بعد رحيل قيادات مؤيدى الشرعية عن قطر أو ترحيلهم - أيهما أقرب إلى الصحة - كان لزاما على التيار الإسلامى أن يقف وقفة صادقة مع النفس؛ لمراجعة أيديولوجياته وتحالفاته على حلبة الصراع السياسى والفكرى؛ بل والاستراتيجى, إذ إن كل ما وصل إليه الإسلاميون - إن صح التعبير- الآن، هى نتاج أخطاء استراتيجية لم تدرس جيدا من البداية, آلت بالحلم الإسلامى الذى كان مشروعا ظهرت بعض خطاه للنور؛ إلى أن يصبح كابوسا. ولكن.. وبتقليب دفتر الأحداث والنبش فى سطور الماضى؛ وجدت أن هناك من تنبأ بهذا المصير؛ واصفا إياه لنا وكأنه رأى عين؛ مركزا على حقيقة الصراع؛ لا يمل من تكرار جملة "نرفض التبعية"، حتى ملها البعض, معلنا بذلك بالرغم مما يلقى عليه من تهم شق الصف، والعجلة فى فتح الملفات، واستعداء الأصدقاء ضاربا بكل هذا عرض الحائط صارخا فى وجه المستحيل أن الصراع الحقيقى فى العالم الإسلامى ككل لابد أن يكون "بين التبعية والاستقلال" لا تحت أى مسمى آخر. إنه الأستاذ مجدى حسين المناضل والمفكر؛ الذى لا تذكره قناة الجزيرة بعد أن كشف مبكرا حقيقة الدور القطرى، وجهر برأيه على صفحات جريدة الشعب التى يرأس تحريرها، وهو الآن خلف قضبان الشرف والكرامة؛ حيث سجون العزة والحرية الحقيقية التى لا ينضج الثائر الصادق إلا إذا مر بنارها؛ حيث يواجه العديد من التهم الانقلابية المعلبة والمحفوظة. ولنقرأ ما قاله الأستاذ مجدى حسين فى بداية النضال ضد الانقلاب العسكرى: (إن الموقف الأمريكى المزدوج تجاه ثورات الربيع العربى يتطلب توزيع الأدوار أحيانا؛ حيث تقوم أطراف غربية باحتضان واحتواء الحركات الإسلامية، وتقوم أطراف أخرى بسحقها؛ حيث لا يجوز لنفس الطرف أن يقوم بالدورين معا فى نفس اللحظة!! ونضرب مثلا بقطر لأهمية دورها. لا يفهم كثيرون موقع قطر من الإعراب، وكيف تحولت أصغر دولة عربية إلى قوة عظمى إقليمية، ستقيم إمارة عربية كبرى، بل تحدث البعض عن محاولات قطرية للسيطرة الاقتصادية على بريطانيا!! والمخابرات المصرية المسكينة بعد أن تهاوت مصر، تنظم الآن سلسلة من البرامج التليفزيونية ضد قطر العظمى، انظروا كيف أصبحت مصر أصغر من قطر من حيث الوزن، ولا نتعالى على أى شعب أو دولة صغيرة، ولكن من المفترض أن الأوزان محفوظة. والغاز لا يفسر قوة قطر السياسية، كما يروج البعض؛ لأنها لا تملك التصرف فيه بدون توجيهات أمريكا التى تمتلك قاعدة العديد العسكرية الكبرى بالإمارة. قوة قطر الأساسية تعود إلى أنها تقوم بدور أمريكى على طول الخط، وأمريكى صهيونى فى بعض القضايا؛ وهذا هو ما أعطاها هذا الوزن الكبير، وباستخدام قناة الجزيرة التى تتسم بمهنية عالية سحقت كل قنوات النظم الكسيحة، وهذا جزء من الخطة). نعم نعترف أن الأستاذ مجدى حسين سبقنا فى هذا بالكثير, بل وتجاوز مراحل كان لابد من الأخذ بها, فحتى الآن يوجد من يبرر ويلتمس الأعذار، ويقدم التحليلات؛ لتنويم الجماهير، أو لعدم التعرض لشىء من الإحراج, إذ كيف يفسر وصلات المدح القطرى المتداولة ليل ونهار. وفى سياق متصل، فسر لنا أيضا "مجدى حسين" الدور الحقيقى الذى تلعبه قناة الجزيرة؛ أو هكذا أريد لها أن تلعبه دون تواطؤ من إعلامييها، الذين لا نشكك فى إخلاصهم وتضحياتهم منذ اليوم الأول، فيقول: (إن التعويل على قناة الجزيرة سيقودنا إلى الجحيم؛ لأنه يجعل القادة لا يتحدثون إلا لمهاجمة حفنة من الفاسدين والخونة, دون أن ينسبهم إلى النظام الأمريكى الإسرائيلى الأصلى الذى يحكم مصر. هل يمكن للجزيرة أن تسمح بشن حملة ضد ساويرس أو تواضروس أو ضد كامب ديفيد أو ضد القواعد الأمريكية فى رأس بناس والسخنة وسيناء؟! ولكن لأن دور الجزيرة قد يكون لعبا بالنار إذا ترك هكذا وحيدا، كما أنه سيؤدى إلى تقوية الإسلاميين فى نهاية المطاف، فلابد من تسليط أنظمة تابعة أخرى للعب دور سحق الإسلاميين، وهذه الأنظمة كانت (الإمارات، والكويت، والسعودية). التمويل والتخطيط والتآمر ومكان الاجتماعات. والمقصود من هذه الضغوط بل والضربات القاصمة أن يهرع الإسلاميون إلى قطر أو كاميرون رئيس وزراء بريطانيا للشكوى: هل يرضيكم ما يجرى فى مصر؟ وهل هذا من الديمقراطية التى تعتنقونها مذهبا ومنهاج حياة؟!).