قال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، أن أسباب صمت دول الغرب تجاه المجازر والاعتقالات التى قام بها الانقلاب العسكرى فى مصر خلال الشهور الأخيرة تعود إلى أن هناك أسباب سياسية تتعلق بعدم ترحيبهم بحكم يستند إلى خلفية إسلامية، وأسباب عسكرية تستهدف إنهاك الجيش المصرى فى معارك داخلية، تصب فى صالح إسرائيل، وأسباب أمنية تستهدف إبقاء البلاد فى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، لتأخير أية نهضة اقتصادية، لتظل مصر سوقا متسعا لسلع وخدمات الدول الغربية". وتابع -الرئبيس السابق لمجلس إدارة الأهرام-: "وذلك فى ضوء نسب البطالة المرتفعة بالدول الغربية، والعجز التجارى للكثير منها، ومعدلات النمو المتدنية بها التى يتوقع استمرارها عامى 2013 و2014، حيث تسبب حالة عدم الاستقرار فى تطفيش المستثمرين المحليين والأجانب، بما يعنيه ذلك من استمرار العجز المزمن بالميزان التجاري، ومن ثم استمرار مصر فى استيراد غالب السلع الاستهلاكية والوسيطة والمعمرة، مما يؤدى على الجانب الغربى لاستمرار دوران عجلة الإنتاج والتشغيل بالدول الغربية. وأضاف: فى عام 2012 بلغت قيمة الواردات السلعية المصرية غير البترولية 45 مليار دولار، وهو رقم يقل عن الحقيقة فى ضوء انتشار ظاهرة التلاعب فى الفواتير لدى كثير من المستوردين بهدف خفض قيمة الجمارك وضريبة المبيعات التى يتم دفعها، ويدلل على ذلك كبر أرقام الصادرات الأوروبية والأمريكية، عما تعلنه الجهات المصرية عن قيمة للواردات السلعية من تلك الدول للفترة نفسها. واستطرد قائلاً: وهناك أيضا مدفوعات لشركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر لشراء جانب من إنتاجها من البترول والغاز الطبيعى، فى ضوء بلوغ قيمة الواردات البترولية خلال عام 12.5 مليار دولار، وإلى جانب الواردات السلعية التى تمر عبر المنافذ الرسمية، هناك كميات أخرى من البضائع يتم دخولها عن طريق التهريب مثل تجارة الملابس والمنشطات وغيرها. كذلك يتم دخول كميات أخرى من السلع بصحبة القادمين من السفر مثل: الأدوية والموبايلات وأجهزة الكمبيوتر الشخصي، والمصنوعات الجلدية والعطور والملابس وغيرها، وبخلاف كل ما سبق هناك استيراد لكميات من السلع غير المشروعة؛ مثل المخدرات والسلاح وغيرهما عن طريق التهريب، مما يشير إجمالا إلى الحجم الضخم للواردات المصرية. وقال الولي: وبخلاف الواردات السلعية تتعدد صور خروج كميات أخرى من العملات الأجنبية من مصر إلى خارجها، ومن ذلك فوائد ودائع الأجانب فى مصر وعوائد ممتلكاتهم من الأسهم والسندات وأرباح استثماراتهم، التى بلغت 6 مليارات دولار خلال العام المالى الأخير، كما أن هناك مدفوعات نتيجة السياحة المصرية الخارجة إلى دول العالم، التى تشير بيانات البنك المركزى لبلوغها حوال 3 مليارات دولار خلال العام المالي الأخير، دون احتساب مشتريات هؤلاء من الأسواق الخارجية ونفقات إقامتهم بالخارج، وكذلك هناك مصروفات حكومية على سفر المسئولين والبعثات والتعليم بالخارج. وهناك مدفوعات للخارج مقابل عمليات المقاولات التى تقوم بها شركات أجنبية، والاتصالات التليفونية مع الخارج، وخدمات النقل بأنواعه للطائرات المصرية والسفن المصرية بالموانئ الخارجية، والمقابل للاستشارات الهندسية والقانونية والمحاسبية والمالية والتأمينية، والصحية والترفيهية والثقافية والرياضية والبيئية التى يحصل عليها المصريون من الخارج. وأضاف: أيضا هناك مدفوعات للخارج فى إطار الاستثمارات التى يقوم بها مصريون بالخارج، سواء فى شكل مشروعات أو شراء أسهم وسندات أجنبية أو إيداع للأموال بالخارج، كذلك هناك تحويلات مالية من العمالة الأجنبية الموجودة فى مصر إلى بلدانهم الأصلية. وقال الخبير الاقتصادي: ومما سبق يتضح أن ما تذكره بيانات البنك المركزى المصرى، عن بلوغ إجمالى المدفوعات بميزان المدفوعات المصرى 77 مليار دولار خلال العام المالى الماضي، يقل عن الحقيقة، وفى ضوء بلوغ الأرقام