حادثان جديدان وقعا في أقل من يومين أكدا مجدداً على أهمية الصواريخ كسلاح استراتيجي للمقاومة، فقد أدى أحد الصواريخ التي أطلقتها "كتائب القسام" إلى قتل مغتصب صهيوني وجرح عشرة آخرين، في مغتصبة "سديروت"، فيما نجا وزير "الأمن" الصهيوني آفي ديختر الذي كان يتفقد البلدة الصهيونية من الموت بأعجوبة، بعد سقوط صاروخ بمحاذاته وأصيب أحد حراسه بجروح. هدف نوعي حالة من الذعر والخوف الشديدين سادت المغتصبات المحاذية لقطاع غزة جنوبي الأراضي المحتلة عام 1948، وخاصة "سديروت" التي أمطرتها صواريخ المقاومة بعشرات الصواريخ خلال اليومين الماضيين، حيث لقي أحد سكان المغتصبة حتفه، مذكراً بحالة مماثلة وقعت في شهر مايو من العام الماضي، فيما جرح بضعة صهاينة آخرين، والأهم من ذلك أن خطر هذه الصواريخ كاد أن يصيب وزير أمن الاحتلال الذي يفترض أنه جاء لطمأنة سكان المدينة المذعورين، وتفقد أحوال البلدة التي صارت على الدوام في مرمى سلاح المقاومة، كهدف نوعي، قد يترك أثره في نفوس القيادات الأمنية الصهيونية التي يتعين عليها أن تفكر ألف مرة قبل أن تدخل نطاق المغتصبات التي تقع في الشريط المحاذي لقطاع غزة، ويرسل رسالة لكل المواطنين الصهاينة مؤداها: أن لا حصانة لأحد من القذائف والصواريخ في المديات التي تصل إليها. وبسبب هذه الأخطار، فقد أعلن الكيان الصهيوني حالة الطوارئ في كافة التجمعات السكنية المحيطة بقطاع غزة تحسبا لاستمرار إطلاق الصواريخ صوبها. وقالت الإذاعة العبرية إن الدراسة انتظمت في جميع المؤسسات التعليمية في تلك المنطقة إلا انه يحظر على التلاميذ الخروج من المباني المحصنة والمكوث في ساحات المباني. ووصف مراسل صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية الحال في مغتصبة "سديروت"، مشيراً إلى أن طلاب المدارس لم يحضر منهم إلا أعداداً قليلة، كما أن طلاب معهد "سافير" الذي استهدفته المقاومة وقتل أحد المغتصبين فيه لم يحضر منهم إلا القليل بالرغم من الدعوات التي وجهت لهم للحضور. عجز صهيوني عن المواجهة وقد بينت كتائب القسام أن قصفها للمغتصبات يأتي في إطار سعيها لإحداث نوع من توازن الرعب، في مواجهة جرائم الاحتلال التي تقصف المدنيين العزل والمقاومين، فقد أكدت الكتائب أنها قصفت البلدات والمواقع الصهيونية المحاذية للقطاع ب 100 صاروخ من طراز "قسام" منها 55 صاروخاً على سديروت منذ يوم أمس الأربعاء، وذلك عقب الغارة الصهيونية على مدينة خان يونس والتي راح ضحيتها خمسة شهداء. وقالت في بيان لها "إن هذا القصف يأتي ردا على الجرائم والمجازر التي يرتكبها الطيران الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ومقاومته". ضربات مؤلمة ويشعر الاحتلال بالعجز في مواجهة هذه الصواريخ فلم تفلح كل جهود جيشه المتطور تقنياً وتعبوياً، من كبح جماح صواريخ المقاومة إلى المغتصبات القريبة من غزة، رغم التحليق المكثف للطيران الصهيوني في سماء القطاع. وقد لاحظ المراقبون أنه بموازاة التهديدات التي أطلقها قادة العدو الصهيوني، وفي مقدمتهم رئيس حكومة الاحتلال إيهود أولمرت، بجعل حماس تدفع "ثمنا باهظا لعمليات إطلاق الصواريخ" باتجاه أراضيه، جاء اعترافه بأنه ليست هناك "صيغة سحرية" لوقف الهجمات الصاروخية عبر الحدود. وقال أولمرت خلال لقائه بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس "لا نمتلك حلا سحريا لهذه المشكلة (إطلاق الصواريخ من غزة) في يوم أو يومين، فإنها عملية طويلة ومؤلمة. فسنتكبد ضربات مؤلمة، وسنكبد بدورنا عدونا ضربات أكثر إيلاما"، على حد تعبيره. وتمثل النجاحات التي أحرزتها المقاومة خلال اليومين الماضيين ضد مغتصبة "سديروت" والمغتصبات الأخرى، وتعليقات رئيس حكومة الاحتلال على القصف الصاروخي للمقاومة، رداً كافياً على تصريحات رئيس السلطة في رام الله وفريقه الذين دأبوا مراراً على وصف صواريخ المقاومة ب " العبثية"، والمطالبة بإيقاف إطلاقها، متساوقين بذلك مع الاحتلال تماماً. "حماس" ترد على تهديدات الاحتلال وقد استخفت حماس من تهديدات رئيس الوزراء الصهيوني مؤكدة عزمها على مواصلة المقاومة، بكل الوسائل المتاحة لها، وشدد الناطق باسمها الدكتور سامي أبو زهري أن تهديدات إيهود أولمرت "لا تُخيف الشعب الفلسطيني، وإن الحركة ستواجه هذه التهديدات بكل ثبات وصلابة بإذن الله، وأن دماء الأطفال والأبرياء الذين سقطوا من أبناء شعبنا تفرض علينا أن نواجه هذا الاحتلال والعدوان بكل ما نملك". وحمّلت كلا من الإدارة الأمريكية التي أعطت الضوء الأخضر لجرائم الاحتلال، ومحمود عباس بسبب تحريضه ضد المقاومة، مسؤولية ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر في الراضي المحتلة، فقد أشار البيان الصحفي للحركة إلى أن العدوان الصهيوني الواسع على غزة هو "ثمرة طبيعة للضوء الأخضر الأمريكي والصمت الدولي والتحريض المستمر الذي يمارسه رئيس السلطة محمود عباس على حركة حماس وعلى المقاومة".