئ التهرب من واقع إهمال سيناء فى كل الأوقات.. وليتحول الاستثمار فى سيناء على مجموعة القرى السياحية فى شرم الشيخ ثم مشروع هنا أو مشروع هناك.. وحتى ترعة السلام والتى كانت أمل التنمية فى سيناء قال عنها م. حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق أن بها عيوب فنية جسيمة خاصة فى مستوى منسوب الترعة.. علما بأن هذه الأخطاء الفنية كشف عنها العلماء والمتخصصين وقت عمل الترعة ولم يستمع لهم أحد!
ومنذ أيام احتفلت محافظتى سيناء بمظاهر الأفراح والليالى الملاح من الرقص للحفلات الفنية وغيرها من المظاهر وسط تهليل إعلامى أجوف خاصة فى محافظة جنوبسيناء.. وكم كنا نتمنى ولو على هامش هذا الصخب أن تقام ندوة واحدة تلفت النظر إلى أن العدو المتربص على أطراف سيناء سعيد أيضا بهذه الاحتفالات ولكن من منظور آخر وهو أنها تلهينا عن ما يجرى من تربص..
فقد تم تحرير سيناء حقيقة مع حرب أكتوبر1973وجاءت مراسم الاستلام وتقييم سيناء إلى محافظتين عام1979 وبعد ثلاث سنوات أى فى أبريل1982 جاء الاستلام الفعلى(عدا طابا التى تم استلامها بعد انتهاء المفاوضات والتحكيم الدولى عام1989)..
وإشارة التواريخ تعنى أنه كان أمامنا فرصة لتعمير سيناء تعميرا حقيقيا فى كافة المجالات وزراعتها بالبشر بينما ما زالت سيناء- للأسف- حتى اليوم خالية إلا من بعض المنتجعات السياحية وهذا ظلم كبير لسيناء وللإنسان المصرى يستوجب أن نحاسب عليه أنفسنا حتى لو كان فى الاحتفالات والأعياد!
العدو الإسرائيلى المتربص بسيناء لم يتغير وإن كان غير أسلوبه العسكرى الذى قد لا يأتى بنتيجة مع مصر لأسباب مختلفة وبات من مصلحته الاكتفاء بالعمل على دوام تحييدها.. وليلجأ هو إلى حروب بديلة أشد خطرا وأقل تكلفة على الأقل فى الأرواح والمعدات.. وهى الحروب الناعمة soft warوهو اسم يطلق على برامج الكمبيوتر لأنه من أقوى سبل ووسائل الحروب وإن كان البعض لا يدرى!
أما الحروب الناعمة التى يخوضها العدو الإسرائيلى خاصة فى سيناء- والتى نقصدها فى هذا المجال- فهى تتعلق بتزوير التاريخ من خلال التلاعب فى النقوش الأثرية.. وهو أمر معتاد بالنسبة للصهاينة من تسخير كل إمكانياتهم الإعلامية والاقتصادية وما يعتبرونه أبحاثا علمية من أجل خدمة أغراضهم السياسية ولو تحققت نتائجها بعد أجيال عديدة بحصولهم على تاريخ وأراضى لا حق لهم فيها..
وهم يستعينوا من أجل تحقيق هذا الهدف بعملاء يحملون ألقابا علمية باسم البعثات الأثرية ويجندون من بنى جلدتنا من يؤيدهم بجهل أو بعلم.. ليكونوا الوكلاء المغفلين للصهيونية فى مصر.. وللحق نحمد الله أنه ما زال لدينا جنود يقظين لمثل هذا الخطر ويعملون بجد وعلم على درءه بعيدا عن الصخب الإعلامى وتسطيح القضايا الجادة.
سيناء استراتيجيا وجغرافيا هى همزة الوصل بين قارتى آسيا وأفريقيا وهى: الحد الفاصل بين البحرين الأبيض والأحمر وهى بوابة مصر من الجهة الشرقية وبجانب هذا الموقع الهام تزخر سيناء بثروات ضخمة وفريدة ليست على مستوى الكنوز المادية فحسب بل والمكانة الروحية لكافة الديانات السماوية..
