تنسيق الجامعات 2025..استثناءات ل 1500أوائل الثانوية العامة    سفارات مصر بالخارج تحتفل بالذكري ال73 لثورة يوليو| صور    التعليم العالي: بنك المعرفة أداة شاملة لتأهيل الباحثين ودعم المؤسسات التعليمية    بعد مكاسب 80 دولارا.. تراجع أسعار الذهب اليوم الأربعاء بالتعاملات الصباحية    عودة المياه للمجاورة الوسطى بالقنطرة شرق بعد إصلاح كسر مفاجئ    كامل الوزير مصر قطعت خلال السنوات الأخيرة خطوات واسعة في بناء اقتصاد حديث    منظمات غير حكومية تحذر من انتشار مجاعة جماعية في قطاع غزة    ب6.7 مليون دولار..ابنة ستيف جوبز تستعد لزفاف أسطوري    فاروق جعفر يطمئن الجماهير على صحة حسن شحاتة بعد الجراحة    الأهلي السعودي يشارك رسميًا في كأس السوبر بدلًا من الهلال    جثتان و7 مصابين .. ضحايا حادث تصادم سيارتين في قنا | بالصور والأسماء    محافظ المنوفية يُجري اتصالات هاتفية لتهنئة أوائل الثانوية العامة من أبناء المحافظة    ننشر الكليات المتاحة بمسار الآداب والفنون ب«البكالوريا المصرية»    محمد عبد الحافظ مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    «مش بالمجموع».. نجوم الفن يعلقون على نتيجة الثانوية العامة    «رانيا فريد شوقي» تهدي والدتها عمرة في ذكرى ميلادها    تقديم مليون و330 ألفًا و891 خدمة طبية بمستشفيات الأمراض الصدرية    تفاصيل انطلاق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل بمحافظة مطروح    23 يوليو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    تستمر 6 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    أسعار السمك اليوم في مطروح الأربعاء 23 يوليو 2025    أوسكار رويز يعود للقاهرة بعد انتهاء إجازته الصيفية    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    البنك الزراعي المصري الأفضل عربياً في تمويل التنمية الزراعية المستدامة خلال 2025    استشهاد 17 فلسطينيا بينهم صحفية في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    تشييع جثمان الطفلة السادسة المتوفية لأسرة ديرمواس بالمنيا وسط صدمة الأهالي    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    علاقات إسرائيل وأوكرانيا.. دعم دبلوماسي وتحفظ عسكري    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    وزير الخارجية يُسلِّم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس بوركينا فاسو    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    حريق يلتهم مطعما شهيرا بكرداسة    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    «يكرموه».. رد ساخر من أيمن عبدالعزيز بشأن تصرف الزمالك مع أحمد فتوح    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    مشكلة قديمة عادت للظهور.. حظ برج الدلو اليوم 23 يوليو    بالنسبة المئوية.. مؤشرات تنسيق الكليات 2025 المرحلة الأولى وموعد تسجيل الرغبات    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلطجى العالم الجديد
نشر في الفجر يوم 05 - 03 - 2012

«إن القطريين يريدون دس أنوفهم فى كل شىء!.».. قالها أحد المسئولين الفرنسيين يوما.. وقالها صراحة الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى للشيخ حمد بن خليفة أمير قطر عندما استقبله فى قصر الإليزيه.
كانت الكلمة التى قالها الرئيس الفرنسى للأمير القطرى تعبر عن قلق «أصدقاء» قطر من تضخم حجم دورها بعد ثورات الربيع العربى.. وبعبارة أدق.. عن قلقهم من «تضخم» إحساس القطريين بأنفسهم.. وشعورهم بأنهم قادرون على إملاء إرادتهم على «أصدقائهم» فى العالم.. أو على حد تعبير صحيفة لو فيجارو الفرنسية:» إن الضفدعة فى النهاية لا يمكن أن تضع رأسها برأس الثور!».
لكن «الضفدعة» على صغر حجمها.. مزعجة.. وقادرة على القفز.. وعلى إثارة الغيظ.. والاستفزاز.. وفى عالم اليوم.. لا يمكن أن تتجاهل تأثير أصغر عنصر مهما كان ضئيلا.. فأصغر الأشياء يمكن أن يسبب أكبر التغييرات فى منطقة لم يعد يحكمها سوى منطق الفوضى.
رأى العالم كله نبرة الأمير القطرى وهى تتغير من الحياد التام.. إلى الغطرسة البالغة بعد ثورات الربيع العربى.. كأنه صانعها.. أو صاحب الفضل الفضل فيها.. أو على الأقل.. الوحيد الذى يجنى ثمارها.. كنت تجده مثلا، فى أكتوبر 2010 يقول لصحيفة فاينانشيال تايمز عبارات من نوع: «نحن نركز على التعليم والصحة والاستثمارات.. هدفنا هو أن نبعد أنفسنا عن الصراعات والمواضيع العسكرية، وأن نلعب دائما دور الوسيط فى الأزمات.. وبهذا نضمن ألا نتخذ صف أحد دون آخر».
