يبدو أن الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة سوف يدفع خلال الفترة المقبلة ثمن مقاومته للفساد في الوزارة وثمن إيمانه بتجديد الدماء في الوزارة العجوز التي باتت مترهلة أكثر من اللازم، وذلك لأن “عواجيز الفرح” مازالوا مصرين على أن يبقى كل منهم في مكانه وألا يغادره إلا إلى القبر. عبد الواحد النبوي الذي أصبح حديث الرأي العام الأسابيع الماضية، مرشح لأن يكون السبب في تغيير وزاري يطيح بالعديد من الوزراء في طريقه، بعد أيام، كما تشير إلى ذلك الصحف التي تتخذ موقفا معاديا له، بينما تتردد أنباء أخرى إلى أن النبوي سيظل باقيا إلى أن يحل تغيير وزاري موسع بعد انتخابات مجلس الشعب المقبل. حالة الضبابية التي يعيشها الجميع انعكست بطبيعة الحال على كواليس وأجواء وزارة الثقافة التي باتت أكثر توترا وعصبية بل وأصبح الشك والتخوين من نصيب جميع العاملين في ديوان الوزارة لأن الحرب على الوزير في هذا التوقيت باتت من جميع الجهات وبلا رحمة أو هوادة وكأنه عندما أطاح بالدكتور أحمد مجاهد من هيئة الكتاب فقد أخطأ في البخاري مثلا أو أنه أطاح بنجيب محفوظ زمانه، على الرغم من أن مجاهد كقيادي يظل قابلا للتقييم وليس أكبر من التقييم باعتباره شخصا عاديا له ما له وعليه ما عليه وكأي مسئول في الدولة يمكن أن يخطئ ويمكن أن يصيب، إلا أن ما فعله مجاهد خلال الأربع سنوات الماضية تجاه المثقفين جعله في مرتبة متقدمة على كونه مجرد وكيل أول وزارة، فأوامر النشر التي كانت تصدر دون الرجوع إلى لجان القراءة أو إدارة النشر في الهيئة وكذلك رؤساء السلاسل الذين عينهم مجاهد في الهيئة، وأيضا من استفاد من النشر في مكتبة الأسرة بعد شراء الهيئة لحقوق الملكية الفكرية، وكل من استفاد من وجود مجاهد في مكانه لابد أن يتحول في نهاية الأمر إلى أداة في يده يحارب بها الوزير إذا اتخذ قرارا مثل هذا، يمكن أن يغلق “السبوبة” التي يحصلون عليها إلى أجل غير مسمى. فالهيئة العامة للكتاب التي تعد أحد أهم الأجهزة المسئولة عن إصدار الكتب الهامة فى مجالات التأليف والترجمة، في مصر والناشر الرسمي للدولة، استقر العمل فيها على نشر الأعمال التى تسد جوانب الفراغ فى المكتبة العربية فى أساسيات المعرفة والموسوعات وكتب التراث والدراسات الإسلامية وكتب الفنون والعلوم وكتب الإبداع العربى العالمى، والإبداع العالمى سواء المؤلف منها أو المترجم أو المحقق، وذلك على أن تكون مكتبة الأسرة من أبرز المشروعات الثقافية المصرية التى تساعد على تكوين مكتبة بكل بيت تضم جميع أنواع المعرفة وتواصل المكتبة تقديم إصداراتها بأسعار رمزية منذ 18 عاماً كرافد من روافد القراءة للجميع. وتتمثل إصدارات الهيئة التي تناهز 29 إصدارا فى عدد كبير من المجلات مثل: فصول وهي مجلة فصلية تعتبر الأولى في النقد الأدبى فى العالم العربى، والرواية والتي تهتم بفن الرواية، والمسرح التي تعد أقدم مجلة للثقافة المسرحية في مصر والوطن العربي، وعالم الكتاب التي تعنى بإلقاء الصور على النتاج الثقافي المصري العربى، والفنون الشعبية من أوائل المجلات المتخصصة في الفلكلور، وعلم النفس لنشر البحوث والدراسات النفسية، وإبداع لنشر الجديد في عالم الإبداع، والمجلة التي أعيد إصدارها وتأسست سنة 1957 وتضم مقالات بأقلام الكتاب والمفكرين أما السلاسل فمن أبرزها سلسلة مصريات التي تعنى بتاريخ مصر القديم، وسلسلة تاريخ المصريين