هذه الأهمية لسيناء فطن إليها قدماء المصريين منذ4آلاف سنة.. فقد كشفت النقوش الأثرية أن الملك اختيو الثالث فى نصائحه لابنه وولى عهده مريكا- رع أن يؤمن حدوده الشرقية ويعمر سيناء بالبشر كى يزودوا عنها أى يدافعوا عنها.. وهو ما أكده د. جمال حمدان فى"عبقريته"(شخصية مصر)عن ارتباط الإنسان بالأرض فيدافع عنها.. فهذا الموقع الفريد لسيناء جعل منها أهمية عسكرية عبر العصور.. فمنذ عهد الأسرة الأولى عام4000قبل الميلاد أقام الفراعنة بسيناء القلاع .. وكانت أول طريق حربى كبير وهو طريق(حورس).
وعبر سيناء غزا الهكسوس مصر فى عهد الدولة الوسطى.. كما عبر أيضا أحمس الثالث سيناء وهرم الآشوريين بفلسطين.
وفى عام1285ق.م تحرك رمسيس الثانى عبر سيناء متجها إلى لبنان ليحارب هناك.. كما سلك سيناء أيضا الغزاة من جيوش الإسكندر الأكبر والفرس والرومان والبيزنطيون والصليبيون والتتار.. وسلكها أيضا الفاتح عمرو بن العاص عام 639م لدخول مصر.. وكذلك سلكها عبد الله بن أبى صالح فى طريقه لفتح إفريقيا(غزوة العبابدة).. كما زحف الجيش المصرى عبر سيناء بقيادة البطل صلاح الدين عام1178لمواجهة الفرنجة.. وفى عهد المماليك عبرت الجيوش سيناء بقيادة الظاهر بيبرس عام1260م وحققت النصر.. ثم كانت الحروب بين مصر والدولة العثمانية بقيادة القائد إبراهيم عام1832حيث عبرت جيوش مصر وقضت على الدولة العثمانية بالشام.. وبعد ذلك شهت سيناء فصولا من الصراع المصرى الإسرائيلى ابتداء من عام1948إلى العدوان الثلاثى عام1956 ثم حرب1968والانتصار المجيد فى حرب أكتوبر1973
وهكذا اعتبرها حكام مصر عبر العصور القاعدة الأمامية لمواجهة التهديدات من الحيثيين والآشوريين والتتار والصليبيين والعثمانيين والإسرائيليين هذه الحروب الممتدة عبر التاريخ تعنى أن أبناء مصر واصلوا رى سيناء بدمائهم دفاعا عنها وتقديرا لمكانتها وأهميتها..
فالتاريخ يؤكد أن سيناء لم تكن يوما جزءا منفصلا عن الوادى والدلتا حيث بدأ نشاط سكان الدلتا فى سيناء منذ عصر ما قبل الأسرات.
وترجع أقدم الآثار المكتشفة فى سيناء إلى عام5290قبل الميلاد، وهناك آثار عديدة مكتشفة فى سيناء ترجع إلى عصر الأسرتين الأولى والثانية، كما وردت أشارت إلى تحصينات مصرية فى مناطق الحدود بين مصر وفلسطين فى الآثار المكتشفة بالغرب من أبيدوس فى صعيد مصر حيث كان مقر حكام الأسرات الأولى وهو ما يؤكد ارتباط سيناء بالوادى والدلتا منذ فجر التاريخ..
ومنذ أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد وبدايات الألف الثالثة اتجه المصريون فى عصر الأسرة الأولى إلى دمج سيناء مع الدلتا والوادى فى ذلك الكيان السياسى الواحد والثابت عبر التاريخ.. وأصبحت قبائل سيناء جزءا من التكوين المصرى.. وهناك آثار عديدة مكتشفة فى سيناء ترجع إلى عصر الأسرتين الأولى والثانية.
