متحاشيا الاعتذار الشخصي عما بدر منه في حقا الإسلام والمسلمين، جدد بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أسفه لما سماه (إساءة فهم تصريحاته حول الإسلام)، والتي أثارت غضبا واسعا في العالمين العربي والإسلامي وقوبلت بمطالب موجهة للبابا بالاعتذار بشكل شخصي. وأعرب البابا اليوم في اجتماع عام في الفاتيكان عن أسفه لكون كلامه عن الإسلام الذي أدلى به قبل أيام في محاضرة بإحدى الجامعات الألمانية "أسيئ فهمه".
كما قال في اجتماع اليوم إن الاقتباس المتعلق بالإسلام الذي أورده في محاضرته لا يعكس قناعاته الشخصية، معربا عن "احترامه الكبير للديانات الكبرى وعلى الأخص للمسلمين".
ودعا بابا الفاتيكان أمس إلى الاحترام المتبادل بين الأديان ونبذ ما سماه العنف. جاء ذلك في برقية عزاء لإرسالية مسيحية بالصومال حيث قتلت راهبة إيطالية منذ أيام، فيما يعتقد أنه حادث مرتبط بتصريحات البابا المسيئة إلى الإسلام.
وأفاد موفد الجزيرة إلى الفاتيكان أن "الكرسي الرسولي حريص على توضيح موقفه من الإسلام ومن حوار الأديان"، مشيرا إلى أن الجريدة الناطقة باسم الفاتيكان نشرت باللغة العربية نص محاضرة البابا المثيرة للجدل.
وكان البابا أورد في كلمة الأسبوع الماضي بألمانيا اقتباسا عن إمبراطور بيزنطي يرد على مسلم فارسي يقول فيه "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد, لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف".
ولا تزال تصريحات البابا تثير المزيد من التداعيات حيث يرى كثيرون أن الاعتذار الجزئي الذي قدمه الأحد الماضي غير مقنع في حين يعتبر مؤيدو رئيس الكنيسة الكاثوليكية أن كلمات البابا أخرجت من سياقها. فقد دعا الرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى منع الطعن في الإسلام، قائلا في كلمته أمام اجتماع الجمعية العمومية في الأممالمتحدة بنيويورك "إن من واجبنا أن نردم بالحوار والفهم المتبادل الهوة المتزايدة بين العالمين الغربي والإسلامي".
وفي إشارة غير مباشرة لكلمات البابا، قال مشرف إن "من المخيب جدا للآمال أن نرى شخصيات تتمتع بسمعة بالغة الأهمية تتناسى الحساسيات الإسلامية في هذه الحقبة الحرجة".
وفي القاهرة ندد الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر صفوت الشريف بما أسماه "الفهم الخاطئ" للإسلام الذي ظهر في أقوال البابا.
وقال الشريف في افتتاح المؤتمر السنوي للحزب إن "حزب الأغلبية يعبر عن شعب مصر في رفض الفهم الخاطئ للإسلام عقيدة وتاريخا، ويعبر عن أسفه لرؤية عبر عنها البابا مرفوضة لإساءتها إلى دين السماحة والمحبة ورسول السلام".
شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي دعا البابا خلال اجتماع مع مسؤول من الفاتيكان في القاهرة، إلى تقديم اعتذار عن تصريحاته بإلقاء خطاب آخر يعلن فيه على الملأ أن ما قاله الإمبراطور البيزنطي مرفوض.
أما نجل الزعيم الليبي معمر القذافي فقد دعا في طرابلس البابا إلى اعتناق الإسلام من أجل معرفة الحقيقة بعد أن ربط بين الدين الحنيف والعنف. وتعجب محمد القذافي أمين اللجنة الشعبية للشركة العامة للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية من انتظار المسلمين اعتذارا من شخص غير مسلم, قائلا إن "الدين عند الله الإسلام, وأي شخص غير مسلم فهو ليس برجل دين".
وفي سياق الغضب الشعبي المتصاعد الذي أثارته كلمات البابا, هددت جماعة إسلامية غير معروفة تطلق على نفسها اسم "جماعة جيش الهدى" في غزة باستهداف مسيحيين في القطاع -أشارت إليهم بعبارة "الصليبيين"- إذا لم يعتذر البابا عن تصريحاته. وأوضح البيان أن هذا التهديد سيظل مفتوحا حتى يقدم البابا اعتذاره.
وفي إيران احتج طلبة أجانب يدرسون العلوم الدينية في مدينة قم كبرى المراكز الدينية في البلاد, على تصريحات البابا وطالبوه بالاعتذار عنها. وجرت المظاهرة تلبية لدعوة المركز العالمي للعلوم الإسلامية بالمدينة.
وفي تركيا طالب موظفو الهيئة الحكومية المشرفة على الشؤون الدينية السلطات بتقديم دعوى قضائية على البابا وأن تلقي القبض عليه عندما يزور البلاد في نوفمبر المقبل بتهمة انتهاك القوانين التركية التي تؤيد حرية الفكر والعقيدة.