التي تعنى بتاريخ المصريين من شتى النواحي، وسلسلة كتاب الاتحاد لنشر أعمال اتحاد الكتاب بمصر، وسلسلة كتابات جديدة لأعمال الأجيال والتركيز على الشباب، وسلسلة الجوائز لنشر الأعمال الأدبية المترجمة لكل لغات العالم، وسلسلة الألف كتاب الثاني لترجمة الكتب الحديثة للغة العربية، وسلسلة التراث لنشر كتب التراث المرتبطة بالتاريخ العربي والإسلامي، وكتب عامة كتب تتناول موضوعات عامة، سلسلة سابقة تيمور للإبداع المسرحي لنشر الكتب الفائزة في جائزة أدبية، سلسلة اشراقات جديدة لنشر إبداعات الشباب، سلسلة دنيا العلم لتقديم الثقافة العلمية والتكنولوجية بشكل ميسر، وسلسلة إبداع عربي لنشر الإبداعات العربية للكتاب العربي، سلسلة المختصرات التراثية توصيل كتب التراث للقارئ بأسلوب مختصر، وسلسلة الإبداع الشعري المعاصر للشعر العربي الحديث، وسلسلة نجيب محفوظ لنشر البحوث والدراسات حول عطاء الأديب الكبير، وسلسلة الثقافة الشعبية الجديدة في المأثورات الشعبية بكل أشكالها العربية المترجمة، هذا بالإضافة للقواميس والموسوعات وسلسلة الألف كتاب، فضلا عن الموسوعات، مثل موسوعة مصر الحديثة، دائرة المعارف الإسلامية، موسوعة الطفل، موسوعة المرأة عبر العصور. أنصار وحمقى وإذا كنا بصدد تقييم موضوعي لما حدث طوال الفترة الماضية بدءا من إقالة مجاهد فمن السهل واليسير أن ندرك بسهولة ويسر أن عددا غير قليل من رؤساء السلاسل والإصدارات لم يكن له ناقة ولا جمل فيما يحدث وأنهم فضلوا أن يأخذوا موقفا حياديا، وهو أمر لا ينفي تورط عدد من المسئولين عن بعض السلاسل في الهجوم بشكل لافت حماية لمصالحهم مع مجاهد ضد الوزير، ويأتي على رأس هؤلاء شاعر يدعى السماح عبد الله والذي فجر ثورة غضب ضده من قبل المثقفين أنفسهم عندما أساء إلى الدكتور محمد أبو الفضل بدران أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، قائلا: من أين تأتون بهؤلاء البشر أيها الناس؟ وأضاف السماح: الشاعر الإقليمي المجهول الذي أصبح فجأة وبدون أي مقدمات أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، لم ينس أنه إقليمي، فقد أعلن جهارا نهارا أن المجلس تحت رئاسته سوف ينفتح على الأقاليم وسوف يقيم فيها أمسيات وندوات، ويبدو أن أحدا من أهله وعشيرته لم ينبهه إلى الفارق الجوهري بين المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة. أما إذا عرفنا أن الشاعر الإقليمي المجهول، كعادة الشعراء الإقليميين المجهوليين، باحث عن المجد والشهرة وأنه صاحب جمعية أدبية في صعيد مصر اسمها “مؤسسة السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران”فلا تندهش عزيزي الشاعر الإقليمي إذا جاءتك دعوة تدعوك إلى المشاركة في أمسية شعرية بنجع البطيخ التابع لقرية الشمام التابعة لمركز قرع العسل بمحافظة قنا يقيمها المجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع مؤسسة السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران وسوف يفتتحها السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران والموقع عليها من السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران أمين عام المجلس الأعلى للثقافة والسيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران رئيس مجلس إدارة مؤسسة السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران، ولا تسأل ساعتها – عزيزي