الرسمية للواردات العربية خلال عام 2012 نحو 810 مليارات دولار، بخلاف 233 مليار دولار قيمة الواردات الخدمية العربية خلال العام نفسه، يمكن تفسير حرص الغرب على استمرار الأوضاع غير المستقرة، فى سوريا والعراق واليمن وتونس ولبنان والأردن والسودان وغيرها من البلدان العربية، لتظل حاجتها للسلع الغربية مستمرة. وأضاف الولي: وتتسع الصورة ببلوغ قيمة الواردات السلعية لدول العالم الإسلامى خلال العام نفسه 1 تريليون و697 مليار دولار بخلاف الواردات الخدمية، فى ضوء بلوغ نسبة التجارة البينية العربية 12%، وبلوغ نسبة التجارة البينية بين دول العالم الإسلامى 17%، لتظل النسبة الأكبر لتجارة العرب والمسلمين مع دول الغرب. وتابع قائلا: وتفسر أوضاع الاقتصاد الأوروبى حرص دول الاتحاد الأوروبى على استمرار الاضطراب والفوضى بالدول العربية والإسلامية؛ مثل باكستان وأفغانستان وغيرهما، حيث تشير بيانات النصف الأول من عام 2013 إلى وجود عجز تجاري لدى 12 دولة، من بين دول الاتحاد الأوروبى الثمانية والعشرين، منها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان. وكانت التجارة السلعية للاتحاد الأوروبى خلال عام 2012 قد أسفرت عن تحقيق عجز تجاري إجمالي بلغ 134 مليار دولار، نتيجة العجز فى ميزانها التجاري مع الدول الأسيوية ودول الكومنولث الروسي والدول الإفريقية، مما يدفعها لزيادة صادراتها، وخلال عام 2012 بلغت قيمة العجز التجاري بالولايات المتحدة 788 مليار دولار، وبإنجلترا 212 مليار دولار، وبفرنسا 105 مليارات دولار، وباليابان 87 مليارا، وبإسبانيا 40 مليار دولار. واستطرد قائلا: وخلال شهر أكتوبر الماضى بلغ عدد العاطلين بدول الاتحاد الأوروبى أكثر من 19 مليون متعطل، كما بلغ متوسط نسبة البطالة بدول الاتحاد الأوروبى الثمانية والعشرين، خلال شهر أكتوبر الماضي 10.9%، وبدول اليورو السبعة عشر 12.1%، حيث بلغت نسبة البطالة بإسبانيا 26.7% واقتربت اليونان من النسبة نفسها، كما زادت عن السبعة في المائة بأمريكا. كما أن دول أوروبا والولايات المتحدة في حاجة لشراء الدول العربية والإسلامية للأوراق المالية الحكومية الأوروبية والإمريكية فى ضوء العجز المتزايد بالموازنات هناك، ففي عام 2012 كان هناك عجزا بموازنات 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وبما يعني إفلات ألمانيا وحدها من العجز بالموازنة، ولكن بفائض 0.1% فقط، ورغم تشديد مفوضية الاتحاد الأوروبي على عدم تجاوز دوله نسبة العجز بالموزانة نسبة 3%، فقد بلغت نسبة العجز 10.6% بإسبانيا، و9% باليونان، و8.2% بأيرلندا، و6.4% بكل من البرتغال وقبرص، كما بلغت نسبة العجز بالموازنة الأمريكية 6.9%. كما تشير نسب الدين الحكومى المرتفعة بدول الاتحاد الأوروبي إلى المأزق التي تمر به، حيث بلغت نسبة الدين الحكومي للناتح المحلي الإجمالي خلال عام 2012 في دول اليورو 93%، وبدول الاتحاد الأوروبي 87%، وفي اليونان 169%، وبإيطاليا 133%، وبالبرتغال 131%، وبأيرلندا 126%، وفى بلجيكا 105%، وفرنسا 93.5%، وإسبانيا 92%، وبريطانيا 90%، وعلى الرغم من أن نسب الأمان تدور حول نسبة ال60%، فقد بلغت النسبة 72.5% بالولايات المتحدةالأمريكية. وانعكست كل تلك المؤشرات على نسب نمو الناتج بدول أوروبا، حيث بلغت نسبة نمو الناتج خلال عام 2012 بدول اليورو سالب - 0.6%، وبإيطاليا سالب - 2.4%، وإسبانيا سالب - 1.6%، وبإنجلترا 0.2%، وبألمانيا 0.9%. وتوقع صندوق النقد الدولي بلوغ نسبة نمو الناتج خلال عام 2013 بدول اليورو سالب - 0.4%، وببريطانيا سالب - 1.8%، وبإسبانيا سالب - 1.3%، وفرنسا 0.2%، كما توقع الصندوق بلوغ نسبة النمو بالولايات المتحدةالأمريكية 1.6%. واختتم الخبير الاقتصادي ممدوح الولي: لهذا ليس من مصلحة دول الغرب حدوث أى استقرار فى بلادنا، يقل من استفادتهم من أوضاعنا فى حل مشاكلهم؛ فى البطالة، والعجز التجاري، والعجز بالموازنات، وعجز الحسابات الجارية، وضعف معدلات النمو.