ما الذى تغير إذن؟.. وكيف انقلبت القوة القطرية «الناعمة» من إعلام ومال إلى الغطرسة والبلطجة التى يمارسها حكامها مع أعتى القوى العظمى فى العالم؟.. قال أحد المقربين من الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء:» لم يكن من الممكن أن نظل صامتين بينما القذافى يقتل شعبه.. ونفس الشىء يحدث فى سوريا.. لكن من الخطأ القول بأننا ندير جامعة الدولة العربية أو أننا قد صرنا متغطرسين.. نحن نعبر فقط عن آرائنا بقوة.. ومن أراد أن يتبعنا.. فليتبعنا».
فكرة الصلف والغطرسة القطرية كانت مثار قلق للعديد من المسئولين والدبلوماسيين العرب بعد ثورات الربيع العربى.. قال أحد المسئولين المغاربة: «نحن لم نشهد من قبل مثل هذا العنف الذى يصدر عن قطر فى اجتماعات الجامعة». وذكر المسئول حادثة هدد فيها رئيس الوزراء القطرى مندوب الجزائر الرافض لفرض عقوبات على سوريا، قائلا له فى لقاء تم بالعاصمة المغربية الرباط:«اسكت!.. دورك هو التالى على القائمة».
عبارة لو صدقت ستظهر حجم الأصابع القطرية التى تعيد تشكيل المنطقة.. إن قطر ترأس الجامعة العربية حتى نهاية مارس.. وهى تستغل غياب الدول العربية الكبرى من على الساحة أشد استغلال.. كما يقول وزير الخارجية الإسبانى الأسبق ميجيل أنجيل موراتينوس الذى أقلقه أيضا عدوانية قطر فى التعامل مع العالم، قال موراتينوس: «السعودية فى حالة من الشلل السياسى بسبب عملية انتقال السلطة فيها.. ومصر ما زالت فى حالة اضطراب ما بعد الثورة.. ولا أحد من المسئولين العرب يجرؤ على الوقوف فى وجوههم.. إلى حد أنهم يفكرون حتى فى نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى الدوحة.
على العكس من معظم الدول العربية التى تهتم بشئونها الداخلية، وتنشغل بالتقلبات التى جاءت بعد الانقلابات الثورية فيها، لا تخشى قطر من حدوث ثورة أو انقلاب بين أفراد شعبها الذين لا يتجاوز عددهم 200 ألف نسمة.. لكن قطر تسبب الكثير من المتاعب لمن حولها.. مرة بالقوة الإعلامية الضاربة التى تمثلها قناة الجزيرة.. ومرة بدبلوماسية دفاتر الشيكات، التى توزع الأموال بلا حساب على لاعبى السياسة فى المنطقة، وتسبب صداعا فى رأس الحكومات العربية.
قال أحد المسئولين المغاربة: «فى الماضى قمنا بإغلاق مكتب الجزيرة فى الرباط لأننا كنا نشتبك كثيرا فى خلافات معهم.. لكن ربما قمنا بإعادة فتحه مرة أخرى، فقد اشترى أمير قطر أرضا مساحتها 34 ألف كم واستثمر 4 مليارات دولار فى برنامج سياحى بين الرباط والدار البيضاء بعد أن انسحب منه العديد من المستثمرين العرب.. نحن فى حاجة بالفعل إلى أموالهم».
ما قاله المسئول المغربى كان يعكس تفكير العديد من المسئولين العرب الذين يدركون جيدا أن قطر لا يمكن أن تتحرك بكل هذه البلطجة السياسية دون دعم من البلطجى الأكبر: الولايات المتحدة.. قال الصحفى على صبرى: «إن الأمريكان يحتاجون لحليف فى المنطقة يعتمدون عليه لإدارة الفترة الانتقالية التى جاءت بعد ثورات الربيع العربى فى معظم دول المنطقة.. وحتى حركة طالبان الأفغانية شكلت تمثيلا لها فى الدوحة للتفاوض مع الأمريكان الذين يؤمنون حماية مستمرة لإمارة قطر، بالقاعدة العسكرية الأمريكية المقامة على أرضهم.
وقام القطريون بدورهم بالطريقة المناسبة لهم.. صارت قطر بعد الثورات العربية تلعب دور الراعى الرئيسى لتيار الإسلام السياسى الذى اكتسح الانتخابات البرلمانية من المغرب إلى اليمن ومصر.. وتقدم قطر تمويلا مباشرا لحركة حماس فى فلسطين، وحركة النهضة فى تونس والإخوان المسلمين فى مصر.. إن قطر لا تخشى من المد الإسلامى فى المنطقة، بل ربما كانت حتى تسعى إليه.. قال الأمير حمد على قناة الجزيرة فى بداية سبتمبر الماضى»: إن الإسلاميين الأصوليين الذين شكلوا توجهاتهم ووجهات نظرهم تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية.. يمكن أن يتطوروا ويغيروا من هذه التوجهات لو أنهم شاركوا فعليا فى الحكم.. هذا يحقق على الأقل وعد الثورات بالديمقراطية والعدالة».