الشاعر – عمن سوف يدفع لك بدلات الانتقال وتذاكر السفر ومن سيحجز لك الفندق الذي ستبيت فيه ويمنحك الشيك الذي ستضعه في جيبك في نهاية الندوة، هل هو السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران أمين عام المجلس الأعلى للثقافة أم السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران رئيس مجلس إدارة مؤسسة السيد الأستاذ الدكتور الشاعر محمد أبوالفضل بدران، فأموال المجلس و المؤسسة سوف تختلطان بطبيعة الحال. في هذه الأزمة الطاحنة لم يكن جميع المتورطين في الهجوم على الوزير من أنصار مجاهد فقط وإنما كانت الغالبية من الذين لا خبرة لهم بدولاب العمل الثقافي وممن كان لهم مواقف سابقة ضد الوزير وهم ما استغله أنصار مجاهد في الحشد ضد الوزير بشكل كبير دون أن يدرك الغالبية منهم أن مقالاتهم وآرائهم على الفيس بوك وتوقيعهم في البيانات سوف يستغلها البعض لتحقيق مآرب أخرى. أخطاء الوزير لاشك أن وزير الثقافة يتحمل الجزء الأكبر من الأخطاء التي وقعت في الوزارة الفترة الماضية لأنه هو المسئول الأول بها وهو الذي اتخذ العديد من القرارات التي أثارت الجدل وألبت عليه عددا من المثقفين بلا داعي، مثل إقالة الدكتور محمد عفيفي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة والدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومي للترجمة، والنتيجة أن أغلب المثقفين المتضررين من الحرس القديم ومن الفساد المتمثل في التربيطات والشللية في هيئات الوزارة المختلفة بات على الحياد ولا يستطيع التدخل لأن بعض سياسات الوزير باتت تثير الكثير من علامات الاستفهام، والنتيجة أننا أصبحنا أمام وزير بلا أنياب بعد أن تم نزعها من قبل الجهات العليا التي سمحت له بإقالة أقطاب الوزارة إلا أنه إلى جانب ذلك أقال عددا من القيادات التي كانت تعمل بكفاءة وليست محسوبة على الحرس القديم كنوع من التخلص من منافسيه كما أنه ترك عددا من القيادات من أنصاف الكفاءات مثل رئيس قصور الثقافة وغيره من القيادات . هجوم المثقفين لم يقف عند حد بل وصل إلى التجريح في السماح، حيث قال عادل العجيمي: “كلماتك عن الأقاليم وشعراء مصر مليئة بالعنصرية والفجاجة غير المقبولة ، أنت حر في رأيك حول السيد بدران، لكنك لا تمتلك مفاتيح جنة الشعر تدخل فيها من تشاء وتستبعد من لا تريد، أنا بشكل شخصي لا أكتب الشعر وضد وجود هذا الكيان المهترئ المسمى وزارة السخافة ومختلف مع اختيارات هذا الوزير لكنني ضد التحزب وضد هيمنة توجه ما وضد العنصرية التي تفوح من كلماتك، سيدي الشاعر قل كلاما يليق بشاعر”. وقالت الدكتورة سحر عيسى: لو كنا نعرف أستاذنا أن النعت ب(الإقليمي) سيصبح في هذا الزمن عارا لقتلنا كل أدباء الأقاليم من سطروا أحرفا خالدة في التاريخ بأيديهم لا بأيدي وسطاء وشلل ومصالح مشتركة، لا أعرف الرجل ( د. بدران) لكن أحزنني هذا الوصف ونكأ جرحا في الأعماق! بينما قال عبد الحافظ متولى أمين عام مؤتمر أدباء مصر: “هل صار شاعر الإقليم سبة في جبين الأدب من وجهة نظرك؟ وأنت واحد من أقاليم مصر، وهل اطلعت علي سيرة الدكتور بدران لتعرف من هو؟ وهل تظل القيادات الثقافية حكرا علي القاهريين فقط وكأننا أبناء الأقاليم - وهذا شرف لنا- مشطوبون من حسابات القاهريين ؟ ياسيدى هذا كلام لا يليق بك ولا يليق بنا”. أما الدكتور شعيب خلف فقال: ما هذه العنصرية وماهذه الفجاجة التي تذكر بها اسم أستاذ جامعي كان عميدًا لإحدي الكليات المرموقة في صعيد مصر ، وهل هذا كلام يدل أنك تختلف للمصلحة العامة أم تختلف لمصلحة شخصية وما كل هذه (الحماقة) وأنت تعرف قيمة الرجل وقامته وأنت ابن العسيرات في سوهاج وأنا أظن أن هذه (الحماقة ) تداريها بالحديث عن المجلس الأعلي للثقافة وأنت تقصد هيئة الكتاب التي ترتع فيها بنشر كتبك وتنعم فيها بإدارة الندوات في المعرض وغيره والسلاسل وغيرها يا سادتي تحدثوا بموضوعية وللمصلحة العامة لا المصالح الشخصية واعطوا الناس قدرها إن الاستفادات الشخصية هي ما جعلت بقاء الأمر لأصحابه علي راس المواقع الثقافية كل هذا الزمان وكأن مصر عقرت أن تنجب غيرهم إن هذا وأمثاله الذين نسوا أصلهم ظنوا أن القاهرة وحدها هي من تنجب الأدب والعلم والثقافة إن هذا وأمثاله من يدعوا الناس للتمرد والخروج عن القيم والمبادئ وأن الدولة بمؤساساتها لهم وحدهم وهم أحق الناس بها أما الأقاليم وخاصة الجنوب فهم رعاع كيف لهم أن يكون لهم ما ليس لهم. لم يكن السماح عبد الله وحده الذي ناله ما ناله من هجوم، فقد صادقه ولازمه شخص آخر ويدعى شعبان يوسف وهو شاعر أصدر ديوانين تقريبا وناقد ويكتب المقال في بعض الصحف ويعتبر الذراع الأيمن لأحمد مجاهد وكان في بعض الأوقات سبب من أسباب الهجوم على مجاهد خاصة في الأزمة الطاحنة التي أعقبت توزيع جوائز معرض الكتاب عام 2013 حيث اتهمه المثقفون بمحاباة ومجاملة شاعرة صديقته كتب لها مقدمة ديوانها بمنحها إحدى جوائز المعرض، وكذلك لاقى هجوما عنيفا خلال معرض الكتاب الحالي بعد أن قدم المطرب زاب ثروت وهو صاحب أكثر ديوان شعر مبيعا خلال المعرض الحالي. ورغم أن يوسف كان له الصوت الأعلى فب هذه الأزمة إلا أن مواقفه قد تراوحت في هذه الأزمة بعد أن أدرك أن مجاهد سيطاح به بلا شك وأدرك أن مصالحه سوف تتأثر إذا ظل على موقفه الصلب من مهاجمه الوزير فإذا به يتراجع ثم ما لبث أن عاد مرة أخرى لمواقفه السابقة. عشوائية ومجاملات.. ومن اللافت أن المستندات تُثبت أن الهيئة العامة للكتاب في الفترة الأخيرة باتت تُدار بشكل عشوائي، دون خشية حساب أو عقاب، حيث مجاهد بالتوقيع على أوامر نشر بشكل مباشر للعديد من الإصدارات والكتب، دون الالتزام باللوائح والقوانين التي تحكم عملية النشر داخل الهيئة، والتي تقضى بضرورة اعتماد الإصدارات الجديدة من رئيس الإدارة المركزية للنشر، ومدير عام النشر، ومدير الإدارة الفنية، ومدير إدارة الكتب والسلاسل، حتى يخضع الإصدار للفحص والمراجعة. ومن الإصدارات التي تم الأمر بنشرها دون الرجوع لرئيس الإدارة المركزية للنشر أو مدير عام الإدارة العامة للنشر، كتاب خارج من سلسلة علوم اجتماعية بعنوان «الإسلام والعلم»، بأمر نشر بتاريخ 2014/11/19 تأليف برويز أمير على بهائي، وترجمة محمود خيال، وكتاب بأمر نشر غير مؤرخ بعنوان «حكايات بسيطة ليست غريبة ما غريب إلا الشيطان» للمؤلف فهمى حسين، موقع عليه مدير القسم الفني، ورئيس مجلس الإدارة، وتم تجاهل رئيس الإدارة المركزية للمشروعات الثقافية والنشر، ومدير عام النشر، وكتاب بعنوان «قراءات صوفية في أدب نجيب محفوظ» للكاتبة الدكتورة هالة فؤاد، بتوقيع أمر نشر مباشر من الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب، متجاهلا مدير الإدارة الفنية، ومدير إدارة الكتب والسلسلة، ورئيس الإدارة المركزية للمشروعات الثقافية والنشر، ومدير عام النشر.