وتحفل مناطق سيناء- خاصة منطقتا سرايت الخادم ووادى المغارة- بجنوبسيناء بالآثار التى ترجع إلى أقدم عصور الأسرات ومنها نقش جدارى للملك سمرخت سابع ملوك الدولة الاولى، ونقش آخر للملك زوسر صاحب الهرم المدرج بسقارة وهو من ملوك الأسرة الثالثة، ونقش آخر للملك سنفرو والد خوفو صاحب الهرم الأكبر.. وغيرها وغيرها من النقوش التى تؤكد ترابط سيناء بمصر.
وقد أطلق المصريون على سيناء اسم تامفكات أى أرض الفيروز أو خاست مفكات أى حقول الفيروز.. أما اسم سيناء فهو مشتق من اسم الإله(سين) إله القمر الذى كان يكرمه إنسان الصحراء ما قبل التاريخ.
وهكذا سيناء تاريخيا وبشريا جزءا من مصر.. وتاريخ سيناء يواجه مؤامرة صهيونية بالتزييف.. وأهل سيناء وهم أهل مصر يواجهون نفس المحاولات الصهيونية التى تهدف إلى"التفتيت"أو الادعاء بالزيف بأن أصولهم عبرية!
تاريخيا فإن أطماع إسرائيل(اليهود)بدأت قديما مع دخول العثمانيين عام1517م إلى أن وضع اليهود سيناء صوب أعينهم فى مؤتمر بازل عام1897إلى أن حدث وعد بلفور عام1917وتم تقسيم الدول العربية تحت الوصايا والاحتلال الأجنبى إلى أن قام الكيان الصهيونى بالتواطؤ الأجنبى عام1948.. وجاء اعتداء عدوان1956على سيناء.. وفى عام1959أعلن بن جوريون ضم سيناء-التى يعتبرها أرض الأجداد-إلى إسرائيل وبعد حرب1967أعلن ليفى أشكول وزير الخارجية الإسرائيلى أن إسرائيل باتت مستقرة بالاستيلاء على سيناء-وجاءت حرب أكتوبر لتحرر سيناء وإن كانت لم تمنع أطماع إسرائيل من النيل إلى الفرات وأول هذه الأطماع فى سيناء حيث ذكر استطلاع المعهد الإسرائيلى للديموقراطية أن نسبة89%من الإسرائيليين تؤيد احتلال سيناء كليا أو جزئيا!
أما على المستوى البشرى فإن كانت الدراسات الإنثربولوجية أكدت أن أهالى سيناء هم أبناء مصر.. فقد أكد أبناء سيناء على هذه الوطنية عبر مواقف عديدة بتصديهم للمحاولات الإسرائيلية بمناصرتهم.
ومن مواقف أبناء سيناء إلى تؤكد اعتزازهم بمصر والهوية أنه بعد تثبيت العلامات الحدودية بين مصر وفلسطين عام1906.. وعلى الرغم من توجد القبائل فى الطرفين(سيناء وفلسطين)إلا أنهم منعوا أى تلاعب بتلك الحدود، وعندما أزال الجنود الأتراك عمودى رفح أبلغ أبناء سيناء اللجنة المصرية فى ذلك الوقت بمكان العمودين إضافة إلى كشف تحريك اليهود عام1948للعلامات أرقام91-88-87-86-85وتصدوا له واحتفظوا بمكان العلامات لتكون دليلا للحكومة المصرية وهى تحت الاحتلال البريطانى.
ورغم الإغراءات الإسرائيلية لأهل سيناء بعد حرب1967إلا أنهم ظلوا على هويتهم ووطنيتهم.. وفى عام 1968أعدت إسرائيل مؤتمر الحسنة(منطقة قرب العريش بشمال سيناء) بهدف تدويل سيناء وأحضروا شيوخ القبائل لكى يعلنوا ذلك أمام العالم فما كان منهم إلا أن فاجئوا العدو بأنهم متمسكين بالرئيس جمال عبد الناصر وأن سيناء مصرية لا تفريط فيها..
