الحصار بمعناه المعروف هو ان يحاصرك عدوا لك. العدو الذي يتمني لك الموت والفناء لكن ان يحاصرك من يحكمك من بني وطنك يدعي حبك وهو في الحقيقة يتمني ان يحكمك وأنت ايكلينيكيا ميت جسدا بلا حراك مسلوب الارادة يفعل بك ما يريد وقتما يريد وهذا اشد مرارة وفتكا من حصار العدو لك. حصار اهل مصر اكثر خناقا من حصار اهل غزة. اهل غزة البواسل يعلمون عداوة من يحاصرهم رغم ان من يحاصرهم ليس العدو الصهيوني فقط، بل اخوانهم وجيرانهم من بني جلدتهم من الامة العربية المكلومة الثكلي. لقد تنكر اهل الارض لاهل غزة ومات ضمير العالم وهم يشاهدون البث المباشر لمسلسل الجوع والقتل والدمار اليومي الذي طال كل شبر في غزة رغم كل هذا اهل غزة هاماتهم مرفوعة وراياتهم مشرعة يدافعون عن الامة بأسرها من المحيط الي الخليج ويرعبون العدو المدجج بالسلاح جوا وبرا في دروس يجب ان تدرس في اكبر الاكاديميات العسكرية انها غزة مصنع الرجال والصناديد الذين يسطرون بحروف من ذهب تاريخ لامة وصفحة ناصعة البياض من كتاب الامة الذي ملأت صفحاته بسواد الذل والخنوع والخضوع سطروها من باعوا الامة بثمن بخس وكانوا فيها من الزاهدين. اما عن حصار اهل مصر فحدث ولا حرج. فأن كنت تقاتل من اجل كسرات خبز لا تسد رمقك في طوابير الخبز عفوا طوابير الموت الان فأنت محاصر. فان كانت ارضك تعاني الخصب والنماء وتشتكي كثرة المياه التي تنضح من البيوت في معظم الاحيان وتكون اول او ثاني اكبر مستوردي القمح في العالم فانت محاصر. ان كنت ترزح تحت نير قوانين الطوارئ والقوانين سيئة السمعة التي لا تأمن من ضلعها علي نفسك وأهلك ومالك فأنت محاصر. ان كنت مسلوب الارادة او تعيش بارادة مزورة من انتخابات او من استفتاءات وتحرم حتي من ان ترشح نفسك او تدلي بصوتك فأنت محاصر، ان كنت لا تأمن علي نفسك او علي جسدك عند دخول قسم شرطة فانت محاصر، ان كنت حصلت علي الريادة من ان يمتلئ جسدك باشد الامراض فتكا مثل الكبد الوبائي وفشل كلوي وسرطان. مائة الف يحصلون علي شهادة مريض بالسرطان سنويا في مصر وخمسة آلاف يموتون من تلوث المياه فانت محاصر، ان كنت تتسول القوت وتعيش بين هموم القروض وذل الدين نتاج سياسات فاشلة وتجارب هي محض خيال زائف فانت محاصر. ان كان من يحكمون قد حموا آذانهم حتي لا يسمعوا آهاتك وانات حسراتك علي ما آل اليه حالك فانت محاصر. انت كنت تعيش بين فكي الاحتكار والاحتقار لك ولمقدراتك فانت محاصر، ان كنت لا زلت تشارك الموتي سكن القبور وانت حي ترزق بعد ان غلي عليك الايجار والتمليك فانت محاصر. ان كنت تتنفس هواء ملوثا وتشرب ماء مكدرا فأنت محاصر، ان كانت الارض التي تعيش عليها حبلي بالكنوز والثروات ولا تجد من حكومتك سوي الحرص علي ان تعيش علي المنح والقروض فانت محاصر، ان كنت تجد حكومتك تبني الجسور والجدران وتهدم الانسان فأنت محاصر، اذا كان تعليمك دون المستوي وجامعاتك تتذيل جامعات العالم ومستوي الخريجين والمهنيين دون مستوي ابناء الهند وسريلانكا ودول ودويلات ليست علي خريطة العالم فأنت محاصر. كوكتيل الحصارات الذي يتجرعه شعب مصر لعقود طويلة يسطر به موسوعات لكن في تقديري امر من مرارة هذا الحصار هو ان يخالف هوي من يحكمك دائما هواك تفتح له قلبك ليعيش فيه عندما تجده مهموما لهمومك ويراعي ردود افعالك وانفعالاتك لكنه يؤثر سكن الصقور علي سكن القلوب. تغيرت مفاهيم الحصار الان وليس ضروريا ان ترزح تحت نير الاحتلال لكن تكون محاصرا. حصار غزة الظالم ملحمة خالدة ودرس من شعب حر لا يموت ولن يموت في التكافل وتقاسم كسرات الخبز دون احتكار واستغلال شعب غزة ينصهر في بوتقة العزة والكرامة وتحتسب عند الله ما يجري علي ارضها الطاهرة المخضبة بدماء الشهداء الابرار الذين سيشاركون الاغنياء والشهداء الفردوس باذن الله. شعب مصر لا يستحق ان يحاصر ابدا، مصر تعيش في قلوب ابنائها المخلصين داخل وخارج مصر ويتنفسون عن بعد هواءها شعب مصر صبور لكن بدأ صبره في النفاد، براعم مصر الان يسجلون تاريخا جديدا ويرسلون لمصر نسائم الحرية وان رغيف الحرية لا يقل اهمية عن رغيف الخبز وان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان. الامارات العربية المتحدة