لكن السؤال الحقيقى الذى لم يحسب حسابه أحد فى قطر هو: هل يمكن أن يواصل أنصار التيار الإسلامى استماعهم لنصائح أصدقائهم القطريين، لو أنهم أمسكوا بالسلطة فى قبضتهم بالفعل؟
لكن الواقع، أن حكام قطر لهم عذرهم فى أن يتعاملوا مع العالم بكل هذا الصلف.. فهم يشعرون أن لهم الأسبقية أو الأفضلية على الكل، فى فهم أن مركز الثقل الحقيقى فى المنطقة صار يميل نحو الإسلام المتشدد.. أو المحافظ.. ومن هنا، قامت السياسة الخارجية القطرية على احتضان ومساندة التيارات الإسلامية المتشددة التى كانت تعانى من ملاحقة الأنظمة السياسية لها.. وترفض كل القوى العالمية التفاهم معها أو الاعتراف بها.. ومع صعود هذه التيارات اليوم بعد ثورات الربيع العربى، أثبتت قطر للعالم أن تلك السياسة كانت سياسة ناجحة ولها ثمارها.
ربما لذلك تميل قطر إلى أن تدعم تيارات الإٍسلام السياسى فى المنطقة بكل قوتها.. فقوة هذه التيارات دفعة للسياسات وللحكمة القطرية.. لكن المثير، أن العالم اليوم صار يلاحظ تغير السياسة الخارجية القطرية اليوم، من دعم هذه التيارات الإسلامية وحدها، إلى دعم فكرة الائتلافات الحكومية بين التيارات الإسلامية وتيارات أخرى فى المجتمع.. خاصة فى مصر وليبيا.. وهو أمر له منطقه.. وحكمته.. فقطر تدرك أكثر من غيرها حجم وإمكانيات التيارات التى تدعمها.. وتعرف تماما أن جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، مهما كان الدعم القطرى لها، لا يمكن أن تنهض بمهمة إدارة دولة فى أزمة بحجم وثقل وتعقيد مصر، دون مساندة التيارات الأخرى.. حتى يتفرق دم المشاكل، لو فشلت الحكومة الائتلافية فى حلها، بين كل التيارات.
لكن الواقع، أن من يلعب بالنار يحترق بها.. واليوم، صار الناس يكرهون قطر بالقدر الذى يتناسب مع الارتباك الذى تحدثه فى العالم كله.. فى تونس، لم يلق الشيخ حمد ترحيبا حقيقيا من حكامها الجدد، وتم رفض طلبه بحضور الجلسة الافتتاحية لبرلمانها الجديد المنتخب.. وفى غزة.. حيث تدعم قطر حركة حماس بلا مواربة، قام الفلسطينيون بحرق صور للأمير القطرى.. وحتى فى إسرائيل، رفضت تل أبيب عرضا قطريا بإعادة افتتاح قناة دبلوماسية بين قطر وإسرائيل.
إلا أن الخطر الداخلى الأهم الذى صار يهدد دور قطر الخارجى، ليس من قوة أخرى فى المنطقة.. وليس من دولة عربية يمكن أن تستعيد مكانتها فجأة.. وإنما الخطر القادم يأتى من قلب البيت الحاكم القطرى.. ومن بين أبناء الشيخ حمد أنفسهم.. قال أحد رجال الأعمال القطريين قريبى الصلة بالعائلة الحاكمة، إن كثيرا من أبناء الشيخ حمد مستاءون من تحرك قطر المبالغ فيه فى المنطقة.. ويرون أنه أكثر من الحد اللازم أو المقبول.. إلى درجة أنهم يخافون من أن يتم استهدافهم فى بعض الدول العربية التى اعتادوا على الذهاب إليها.. خاصة لبنان.
ولو أن رعاية القطريين لتيارات الإسلام السياسى قد منحتهم نوعا من الحصانة ضد الهجمات الإرهابية التى كان يشنها تنظيم القاعدة مثلا.. إلا أن طريقتهم العدوانية فى إدارة سياستهم الخارجية قد تسببت فى خلق أعداء جدد لهم.. لا يقلون خطرا عن تنظيم القاعدة.. وربما كان أبرز دليل على ذلك هو حرص الأمير تميم، ولى العهد القطرى، على تأمين طائرته الخاصة الإيرباص ضد هجمات الصواريخ أرض جو.. نفس نوعية الصواريخ التى ذهبت بشكل غامض من قطر إلى ليبيا.. فهل يمكن أن يكون الجزاء دائما من جنس العمل؟
السنة الخامسة - العدد 344 - الاثنين - 03/05 /2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.