وتكللت وطنيتهم بنصر أكتوبر المجيد1973، ومشاركتهم البطولات بكافة الصور والتضحيات هذا العرض التاريخى يفرض علينا أن نحافظ على سيناء وأن نتفحص العدو المتربص بنا؟.. والمدخل الأول للعدو هو تزييف التاريخ من خلال التلاعب فى الآثار والدلالات التاريخية..
وليس سرا أن إسرائيل تتابع كل البعثات الأجنبية التى تنقب عن الآثار فى سيناء وتتابع ما ينشرونه بدقة وتحفز ومن البديهى أن يكون لهم أعوان حتى لو كانوا مستترين أو يعاونوهم بحسن نية.
فإسرائيل التى تتربص بآثار سيناء انشأت تخصصا للآثار التوراثية للبحث عن ما جاء فى التلمود والعمل على تحقيقه.. والمؤسسات اليهودية والصهيونية فى تل أبيب وغيرها على استعداد للتمويل!
وهناك محاولات غير منظورة مثل الادعاءات فى طريق خروج بنى إسرائيل من سيناء أو مزاعم طريق الحج اليهودى بسيناء أو وجود أماكن أثرية تخصهم.. وحسنا أن لدينا من العلماء والأثريين والباحثين ممن يتصدون لهذه المزاعم ومنها ما نشره الأثرى عبد الرحيم ريحان مدير منطقة نوبيع وقد جاءت حفائر الأثرى المصرى د.محمد عبد المقصود مؤخرا لترد على كل محاولات وادعاءات اليهود.. فقد أثبتت الحفائر التى قام بها الأثرى المصرى أن هناك تواجد مصرى على أعلى مستوى بشمال سيناء خاصة خلال الأسرة(18)فى عهد الملوك تحتمس الثانى ورمسيس الثانى وسيتى الأول.. وأهمية الاكتشافات المذكورة أن هذا العصر بالذات أى الأسرة(18)كان اليهود يحدوهم بصيص من الأمل لأى وجود حفائر لنحو700موقع بشمال سيناء ولم يخرج بنتائج تعادل2%مما كشفه عبد المقصود بل إن ما كشفه عبد المقصود هو دحض لأى ادعاء ولأى محاولة تحريف أو تزييف للتاريخ..
فحفائر د.عبد المقصود أثبتت أن الوجود المصرى بسيناء كان على نفس الشاكلة التى كان عليها الوجود المصرى فى الأقصر العاصمة فى ذلك الوقت بدليل أن هؤلاء الملوك قاموا ببناء معابد ضخمة على طراز المعابد فى طيبة(الأقصر)العاصمة خاصة معبد الكرنك والنقوش التى عثر عليها تؤكد هذه الحقيقة الدامغة والتى توضح وجود الآلهة الفرعونية مثل رع حور أختى وآمون بالإضافة إلى أن أسلوب النقش لا يقل فى الأهمية الفنية عن نقوش الأقصر.
كما أن المبانى المعمارية التى عثر عليها فى منطقة(حبو2)لا تقل أهمية عن المعابد الموجودة فى ذلك العصر.. كما عثر على أكثر من60قطعة ضخمة ومذهلة لأن وجود معابد بهذا الطراز بشمال سيناء يختلف عن أى مكان.
وهذا خيب ظن اليهود بأن سيناء كانت فى بعض الأوقات تحت سيطرة بنى إسرائيل كما دمر"شغل"اليعازر وبيتاك وغيرهم من البعثات العلمية ذات الميول الإسرائيلية وما زال د. عبد المقصود يجرى حفائر فى منطقة تل دفنه بشمال الإسماعيلية وهو تل زاره النبى عزرا وكانت به جاليات أجنبية بهذا المكان وحاولت البعثات التى تتعاطف مع اليهود العمل بهذا المكان..