أثارت التصريحات الأخيرة للدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني الأخيرة هلع المستثمرين في مصر ومخاوف علي الساحة الإقتصادية، بعدما صرح بأن الوضع الاقتصادي في البلاد بات خطير وأن الدولة قد تلجأ إلي إتباع سياسات تقشفية في بعض القطاعات لمواجهة عجز الموازنة خاصة وأن قطاع البترول أصبح مدانًا ب61 مليار جنيه بسبب السياسات السابقة.هذه التصريحات أدت إلى ابتعاد بعض المستثمرين عن استثمار أموالهم في مشاريع مصرية، لتصبح حالة الخوف والحذر والترقب هي السائدة داخل الأوساط الاقتصادي، وباتت عنصر أساسي بين الاقتصاديين في السوق المصري.لذا حاولت النهار معرفة الوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر هذه الفترة، خاصة وأن فجوة عجز الموازنة العامة باتت تزداد يوماً بعد يوم.في البداية يقول الدكتور محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن الحكومة المصرية تواجه مرحلة خطيرة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعدما ابتعد عدد من المستثمرين عن دعم أموالهم في مشاريع مصرية.وتوقع محسن أن تلجأ الحكومة خلال الفترة المقبلة إلي خفض قيمة الجنية، من اجل جذب استثمارات خارجية إلي السوق المصري، خصوصاً في ظل الانخفاض المتواصل للإحتياطي من النقد الأجنبي في البلاد، والذي أصبح بشكل كبير منذ بداية العام الحالي بعدما اندلعت ثورة 25 يناير، إذ تراجعت معدلات السياحة والإنتاج والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر في ضوء التطورات علي الصعيد السياسي والأمني.محسن عادل أبدي تخوفه من تزايد حجم تراجع الاحتياطي النقدي مع بداية العام المقبل إلي نحو 18 و19 مليون دولار، خاصة وأن الاحتياطي النقدي بات علي حافة السقوط والإنهيار.وشدد محسن علي ضرورة أن تقوم الحكومة بوضع أساليب للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، وذلك من خلال عقد مؤتمر اقتصادي يضم كافة خبراء الاقتصاد المصريين سواء بالداخل أو الخارج، وذلك لوضع إستراتيجية قصيرة الأجل للمرحلة الانتقالية إلي جانب ضرورة توضيح محافظ البنك المركزي والمسئولين بالحكومة للرأي العام حقيقة الموقف الاقتصادي الحالي لمصر خلال المرحلة المقبلة وتداعياتها.بينما رأت الدكتورة جيهان عبد السلام خبيرة بسوق المال أن تصريحات الجنزوري لم تكن في وقتها على الإطلاق خاصة وأن المستثمرين في أشد الحاجة للشعور بالاطمئنان، إلا أن رغبته في أن ينقل الوضع الاقتصادي للشعب المصري حتى يهدأ ويقلل تظاهراته قد تسببت في هلع وخوف الكثير من المستثمرين الأجانب، وهو ما اتضح علي مؤشرات البورصة.وأضافت جيهان أن الحكومة ستقوم بإتخاذ بعض إجراءات تقشفية لتحسين وضعها الاقتصادي، وتمويل العجز في الموازنة العامة عن طريق ترشيد الإنفاق الحكومي، خاصة بعدما زاد حجم عجز الموازنة إلى 160 مليار جنيه بعدما كان 134 مليار جنية.وشددت جيهان علي ضرورة أن تضع الحكومة خطة خلال هذه الفترة لتسير علي خطاها من أجل تحفيز الإنتاج وإعادة تشغيل المصانع المغلقة والشركات المتعثرة، وجذب المستثمرين وتسوية المنازعات بين أجهزة الدولة والمستثمرين الأجانب، خاصة وأن الوضع الاقتصادي في مصر حالياً بات في أمس الحاجة إلى مراجعة.وتوقعت جيهان عبد السلام أن يشهد الاقتصاد المصر طفرة مستقبلية ستؤدي إلي نموه وازدهاره خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن ما يشهده السوق المصري هذه الفترة ما هو إلا استكمال لموجة الهبوط والتراخي التي عاشها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، وهو أمر طبيعي لأي دولة.بينما أكد الدكتور هشام صلاح أستاذ الإقتصاد بجامعة المنوفية أن كافة الأحداث التي شهدتها مصر منذ إندلاع الثورة المصرية 25 يناير أدت إلى تخوف جميع الاقتصادين والمستثمرين، موضحاً أن هبوط مؤشرات البورصة بعد أي أحداث قد تقع في مصر لا يعني وجود أزمة إقتصادية خاصة وأن هذا الامر يكون ليوم أو يومين لا أكثر، فمؤشرات البورصة لم تعد يوماً مرآة تعكس حال الإقتصاد المصري.وأضاف هشام أن السوق المصري سيظل في هذا الوضع لحين أن تنتهي الانتخابات البرلمانية، ويتم استقرار الوضع السياسي الذي سيترتب عليه إستقرار الوضع الإقتصادي، لتدخل مصر بعدها طريق التصحيح.وأوضح أن أي دولة في العالم تمر بفترات عصيبة وأزمات مالية عالمية ومع ذلك سرعان ما تعاود نشاطها بعد استقرار الاوضاع بها، مطالباً الحكومة في الوقت ذاته بضرورة العمل علي استمرار دوران عجلة الإنتاج والتصدير للخارج حتي يمكن بمصر التغلب علي بعض أزماتها المالية.